3 خطوات كي تكسبي لقب أفشل أم في الدنيا

0

وبخي ابنتكِ باستمرار، ميّزي بينها وبين إخوتها (حتى لو دون قصد)، وأخيراً اخسري ثقتها إلى الأبد. هذا كل ما عليكِ فعله كي تكسبي لقب أفشل أمٍ في العالم.. ومع الأسف هذا ما فعلتُه أنا.

كنتُ أفكر دائماً أنها الأوعى، فابنتي ذات الأربع سنوات ذكية جداً وسريعة البديهة. وكنتُ أحمّلها فوق طاقتها دون أن تشعر. خلافاً لأختها الكبرى المصابة باضطراب طيف التوحد، والصغرى التي تبلغ سنة ونصف وما زالت لا تدرك عواقب تصرفاتها. كان اللوم كله يُلقى على أميرتي الصغيرة. دون أن أشعر بذلك، كنتُ ألومها على أخطائها “لأنها تفهم” وأغض النظر عن أخطاء أختيها.

ومع ذلك كانت تتعامل معهن بحب ولهفة واهتمام كبيرين. كانت تلعب دور الأخت الكبرى لأنها كانت تشعر أن أختها تحتاج إلى رعاية خاصة. فتجلس بالقرب منها وتطعمها ولا تتناول الطعام سوى معها، ولا تلعب دون أن تناديها، وتبحث عنها إن غابت قليلاً. تصرفاتها “الواعية جداً” جعلتني أنسى بمنتهى الغباء أنها في نهاية المطاف مجرّد طفلة.

https://unsplash.com/
التبول في الملابس بعد التخلص من الحفاضات

إلى أن أتت فترة وبدأت تتبول في ملابسها على الرغم من أنها تخلصت من الحفاضات. تصرفتُ بهدوء تام، وظننتُ أن تغيّر الطقس وبرودة المناخ هما السبب. إلا أن الأمر تكرر كثيراً، إلى أن فقدتُ ذات يومٍ السيطرة على ردود فعلي وصرختُ فيها بتهوّر قائلةً “ماذا دهاكِ، هل عدتِ طفلةً رضيعة؟ إنها المرة الثالثة اليوم التي تتبولين فيها في ملابسكِ؟ أنا غاضبة منكِ. أنتِ تتصرفين بشكلٍ سيء!”.

بكت كثيراً قائلةً “لا، أنا كبيرة. لا أريدكِ. أريد أن أذهب إلى منزل جدتي”. لم يأخذ الموقف إلا دقائق حتى حملتها واعتذرتُ منها لأنني صرخت. ثم قبلتها، وأخبرتها أنني أعلم أن الطقس بارد، لكن يجب أن نحاول قدر الإمكان أن ندخل الحمام في الوقت المناسب. ولم أتركها سوى بعد أن تأكدتُ أنها سامحتني وقبلتني وهدأت.

قلوب أطفالنا الصغيرة تسامح، لكنها كالكبار إن تألّمت لا تنسى. لا تصدقوا مَن يخبركم بأن الطفل لا يتأثر، وأنه ينسى. كل كلمة تُحفَر في الذاكرة والقلب. وليس هناك أسوأ من الكلمات التي نطقتُ بها حين غضبت.

ردة الفعل التي ظهرت على شكل سلوك أسوأ “الكذب”

في المساء وللمرة الأولى منذ أن تخلصت من الحفاضات، تبوّلت أميرتي في سريرها أثناء نومها. والأسوأ أنها لم تخبرني بذلك. إلى أن دخلتُ الغرفة ووجدُها جالسةً تبكي وحرارتها مرتفعة وملابسها مبللة بالكامل. حملتها بسرعة وأدخلتها الحمام، وأثناء اغتسالها وتبديل الملابس سألتُها “لِمَ لم تخبريني بأنكِ تبولتِ في السرير؟”. فأجابت بحزن “لستُ أنا، أنا كبيرة، أنا لم أتبوّل في السرير”.

كانت أول مرةٍ ابنتي تكذب فيها عليّ. تهانينا، لقد كسرتُ ثقتها بي. هكذا أعزائي ربحتُ لقب أفشل أمٍ في العالم، ربحته بجدارة. وهكذا جلستُ مساءً أقبلها طيلة الليل وأبكي وأخبرها بأنها كبيرة وذكية وأنني أحبها كثيراً وأعتذر. علّ بعض الكلمات اللطيفة تخفف من وطأة بشاعة ما نطقتُ خلال النهار. لكنني أدرك أنها لن تنسى هذا الموقف، فقد جرحتُها وتناسيتُ كل الأمور الجيدة التي تقوم بها مركزةً على سلوكٍ سيءٍ واحد، سببه من الأساس الغيرة.

هو الغضب الذي يدمّر أعظم العلاقات حين يسيطر.. هي تلك اللحظات.. اللعنة على تلك اللحظات التي تهزمنا فنتحدث دون وعي، وندمّر ما بنيناه في سنوات ببعض الكلمات.

اترك رد