سوء السلوك عند طفلك الصبي : الأسباب والحلول
سوء السلوك:
ينفق الأهل الكثير من الوقت والطاقة والموارد في محاولة تشكيل وتغيير سلوك الطفل. ويشكّل العديد من مقاربات التربية وتعليم آداب السلوك، كالعقاب أو المكافأة أو الاحتجاز أو حرمان الطفل من امتيازاته وممتلكاته، محاولات للسيطرة على ما يفعله الطفل.
إلا أن ثمة طريقة أكثر فاعلية. يريد الطفل الارتباط وهو يحتاج إلى الإحساس بالانتماء والأهمية. لكن، بما أنه ولد صغير وغير ماهر، نجده لا يفهم دوماً كيف يحصل على ما يحتاجه بطريقة ايجابية. لذا، يعتمد ما يبدو له أنه ينجح وهذا قد يعني أيّ شيء إن كنت طفلاً صغيراً.
المعتقدات خلف السلوك أثناء العمل
سيناريو
تخيّلي السيناريو التالي لتفهمي بشكل أفضل أهمية اكتشاف المعتقدات التي تكمن خلف سوء سلوك ابنك. كيم أم مشغولة فهي تدير عملها من منزلها وتضطر غالباً إلى تمضية وقت طويل وهي تتحدث عبر الهاتف. هذا الأمر لا يزعج كيم لكن يبدو أنه لا يناسب دوماً ابنها تيموثي الذي يبلغ من العمر أربع سنوات. يحتاج تيموثي للإحساس بالانتماء والارتباط بأمه شأنه في ذلك شأن الصبية الصغار في مثل سنه، وعندما تكون في الرابعة من العمر وولداً وحيداً فهذا يعني اهتماماً تاماً.
في صباح أحد الأيام، رن جرس الهاتف فجلست كيم وهي تحمل دفتر ملاحظاتها لتتحدث إلى أحد زبائنها. التفت إليها تيموثي الذي كان يبني قلعة بسعادة وتنهد وكأنه يقول في سرّه «ليس مجدداً». لكن تيموثي يعرف كيف يلفت انتباه أمه.
راح ينتحب وهو يشد كيم من سروالها قائلاً: «ماما، أريد بعض العصير».
همست كيم: «هشششش، عزيزي، إني أتحدث عبر الهاتف». ثم قالت للشخص الذي تكلمه عبر الهاتف: «انتظر للحظة رجاءً، إنه ابني الصغير». والتفتت إليه قائلة بنفاد صبر: «أنت تعرف أين علب العصير يا تيموثي فاذهب واحضر واحدة بنفسك».
تعود كيم إلى مكالمتها فيما يجول تيموثي في المطبخ. يأخذ علبة عصير من الثلاجة لكنه… يتمكن من إراقة نصفها فيما هو يضع القشة في الثقب الصغير. عندما رأت أمه الفوضى التي أحدثها، نظر إليها تيموثي نظرة بريئة ووضع العلبة في بركة العصير ثم راح يرسم أشكالاً بالعصير على أرض المطبخ.
وقائع
تشير جاين نيلسون، دكتور في التربية، إلى أن سلوك الأولاد هو نوع من الشِفرة، فتصرفاتهم هي طريقتهم في إطلاعنا على مشاعرهم وأفكارهم وحاجاتهم. ويكون سلوكهم أحياناً مضللاً لكنك ستكونين أماً أكثر فاعلية إذا ما بحثت عن المعتقدات الكامنة خلف سلوك طفلك وعملت معه على حل المشاكل التي تواجهانها.
قالت كيم: «تيموثي أحضر اسفنجة». لكن الضرر وقع. إذا ما تابعت حديثها عبر الهاتف، فسيستمر تيموثي في اختراع طرق جديدة للفت انتباهها. هو لا يسيء التصرّف عن عمد على الرغم مما تبدو عليه الأمور، لكنه تعلّم خلال سنوات عمره الأربع مع أمه أن سوء التصرف سيلفت انتباهها بينما لا يفعل ذلك حسن التصرف. وغضب أمه منه هو طريقة للتواصل بالنسبة لطفل في الرابعة من عمره أفضل من أن يتم تجاهله.
التعامل مع المعتقدات قبل السلوك
ماذا على كيم أن تفعل؟ إن سوء التصرّف هو دعوة للبحث عن حلول. يبدو أن تيموثي يعتقد أنه مهم بالنسبة إلى أمه عندما يحصل على اهتمامها بشكل حصري، وستكون كيم أكثر فاعلية عندما تخطط لهذه اللحظات غير المشجّعة.
- 1 – تجلس كيم مع تيموثي وتعلمه أنها تحتاج لأن تقضي بعض الوقت على الهاتف من أجل عملها. تذكّره بأن عملها يسمح لها بأن تبقى في المنزل معه وهو أمر مهم لها وتطلب منه مساعدتها (يمكن للأولاد أن يكونوا متعاونين ومبدعين عندما نطلب منهم أن يعطونا أفكارهم أو يمكن أن يتحدوننا عندما نأمرهم بأن يطيعوننا).
- 2 – تسأل كيم تيموثي إذا كان لديه أيّ أفكار عما يمكن أن يفعله حين تضطر هي لإجراء مكالمة . يفكر تيموثي في السؤال ملياً ثم يقترح أن يعدّا «كيس هاتف» كذاك الذي يستخدمانه للرحلات في السيارة. توافق كيم ويحضّران معاً كيساً من الألعاب الصغيرة غير المكلفة والكتب التي يتم استخدامها فقط عندما تتحدث ماما عبر الهاتف.
- 3 – تقرر كيم أن تضع حدوداً لمواعيد اتصال الزبائن وأن تعلمهم بساعات العمل لديها . تدرك أن إيجاد توازن بين وقت العمل ووقت العائلة سيساعد تيموثي على أن يشعر بالأمان. كما تتفق مع تيموثي على تخصيص نصف ساعة يومياً لتكون وقتهما المميز معاً… وقت يخصصانه للتواصل والتحدث واللعب معاً.
- 4 – يتفق كيم وتيموثي أيضاً على تخصيص درج للمأكولات الخفيفة حيث يمكن لتيموثي أن يحصل على مأكولات صحية عندما تكون أمه منشغلة جداً بحيث لا تستطيع أن تحضرها له . إنما عندما يفرغ الدرج لا يحصل تيموثي على أيّ وجبات خفيفة أخرى خلال اليوم، ويعود لتيموثي أن يختار موعد أكلها. وسرعان ما سيدرك أنه عندما تقول أمه إنه لن يحصل على المزيد فهي تعني ذلك ويتعلّم أن يجعلها تدوم لوقت أطول.
- 5 – يستخدم كيم وتيموثي أيضاً ساعة المطبخ لمساعدة تيموثي على تعلّم الصبر . عندما تجري كيم اتصالاً، تضبط الساعة بحسب الوقت الذي تعتقد أنها تحتاجه لمكالمتها. تطلب من تيموثي أن يمسك بالساعة وعندما ترن يأتي ليذكر أمه بأن عليها أن تنهي اتصالها وأن تمضي بعض الوقت معه.
هل ستمنع هذه الأفكار تيموثي من أن ينتحب ويرجو أمه أن تلتفت إليه؟ حسن، ربما لبعض الوقت. تتعامل هذه الأفكار مع المعتقدات والمشاعر التي تكمن خلف سوء سلوك تيموثي وستساعده على أن يتعلّم كيف يتعاون مع أمه، لكن تيموثي وكيم سيحتاجان لإجراء الكثير من الحوارات المماثلة في السنوات القادمة. سيساعدك البحث عن المعتقدات الكامنة خلف سلوك ابنك على أن تكوني أماً أكثر هدوءاً وفاعلية.