الأهل المثاليون:
استيقظت باكراً جداً رتبت المنزل وجهزت ما يحتاجه أولادي للمدرسة ثم خرجت مسرعة للوصول إلى عملي فأي تأخير سيقابله انتقادات وكلمات سامة أنا بغنى عنها.. دوامي طويل وفي كل يوم أعود إلى بيتي بعد عودة أطفالي من المدرسة. اثناء عودتي الى البيت كنت احلم بساعة من الراحة اقضيها على سريري. فيومي هذا كان متعباً جداً. وصلت إلى بيتي “وليتني ما وصلت” فما ان فتحت باب البيت حتى شعرت أن كل شيء مقلوب رأساً على عقب. ما فعله أطفالي بعد عودتهم من المدرسة صدمني فالحقائب على الأرض والجاكيتات مرمية هنا وهناك وصحون الطعام في غرفة الجلوس والصالون والأحذية متطايرة في كل مكان. بيتي الان أشبه بالزريبة .لا أدري ما الذي أصابني فالغضب اعتمل في قلبي وكل جسمي وبدأت أصرخ وأصرخ على اطفالي الكسالى المهملين.. وصل صراخي إلى سابع سماء .. كان أطفالي ينظرون إلي بدون أن يحركوا ساكناً. دخلت الى غرفتي ارتجف من الغضب والتعب واليأس ..ووضعت رأسي بين قدمي وبكيت بحرقة. أولاً لأنني صرخت كالمجنونة وثانياً لأنني متعبة ومستنزفة وثالثاً ؟لأنني أم فاشلة..
هذه المرأة عادت إلى بيتها لتجده كالزر يبة فهل أخطأت بصراخها وهل عليها ان تشعر بالذنب وهل هناك أهل مثاليون؟ في مقالاتنا اليوم سنناقش هذا الموضوع.
الأهل المثاليون غير موجودين
يظهر أن الشعور بالذنب يرافق الأهل. لربما فقدتم أعصابكم وصرختم على ابنكم. أو لعلكم تكافحون لتوفير ما يكفي لأطفالكم. أو قد تكونوا قلقين من أنكم تفرطون فيما تفعلونه لطفلكم.
مهما كان السبب، معظم الأهل يواجهون الشعور بالذنب. لقد تحدثت في جلسات التدريب التربوي مع الكثير من الأهل الذين يلاحقهم الشعور بالذنب حيال شيء فعلوه. هم يعتقدون أنهم فشلوا كأهل. ولكن كما يعلّمنا جيمز ليهمان في برنامج (التحول الكلي: “الأمر لا يتعلق بإلقاء اللوم أو ارتكاب الخطأ؛ إنه يتعلق بتحمل المسؤولية.”
إن تحمّل المسؤولية يبعد إلقاء اللوم عن الموقف ويساعد الأهل في التركيز على الخطوة القادمة. لذا، سامحوا أنفسكم على هذه الأخطاء التربوية. هذا يعني وضع اللوم جانباً، ومسامحة أنقسكم على أي خطأ أو تقصير ترونه، والمضي قدماً بمنظور جديد.
1. سامحوا أنفسكم على فقدان أعصابكم
سامحوا أنفسكم على فقدان أعصابكم والصراخ على أطفالكم بسبب الشعور بالغضب والإحباط. كلنا يشعر بالإحباط وتتملّكنا مشاعر سلبية تجاه أبنائنا في بعض الأحيان. من الطبيعي أن تشعروا بالغضب أو الإحباط أو الخيبة عندما لا يتصرف أبناؤكم كما تتوقعون. وبالطبع، من المستحيل أن يبقى أحد هادئاً طوال الوقت.
إذا كنتم كمعظم الأهل، فعلى الأغلب أنكم ترفعون صوتكم أو حتى تصرخون على أطفالكم من حين إلى آخر. دعونا نواجه الأمر، الأطفال بارعون في اللعب بأعصابنا. يكرّس الأطفال أنفسهم لمراقبتكم وهم يعرفون تماماً ما يدفعكم إلى الجنون.
تفهّموا أنه من الطبيعي جداً الإحساس بالذنب بعد فقدانكم للسيطرة على أنفسكم. وثقوا أن هناك خيطاً من الأمل. لديكم الآن الفرصة لإظهار كيفية تحمل المسؤولية وحل المشكلات أمام طفلكم.
على سبيل المثال، يمكنكم أن تقتربوا من طفلكم وتُبدوا اعتذاركم وتتحملوا مسؤولية فقدانكم لأعصابكم. يمكنكم أيضاً إخباره بالطريقة التي تنوون أن تحلوا بها المشكلة في المرة القادمة. يمكنكم القول:
“في المرة القادمة التي أغضب بها، سأبتعد وآخذ فرصة لتهدئة نفسي.”
استغلوا هذه اللحظة لتعلّموا طفلكم كيف يشعر بالندم ويعتذر ويتحمل المسؤولية.
وتذكروا، عندما تعتذرون، لا تُتبعوا الاعتذار بكلمة “ولكن”.
2. سامحوا أنفسكم لعدم ثباتكم على نفس الأسلوب بالتأديب
جزء من وظيفة الأهل هي أن يحددوا الضوابط لأطفالهم. واعلموا أنه من الصعب أن تلتزموا دائماً بهذه الضوابط. قد تكونون مُتعبين أو غارقين أو فقط غير متأكدين من كيفية التعامل مع سلوك ابنكم. قد يرفض طفلكم الضوابط ويعارضكم ويغضب منكم. كل هذه العوامل تجعل التمسك بالضوابط التي وضعتموها أصعب.
إذا كان هذا هو الحال معكم، فتذكروا هذا: إذا لم ينزعج طفلكم منكم على الإطلاق، فمن المحتمل أنكم لا تقومون بعملكم كما يجب. عندما تضعون ضوابط وحدوداً لطفلكم، سيكون هناك فترات سيشعر فيها بالحزن أو الغضب منكم. إن دوركم هو أن تضعوا ضوابطاً ولن يكون ابنكم سعيداً بالالتزام بها كلها. هذه هي طبيعة الضوابط.
لكي يتحسن التزامكم الدائم بهذه الضوابط، اسألوا أنفسكم بعض الأسئلة. ما الذي يجعلكم تتعثرون بالعواقب أو تخضعون لها؟ هل نسيتم ما قلتم إنكم ستفعلونه؟ أم أنكم مرهقون جدًا بحيث لا يمكنكم المتابعة؟ حددوا العوائق التي تواجهكم، ثم ضعوا خطة لمعالجتها واحدة تلو الأخرى.
إذا كنتم تؤمنون بأنكم لم تضعوا ضوابط كافية في السابق، لا تيأسوا. لم يفت الأوان لكي تبدأوا بتحديد الضوابط والحدود. اختاروا أولاً موضوعاً واحداً لتركزوا عليه، مثل الكلام الفظ. ثم ابدأوا ببطء في إضافة المزيد من الحدود.
قرروا مسبقاً كيف ستحاسبون طفلكم إذا لم يلتزم بالضوابط. وتوقعوا أنه في البداية سيرفض وسيعارضكم. قد يستغرق الأمر وقتاً حتى يتأقلم مع الوضع إذا لم يكن معتاداً على الضوابط، وسيفرغ غضبه عليكم. ولكن اتخذوا موقفاً حازماً وستستقر الأمور. ليس الأمر سهلاً، ولكن الأوان لا يفوت أبداً على البدء بوضع المزيد من الضوابط أو على أن تكونوا أكثر إصراراً في تطبيق الضوابط.
ترقبوا في المقالة القادمة: أخطاء أخرى عليكم مسامحة أنفسكم عليها: