لماذا عليك، إذا أردتِ تربية طفل مميز ومحترم، أن تهتمي بنفسك

0

لماذا عليك أن تهتمي بنفسك؟
تخيّلوا ثنائياً هما جيم ومارلين. لم يرزق هذا الثنائي بطفله الأول إلا بعد فترة انتظار امتدت على تسع سنوات. عندما ولد ويلي أخيراً، وجد جيم ومارلين نفسيهما يخططان لحياتهما كلها التي تتمحور حوله.

استمر جيم بالعمل فيما تركت مارلين عملها في العقارات لتتفرغ للأمومة، فقد سمعا أن مراكز العناية بالأطفال ليست جيدة للصغار. وتوقفا عن متابعة دروسهما في الرقص لأن ويلي كان يبكي كلما وصلت جليسة الأطفال، كما امتنعا عن الذهاب إلى الكنيسة لأن ويلي لم يتأقلم مع الحضانة. كان ويلي يحب أن يُحمل ويبكي كلما وضع أرضاً فاعتادت مارلين أن تضعه دوماً على وركها فيما هي تقوم بأعمالها المنزلية اليومية.

أثناء نشأته، حصل ويلي على كل لعبة جديدة وعلى حاسوبه الخاص وعلى ملابس جميلة تتماشى مع الموضة. وكان يشارك في النشاطات كصف الرياضة البدنية وصف السباحة وكرة القدم وبايسبول الصغار ويلعب في بعد ظهر كل يوم من أيام الأسبوع مع الأولاد. بدأت مارلين تشعر بالإرهاق والاكتئاب؛ فهي تقضي معظم وقتها في السيارة ولا تمارس أيّ رياضة كما لا تتحدّث إلى أصدقائها، وبدأ جيم يفتقد الشريكة الحيوية والنشيطة التي شاركته حياته قبل ولادة ويلي. بقي الوالدان يكرسان حياتهما لابنهما لكنها كانا يتساءلان في سرهما: أليس للأهل الحق في أن يكون لديهم حياتهم الخاصة أيضاً؟

عامل نفسك باحترام

يعتقد العديد من الأهل أن تربية ولد يتمتع بالثقة في النفس تعني أن نفعل أيّ شيء من أجله وأن نعطيه كل ما يريده. في الواقع، يعتقد الكثير من الناس ذلك بحيث أن خبراء التسويق في اميركا ينفقون حالياً 15 بليون دولار أميركي سنوياً لبيع منتجات للأطفال والمراهقين، أيّ ما يفوق ما اعتادوا إنفاقه قبل عقد بمرتين ونصف. لماذا؟ لأنهم يعرفون من يتحكّم فعلياً بالمصروف في المنزل: إنهم الأطفال.

يستحق ابنك أفضل ما يمكنك تقديمه، وهو يحتاج إلى وقتك وطاقتك والتزامك وصبرك وحبك. لكن توقفي لحظة لتفكري: إذا وضعت نفسك دوماً في المقام الأخير على سلم أولوياتك، فما الذي سيحصل لصحتك الجسدية والعاطفية؟ ما الذي سيقرره ابنك بشأن مكانه في العالم؟ وماذا عنك؟ قد لا تكون النتائج الطويلة الأمد لإعطاء ولدك الأولوية دوماً هي ما تبتغينه.

الاهتمام بنفسك

تذكري أن طفلك يراقبك دوماً لاكتشاف المسائل الأهم في الحياة. سيتعلّم أن يحترمك حين تحترمين نفسك؛ سيتعلّم أن يقدّر الحياة ويحبها عندما تظهرين له كيف يفعل ذلك. وسيتعلّم أن يكون متطلباً وأنانياً إذا علّمته أفعالك أنّ عليه أن يحصل على ما يريده ساعة يريده. تتطلب تربية طفل سليم أن تكوني أماً سليمة.

حافظي على صحتك الجسدية

تعتبر الرياضة دواء فعالاً مضاداً للاكتئاب وللقلق. خصصي بعض الوقت يومياً لحضور دروس يوغا أو لممارسة الرياضة أو للسير بنشاط مع صديق. اتبعي نظاماً غذائياً صحياً وابذلي جهدك كي تحصلي على قسط وافٍ من النوم. ستتمتعين بقدر أكبر من الطاقة ومن الصبر (وبقدرٍ أقل من المرض) إذا ما اعتنيت بجسدك.

حافظي على تيّقظك الذهني

أكثر من والدة لطفل صغير وجدت نفسها ساهمة في عشاء دعيت إليه أو غارقة في الحديث عن التدريب على استخدام المرحاض. لا تنسي أن تتصرفي كشخص راشد في المناسبات. يمكنك أن تتابعي دروساً ما مرة في الأسبوع أو أن تخصصي بعض الوقت لقراءة كتاب أو أن تستمتعي بأيّ نشاطات مسلية أخرى (لا، هذا ليس بتصرف أناني كما أنه لن يؤذي ولدك). ستتحملين المهام الروتينية وتكرار الوظائف التربوية بشكل أفضل إذا كان لديك ما تتطلعين إليه.

حافظي على تواصلك العاطفي

مما لا شك فيه أنك تحبين طفلك، إلا أنك مازلت شخصاً راشداً وتحتاجين إلى دعم أشخاص راشدين وإلى التواصل معهم. ابذلي قصارى جهدك كي تخصصي بعض الوقت لصداقاتك؛ يمكن لاتصال هاتفي بصديق أن يساعدك على تجاوز أكثر اللحظات صعوبة في حياتك مع صغيرك. تواصلي مع أمهات لديهن أولاد في مثل سن ابنك وتشاركن القصص والتجارب. سيساعدك كثيراً أن تعلمي أنك لست وحيدة.

حافظي على قوتك الروحانية

قد تجدين القوة والراحة في الإيمان أو يمكن أن تقوي نفسك بالعمل من أجل البيئة أو من أجل قضية تؤمنين بها. مهما كان موضوع شغفك، احرصي على أن تخصصي له بعض الوقت في حياتك اليومية. سيتعلّم ابنك بشكل أفضل من المثل الذي تعطينه له، ويمكن للقيم التي تقدِّرينها أن تصبح قاسماً مشتركاً بينكما مدى الحياة.

حكمة وليس أنانية

قد تعتقدين أنه تصرف أناني أن تفعلي شيئاً لنفسك وأنت أم. من المهم طبعاً أن تقضي الوقت مع ابنك ومع العائلة، لكن أن تعتني بنفسك لا يعني أنك تتصرفين بأنانية بل بحكمة. تخيلي أن طاقتك أشبه بمياه في إبريق من الكريستال. كلما ساعدت شخصاً آخر أو اتخذت قراراً أو عالجت أزمة، تسكبين المياه من الإبريق. ماذا سيحصل عندما يفرغ الإبريق؟ إنّ إيجاد طرق لإبقاء الإبريق مليئاً، عبر تخصيص الوقت للحفاظ على صحتك الجسدية والعقلية والروحية، هو أحد أهم الأوجه للتحلي بالحكمة والحنان كأم.

اترك رد