تتساءلون عن سبب سلوك طفلكم السيء.. إنه يستمد طاقته السلبية منكم أنتم…

0

سلوك الطفل السيء: لم أعد أطيق ابني، لم أعد أستطيع أن أتحمله

أسمع هذه الجملة يومياً أثناء محادثاتنا الهاتفية، والأسوأ من ذلك أنها تقولها على مسمعه. ولطالما سمعتها أثناء تحدثنا في مجموعة أهالي الطلاب تتفاخر بأنها وجدت وسيلة للسيطرة على طفلها وهي “الحذاء!!!!”، حين ترفع الحذاء وتهدد طفلها يخاف منها ويهدأ.
حاولتُ تجنب التدخل في شؤونها، لأنني أعلم أن كلماتي ستكون قاسية حداً، وأعلم إلى حدٍ ما أن هذا النوع من الأشخاص لا يتغير بسهولة. إلى أن تَرَكَت الهاتف ذات يومٍ من شدة انفعالها وسمعتها تضربه.

جُنّ جنوني. والسبب أن طفلها يعاني من اضطراب طيف التوحد وفرط الحركة. فيطلق أحياناً نوبات غضب أو يثير الفوضى في المنزل. والسبب الأهم أنني أمٌ لطفلة تعاني من نفس المشكلة وأعلم تماماً أنهم يستخدمون هذه الطرق للتعبير عن انفعالاتهم لأنهم لا يملكون أي وسيلة تعبير أخرى لا من حيث اللغة والكلام ولا من حيث مهارات التواصل.

قررتُ ألا أنفعل، مع أنني أشعر في داخلي ببركان غضبٍ يفيض. وأعدتُ الاتصال بها وكان حديثي عبارة عن قصة عن تجربة مماثلة خالية من أي نظريات. وأوجه هذا الحديث إلى كل أم تفقد أعصابها بشكل يومي على أطفالها:

عزيزتي أنا أفهم انفعالكِ وكم الضغوطات التي تمرين بها، وأفهم أنكِ تشعرين بالإجهاد والتعب وعدم القدرة على السيطرة على الأمور يثير جنونكِ، لكن:
  • هل فكرتِ يوماً بسبب تصرف طفلكِ على هذا النحو؟ سأخبركِ عن تجربتي، ذهبتُ لمقابلة معلمة علاج إنشغالي لأجل ابنتي، وأخبرتها وأنا أبكي أنني لا أستطيع السيطرة على الوضع، طفلتي في غضبٍ دائم وحركة مستمرة. تعاندني وترمي نفسها أرضاً. أنا متعبة جداً. أرجوكِ علميني كيف أتواصل معها. أنا أكاد أفقد الأمل!
    طلبت مني بهدوء والابتسامة ترتسم على وجهها أن أحضر جلسةً معهما. وهذا ما حصل. دخلتُ وبدأت تضع الموسيقى لابنتي وترقص معها وتعلمها حركات الرقصة. ثم بدآ بتنفيذ نشاطٍ ممتع وكانت تدعم ابنتي بصوتٍ فيه كم كبير من الحيوية والفرح “برافو بارا! أنتِ رائعة!”. وكلما علا صوتها أكثر كلما تفاعلت ابنتي أكثر.
    ذُهلت! مَن هذه الطفلة التي تتصرف بهذا الشكل؟ من استبدل ابنتي؟ ومن أين أتت هذه المعلمة بهذا الكم من الحياة والطاقة الإيجابية؟
    انتهت الجلسة، واقتربت الأخصائية مني وقالت لي جملة لم أنساها ولن أنساها طيلة حياتي. وضعت يدها على جهة قلبي وقالت بهدوء “أطفالنا يستمدون طاقتهم الإيجابية أو السلبية من هنا، من قلبنا نحن. ما نشعر به سيشعرون به، وما نعبر عنه سيعبرون عنه. نحن من نصنع يوم أطفالنا ومزاجهم”. ثم تابعت “إن هذا اليأس الذي يغمركِ يفيض منكِ إليها، إن هذا التوتر الذي تشعرين به تشعر به ابنتكِ تلقائياً، إن هذا الخوف الذي تهربين منه يلاحقها أيضاً. اهدأي، اعثر على سبيلٍ كي تهدي وستهدأ”.

هذا ما حصل. وجدتً سبيلاً كي أهدأ، انطلق من إيماني وتسليمي بقدر الله. وهدأت ابنتي وتغيّرت وتحسنت طرق التعبير لديها وقلت نوبات الغضب وأصبحت علاقتنا ممتازة.
رجاءً جدوا سبيلاً كي تهدأوا. لا يوجد ما هو أهم من سعادة أطفالكم في الدنيا بأسرها. إن كان جدول أيامكم مكتظاً، حاولوا التخلص من بعض الضغوطات واجعلوا أطفالكم أولوية، إن كان هناك خوف يغمركم حاولوا التخلص منه، لأجل أطفالكم ولأجلكم، جدوا سبيلاً!
سماح خليفة

اترك رد