الأخوة الأعداء : الطفل الطاغيّة والطفل الضحيّة

0

العلاقات الأخوية: إنّ العلاقة المقطوعة مع أخٍ أو أختٍ تجعلنا نتوق دوماً إلى المصالحة. لعلنا علقنا في الحزن والأسى لأننا لا نستطيع أن نتخلى عن هذه العلاقة التي ينبغي أن تكون قائمة والمفقودة فعلياً.
نحن ننتظر إما اعتذاراً لن نحصل عليه وإما تقديراً لما فعلناه وإما تقبّلاً من قبل العائلة. عندما نحاول إصلاح الأمور مرة تلو المرة ولا نحقق أيّ نتيجة، نشعر بأننا عاجزون.

نتمكّن أحياناً من إصلاح العلاقة. وعلينا في أحيان أخرى أن نتقبّل الأمور كما هي وأن نتقبّل فكرة أننا لن نفوز بحب الأخ أو الأخت.

في سيناريو سليم وصحيّ، يفرض الأهل اجراءات تأديبية على الولد الذي يتصرّف بشكل عدائي وعديم الاحترام.
لكن بعض الأهل لا يفعلون ذلك بسبب مشاكل التعلّق لديهم وصدماتهم المكبوتة من الماضي. وهم يفعلون كل ما في وسعهم كي يرضوا أولادهم لأنهم يخشون النزاعات والخلافات ويخافون أن يتخلى هؤلاء عنهم.
لا يريدون أن يكونوا سلبيين ولا يقومون بأيّ ردّ فعل إزاء سلوك أولادهم السيء. وتجنّب ممارسة السلطة الأبويّة يترك للأولاد حريّة أن يضعوا حدودهم الخاصة، وهو ما يُعتبر مهمة مستحيلة.

Little brothers standing together near window at home
في وجود الترهيب بين الأخوة والأخوات، تظهر ديناميكية الطاغية والضحية.

والتساهل مع السلوك العنيف للولد الذي يلجأ إلى الترهيب في علاقته مع أخوته ليس بالأمر الجيّد له. فالأولاد يحتاجون إلى حدود يضعها الأهل لهم.
عندما لا يستطيع المعتدي “أن يشعر” بالحدود لأن الأهل لم يحددوها، يبدأ باستشعار العالم كمكان فوضويّ ومخيف.
غالباً ما يكون المعتدي طفلاً تم إهماله أو إساءة معاملته أو جرحه، وهو يشعر بالعجز والمهانة في داخله لكنه لا يستطيع التعبير عن ذلك إلا بإساءة معاملة أخوته وأخواته.
تعلّم الطفل الضحية أن يصمت لأنه لم يجد طيلة حياته من يرغب في سماعه. وهو يتعرّض للعنف باستمرار لكن ما من أحد يصدّقه. أما خياره الوحيد فهو أن يتعايش مع صدمته وأن يدفنها في أعماق روحه.

وفي مرحلة لاحقة من حياته، تعود هذه الصدمات للظهور على شكل تعب مزمن أو آلام جسديّة أو اكتئاب أو قلق مفرط.

وبدلاً من أن يعبّر بحريّة عن غضبه وأن يدافع عن حدوده، يلقي باللوم على نفسه ويكبت العنف الذي وقع ضحيته. وهكذا، يصبح صارماً للغاية مع نفسه فيما يقوّض “نقده الداخلي” ثقته بنفسه باستمرار.
تحمل الضحية جروحها وندوبها النفسيّة وشعورها بالخزي والعار طيلة حياتها، ولا تشعر أبداً بأنها شخص كامل.
يمكن ألا يصدّق أنه يستحق الحب ويفوّت الفرص ويخرّب العلاقات العاطفيّة. وأحياناً، يصبح هو نفسه طاغية لأنه لا يستطيع أن يحتفظ بالحقد والاستياء المتراكمين في داخله.

عندما يُقدم أشخاص يُفترض بهم أن يحبوننا على جرحنا أو خيانتنا أو التخلي عنا، نشعر بالجرح في أعماقنا ما يؤثر في جوانب أخرى من حياتنا.

اترك رد