لماذا علينا أن نستغني عن المدرسة ونجرب طريقة جديدة لاكتشاف مواهب أولادنا ؟
مواهب أولادنا:
كيف ننمي شغف مراكز اهتمام أطفالنا؟
على مر السنين نرى مراكز اهتمام كبيرة ترتسم أمامنا. يجب أن نفعل كل ما بوسعنا لتنميتها إلى أقصى حد لأنها تتيح للطفل أن يجد طريقه حقاً.
ولكن علينا أيضاً أن نترك مساحة كبيرة لكل شيء آخر: الألعاب والاجتماعات والضحك والعفوية والطبيعة لأنها تلبي احتياجات أساسية للتواصل والمشاركة.
أحياناً تكون تنمية بعض مصادر الشغف أسهل من غيرها: إذا كان طفلكم شغوفًا بالرسم أو الديناصورات، ستتمكنون من إحضار الكثير من المواد التي يمكنه الاعتماد عليها للتعمق في هذا المجال. إذا كان طفلكم مهتماً بطب الأسنان، كابننا الثاني، فهذا يعقد الأمور قليلاً، لكن الأطفال لديهم القدرة على أن يكتشفوا بأنفسهم الأمور التي تنمي شغفهم. على سبيل المثال يقوم ابننا باستكشاف أسنان الأسماك التي نشتريها قبل طهيها، كما أنه وجد سبيلاً كي يصبح صديقاً لطبيب الأسنان ويطرح أسئلة تتيح لنا مساعدته على التعمق في هذا المجال والمضي قدماً. يمكننا الوثوق بالأطفال أيضاً: فهم لا يتخلون بسهولة عن موضوع يشغل تفكيرهم ويثير شغفهم!
وفي النهاية نصل إلى مرحلة عمرية يصبح من الأصعب علينا تنمية شغف أطفالنا بأنفسنا. في هذه المرحلة علينا بالتالي أن نخلق سبل اتصال.
يبلغ ابننا الأكبر الآن 10 سنوات، وقد نما شغفه بالعلوم والتكنولوجيا وأشعر أنني لم اعد قادرة على تنمية هذا الشغف بنفسي. فبصراحة، هذه المواضيع لا تهمني بما يكفي كي أتمكن من مناقشته بطريقة ذكية لأكثر من دقيقتين حول محركات الاندماج النووي أو الحقن…
لذلك أكتفي بإنشاء روابط له حتى يتمكن من العثور على الموارد والمصادر المناسبة لتنمية شغفه ضمن بيئته ومحيطه.
يمكن أن تتخذ هذه الروابط أشكالاً متنوعة جداً: ورشة عمل في متحف؛ لقاء أسبوعي مع مهندس متقاعد؛ زيارة إلى أحد المختبرات المهمة؛ تقديم مجلة علمية؛ دروس ميكانيكية في أحد المرائب. ورشة نجارة.. وما إلى ذلك من وسائل… مهمتنا هي أن نجد له أشخاصاً يمكن اعتمادهم كمرجع يتخذهم طفلنا قدوة في مجاله ويتعلم منهم.
انا أعترف هنا أننا دائماً في حالة تأهب واستعداد وحين نلاحظ فرصة، نسارع إلى استغلالها!
وماذا عن مجالات التعلم الأساسية؟
التعليم غير الرسمي يتيح لنا الحصول على منافع الحماس والشغف من خلال التجربة. أليس ذلك من مجالات التعلم الأساسية؟
لنكن واقعيين، ابني الأكبر لا يتمتع بمستوى “كافٍ” في الدراسة فيما يتعلق بمادتي الرياضيات واللغة. لكن بالنسبة لي، لا مشكلة في ذلك (الأمر أصعب بقليل بالنسبة للأب). لأنني ألاحظ جيداً أنه ينمي قدراته في مجال الرياضيات والقراءة والكتابة ببطء، وفق وتيرته الخاصة، ولكن بطريقة صعبة للغاية.
على أي حال، فيمَ قد يؤثر عليه ذلك لاحقاً؟ سيصل إلى مرحلة يتمكن فيها من القراءة والكتابة والعدّ، ما المشكلة إن تطلب ذلك منه مزيداً من الوقت نسبةً إلى باقي الأطفال؟. إذا تعلم هذه الأمور وفق رغبته ووتيرته الخاصة، فانا مقتنعة تماماً أنه سيتعلمها بطريقة أفضل وستساعده حقاً على التقدم في حياته. عندما أرى كيف تتم عملية التعلم بشكل تلقائي ودون تدخل أحد، تزداد ثقتي بوجهة نظري من هذه الناحية. على سبيل المثال فهم ابني الأكبر مبدأ الضرب في الرياضيات وحده، في وسط بستان كستناء أمام كل هذه الأشجار الطويلة المصطفة…