7 طرق تؤثّر فيها طفولتكم على طريقتكم في تربية أطفالكم.. عالجوا الماضي من أجل المستقبل

0

عالجوا الماضي من أجل المستقبل…
لا شيء يحوّل تركيز المرء نحو المستقبل أكثر من إنجاب طفل. يرى معظم الآباء و الأمّهات الذين ينظرون في عيون طفلهم الجديد أنّ ما ينتظرهم هو صفحة جديدة.
ومع ذلك، تخبرنا الأبحاث بوجود عامل يمكن من خلاله أن نتنبّأ بكيفيّة أدائنا كآباء و أمّهات, وهو مدى قدرتنا على فهم ماضينا. لذا، و مع أنّ المكان الأخير الذي قد ننظر إليه عندما نصبح آباء وأمّهات هو طفولتنا، يجب أن نفعل ذلك إذا أردنا أن نكون والدين أفضل لأطفالنا في الوقت الحاليّ.

على الرغم من أنّ ما حدث لنا في الماضي وبالتحديد في الطفولة يظهر في سمات الأبوة و الأمومة لدينا، الّا أنّ هذا لا يعني أنّه قد حُكم علينا بتكرار أخطاء والدينا.

في الواقع، بغضّ النظر عن الضيق أو الصدمة التي تحملناها في طفولتنا المبكرة، فإنّ الأهم هو مدى قدرتنا على تلقّي الألم الذي عشناه في الماضي والتعايش مع تجربتنا. من خلال معالجة ما حدث لنا، سنكون أكثر قدرةً على التواصل مع أطفالنا وتوفير الرعاية التي يحتاجونها. يمكننا أن ندرك أن ردود أفعالنا “الغريزيّة” لا تمثل دائمًا الطريقة التي نريد أن نربّي بها. ويمكننا أن نبدأ في فهم لماذا تستفزّنا تصرفات معيّنة من أطفالنا وليس تصرفات أخرى.

هذه العمليّة لا تتعلق بإلقاء اللّوم على والدينا. آباؤنا بشرٌ، وجميع البشر فيهم عيوب، علينا أن نُقلّد سماتهم الإيجابية ونتحرّر من سماتهم السلبية.

سوء المعاملة
https://unsplash.com

ومع ذلك، فإنّ إدراك الطرق التي تأثّرنا فيها بوالدينا هو جزء من النمو والتحول إلى شخصنا الآن.
مع وضع هذا في الاعتبار، يمكننا أن نبدأ في ملاحظة الطرق التي يتسلّل بها تاريخنا إلى أسلوب التربية لدينا، ويشوّه سلوكنا، ويحتمل أن يؤدّي في بعض الأحيان الى ايذاء أنفسنا وأطفالنا.
فيما يلي 7 طرق يمكن أن تؤثّر بها الطفولة والماضي في كيفيّة تربية أطفالنا:

1- التقليد:

عندما نصبح أباً أو أمّاً، نبدأ في ملاحظة سمات سلبيّة في أنفسنا مشابهة لآبائنا. يوقع طفلنا شيئاً ما، فنصرخ، “انظر الآن إلى ما فعلته!” قد يكون تعبيرًا لم نستخدمه أبدًا، ولكنّه تعبير سمعناه كثيرًا في طفولتنا. ربّما تعلمنا الكثير من الأشياء الجيّدة من والدينا، لكنّنا نؤذي أطفالنا عندما نفشل في التعرّف على الطرق التي نكرّر بها الأشياء السيّئة التي ورثناها عن والدينا.

من الأمثلة المتطرّفة على ذلك هو العقاب الجسديّ. يبرّر العديد من الآباء و الأمّهات ضرب أطفالهم لمجرّد أنّ هذه هي الطريقة التي قام بها آباؤهم بتأديبهم. ويرفضون عددًا لا يحصى من الدراسات المثبتة التي تظهر أنّ العقاب البدنيّ له آثار ضارّة فقط. يجب أن لا نبرّر الأفعال الضارّة، كبيرة كانت أم صغيرة، لأنّنا تعلمناها من والدينا. بدلاً من ذلك، يجب أن نهدف إلى أن نكون الجيل الذي يخرج من هذه الدوّامة.

2- المبالغة في ردّة الفعل.

قد نتفاعل مع بيئة مدمّرة من خلال محاولة التعويض أو التمرّد على طريقة معاملة والدينا لنا. قد تكون نيّتنا حسنة عندما نحاول القيام بذلك بشكل مختلف، لكنّنا غالبًا ما نبالغ في ذلك دون قصد.
على سبيل المثال، إذا كان والدينا يتدخّلون في كلّ التفاصيل، فقد نتفاعل من خلال عدم التدخّل في تفاصيل حياة أطفالنا. و بينما شعرنا بالانزعاج من التطفّل في الماضي، قد يشعر أطفالنا بالإهمال الآن.
عندما نذهب بعيداً في الاتجاه المعاكس، فإنّنا لا نزال نشوّه سلوكنا بناءً على تاريخنا. بدلاً من تحديد الصفات التي تهمّنا، ما زلنا نتفاعل مع الأشياء التي حدثت لنا.

3- الإسقاط.

تعود الكثير من الأسباب التي تجعلنا نبالغ في التعويض عن أخطاء والدينا, الى أنّنا نُسقط مشاعرنا عندما كنّا أطفالاً على أطفالنا الآن. قد نراهم كما رآنا آباؤنا، على أنهم “متوحشون” أو “غير قادرين”. وقد نصنّفهم ب “الطفل السيء”. قد نشعر بالأسف تجاههم، و نتوقّع أننا نؤذي مشاعرهم بالطريقة نفسها التي جرحنا بها والدينا ذات مرّة.
عندما نرى أطفالنا كامتداد لأنفسنا، فإننا نضغط عليهم ليصبحوا مثلنا أو ليتفوقوا علينا. قد نتوقّع منهم أن يواصلوا أحلامنا أو يسعوا وراء اهتماماتنا، بدلاً من إيجاد أحلامهم الخاصّة. عندما نُسقط مشاعرنا و أفكارنا على أطفالنا، فإنّنا نفشل في رؤيتهم على حقيقتهم كأفراد متميّزين. قد لا نصيب الهدف عندما نلبّي “الاحتياجات” التي نعتقد أنهم يمتلكونها بدلاً من الاستجابة لاحتياجاتهم الفعليّة, فنتصرّف كما لو أنّنا نربّي أنفسنا في طفولتنا.

4- إعادة التكوين.

بالنسبة للكثيرين، قد يكون من الصعب تتبّع الطرق التي نعيد بها إنشاء بيئتنا العاطفية من طفولتنا المبكرة في حياتنا البالغة. ومع ذلك، حتى لو كانت ظروفنا في الطفولة غير مناسبة، فقد طوّرنا بعض الدفاعات النفسيّة التي قد تجعلنا نبحث عن نفس الظروف عندما نبدأ بانشاء عائلتنا الخاصة. على سبيل المثال، قد نختار دون أن نُدرك شريكًا يكرّر ديناميكية معيّنة من ماضينا. قد نجد أنفسنا نبحث عن شخص يرفضنا، بنفس الطريقة التي رفضنا بها أهالينا في مرحلة الطفولة.
قد لا تكون هذه المواقف ممتعة، لكن لدينا تجاهها شعورٌ بالالفة يجعلنا ننجذب إليها دون وعي. كأطفال، فإن الاختلاف مع أحد الوالدين أو الخوف منه يمكن أن يشعرنا بأنّ حياتنا مهدّدة. نتيجةً لذلك، قد نستوعب وجهة نظر والدينا أو نخلق بيئة عائليّة مألوفة لأنفسنا في مرحلة البلوغ. يعرّض هذا التكرار في النهاية أطفالنا للجوّ السلبي نفسه الذي تعرّضنا له في الماضي خلال مرحلة طفولتنا.

5- اتّخاذ الموقف الدفاعيّ.

يمكن لطرق التكيّف التي أنشأناها لتجاوز الأوقات الصعبة كأطفال, أن تصبح دفاعات نفسية تؤثّر علينا طوال حياتنا. قد تكون طرق التأقلم هذه مفيدةً لنا عندما كنّا صغارًا، لكنّها يمكن أن تؤذينا كبالغين، خاصة كوالدين. على سبيل المثال، إذا كان أحد والدينا رافضاً أو مخيفاً، فربّما احتفظنا من طفولتنا، بالشعور بالاكتفاء الذاتي وبأنّنا لا نريد حقًا شيئاً من أيّ شخص. ربما ساعدنا هذا في تلبية احتياجاتنا في سنواتنا الأولى عندما كنّا نعتمد على والدينا من أجل البقاء، ولكن كشخص بالغ، يمكن أن يحدّ هذا الموقف من علاقاتنا.
قد نواجه مشكلةً في التعبير عن مشاعرنا ورعاية أطفالنا. قد نواجه صعوبةً في قبول الحبّ منهم. جزءٌ من النموّ يعني معرفة دفاعاتنا وإيجاد طرق للعيش بدون هذه التراكمات التي تؤثّر في شخصيتنا، واكتشاف من نحن حقًا وما نريده حقًا. كيف نريد أن نكون مع أطفالنا؟ ما هو المثال الذي نريد أن نكونه بالنسبة لهم؟

6- الشعور بالاستفزاز.

بغضّ النظر عن مدى حسن نوايانا، لا بدّ أن نشعر بالاستفزاز من أطفالنا في لحظات الإحباط. غالبًا ما يتمّ استفزازنا بسبب المواقف الحاليّة التي تذكّرنا بألم من ماضينا، حتى لو لم نكن مدركين للسبب الذي يخلق المشاعر المؤلمة. غالبًا في هذه اللحظات، نشعر بأنّ الزمن عاد بنا إلى نفس الموقف القديم المؤلم. قد نتصرّف بطريقة إما طفولية وإما أبويّة، لكنّنا لا نكون على طبيعتنا الحقيقيّة.
على سبيل المثال، عندما يشاغب الطفل، فقد “نفقد أعصابنا” بنفس الطريقة التي غضب بها والدينا في الماضي، أو قد نشعر بالخوف كما كنّا نشعر كأطفال عندما كان آباؤنا يعاقبوننا. عندما يكون لديكم ردود فعل شديدة أو مبالغٌ فيها تجاه أطفالكم، انظروا إلى الوراء فيما يتعلّق بتجربتكم الخاصّة فهذا يمكن أن يوضّح موقفكم الحاليّ.

7- الاستماع إلى الصوت الداخلي الذي ينتقد.

تميل مخاوفنا وهجماتنا الذاتية إلى التزايد عندما نصبح والدين، لأنّ وجود أطفالنا يذكّرنا بالوقت والمكان الذي طوّرنا فيه هذه التصوّرات الذاتية في المقام الأول. يبدأ “صوتنا الداخلي الذي ينتقد” في التبلور في وقت مبكر جدًا من تطوّرنا عندما نستوعب المواقف السلبيّة التي كانت لدى والدينا تجاهنا وتجاه أنفسهم. ربّما عندما كنّا أطفالًا، شعرنا بأنّ لا أحد يريدنا أو بأنّنا ضعفاء. و نحن الآن كأشخاص بالغين، ما زلنا نرى أنفسنا غير مرغوب فينا وعاجزين. عندما نحاول أن نكون أقوياء مع أطفالنا، قد نشعر بهجمات صوتية داخلية تنتقدنا وتجعل من الصعب علينا التفكير بوضوح أو التصرف بعقلانيّة – أفكار مثل، “لا يمكنك أن تتحكّم به”، أو “انّه يكرهك. أنت أم سيّئة! “
أو إذا كان لدينا أب شعر بأنّه غير مؤهّل للتعامل معنا عندما ولدنا، فقد نجد أنفسنا نسمع أصواتًا مثل، “كيف ستعتني بهذا الطفل؟ أنت لا تعرف كيف تكون أباً . “. كلّما استطعنا تحدّي هذه الأصوات وهذا العدوّ الداخلي، زادت حريّة اتخاذنا لقراراتنا في كيفيّة التصرّف، وقلّ احتمال نقلنا لهذا الأسلوب من التفكير إلى أطفالنا.
تساعدنا معرفة أنفسنا وإدراك تجاربنا، على التمييز والتخلّص من الطبقات المدمّرة في ماضينا, و التي تحدّنا في حياتنا, و هكذا نستطيع أن نصبح ما نسعى إليه حقًا. بالنسبة لجميع الآباء والأمّهات، الذين يبحثون عن إجابات حول كيف يطوّرون أنفسهم ليصبحوا أفضل أب أو أمّ، فإنّ المفتاح غالبًا هو العودة برحلة الى ماضيكم والقيام بذلك بقوّة وفضول ورحمة.

اترك رد