الآباء والتعاطف : لماذا على الأب أن يعرف جيداً أطفاله الصبيان؟

0

الآباء والتعاطف
قد تتفاجأ حين تعلم أنّ أول الدروس التي يتعلمها الصبيان الصغار بشأن التعاطف يتعلمونها من خلال اللعب مع آبائهم. يرى الخبراء أن التحفيز بهذه الطريقة يسمح للطفل بأن يدرك حالة أبيه العاطفية أو الانفعالية («هل هو يلعب وحسب؟» «هل هو غاضب؟») وحالته الخاصة («هل تعبت من اللعب؟» «هل الأمر مسلٍ؟»). يمكن للأطفال أن يتعلموا إرسال الإشارات كالبكاء أو الابتعاد عندما لا يحتاجون هذا القدر من الإثارة. ويمكن للأب أن يكون أحد أفضل المعلمين لابنه في فن التعاطف والترابط العاطفي.

الآباء والتعاطف: مرآتي يا مرآتي

إذا كنت أباً فكل لحظة من حياتك مع ابنك هي درس، سواء علمت ذلك أم لم تعلم. أنت تعلّمه ما عليه أن يفعل أو ألا يفعل كلما أجريت حواراً، أو قمت بتأديبه أو أمضيت الوقت باللعب معه. والأمر المثير للاهتمام هو أن الصبيان يفهمون تماماً مفهوم الذكورة فيما هم يكبرون حتى لو لم يكن لآبائهم دور فاعل في حياتهم. فرفاقهم والثقافة السائدة سيتولون على أيّ حال هذه المهمة. ما يفتقدونه هو نوع الرعاية والمحبة الذي يمكن للأب أن يقدّمه… عندما يختار ذلك.

الآباء والتعاطف: تحذير!

أظهرت دراسة بشأن مواقف الأمهات وسلوكهن أجرتها جامعة تكساس في العام 2009، أن معظم الأمهات يعتقدن أنهن قادرات على القيام بعمل أفضل على صعيد إيجاد توازن بين العمل والعائلة إذا ما قدّم الأب مزيداً من المساعدة. وقالت الأمهات أيضاً إنّ «مسؤوليات العمل» هي العائق الأكبر أمام نجاح الأب في دوره كأب.

يمكن للنموذج الذي تفرضه حضارتنا للرجل القوي الصامت أن يترك تأثيراً مدمراً لقدرة الرجل على تقديم تعاطفه ودفئه وحنانه. إلا أنّ هذا ما يحتاجه الطفل غالباً من أبيه. إن الصبيان الذين يسجلون النتائج الأفضل في دراسات التأقلم النفسي هم أولئك الذين لديهم آباء محبين وحنونين، آباء يتمتعون بصفات يُعتقد غالباً أنها صفات أنثوية. أما الصبيان الذين يسجلون أسوأ النتائج في التأقلم النفسي فهم الذين لديهم آباء يستغلونهم ويعاملونهم بقسوة مفرطة أو يهملونهم.

اعرف من هو ابنك

عندما تكون أباً، من المغري أن تركز على السلوك وعلى إعطاء الدروس وعلى تشجيع ابنك على تحقيق النجاح (أو البقاء بعيداً عن المشاكل على الأقل). مما لا شك فيه أن تعليم آداب السلوك ووضع حدود مقبولة ومتابعة الطفل جزء مهم من الأبوة. إلا أنّ ما من أحد قادر على تقوية التعاطف والثقافة العاطفية لدى طفلك مثلك أنت.
معلومة ضرورية إن التعاطف الحقيقي هو أن تفهم مشاعر الشخص الآخر وتجربته الداخلية وهو أن تدرك أيضاً ليس ما يفعله هذا الشخص أو يشعر به وحسب بل من هو هذا الشخص فعلاً.

يمكن للأب أن يقدّم لابنه هدية قيّمة وهي القبول والتفهّم (وهذا ليس سهلاً دوماً، لاسيما عندما يتبين أن أحلام ابنك مختلفة تماماً عن أحلامك). أما الهدية الثانية فهي الحقيقة بشأن مشاعره وتجاربه الخاصة. تذكّر أنك وابنك (وكافة البشر) تملكان خلايا عصبية عاكسة تمكنكما من قراءة حركات الآخر الجسدية ومشاعره ورسائله غير الكلامية. عندما تعبّر عن مشاعرك بوضوح وبساطة وبطرق لا تتضمن أيّ تهديد، تتسنى لابنك فرصة التعلّم من مشاعرك ومن مشاعره الخاصة.
ببساطة، يحتاج ابنك إلى معلومات هادئة وواضحة عما تفكّر فيه وتشعر به. يمكنك أن تقول: «أنا غاضب جداً منك الآن» بدلاً من أن تصرخ في وجهه. ويمكنك أن تقول: «أشعر بخيبة أمل لأنني لم أنل الترقية التي أردتها» بدلاً من أن تتوجّه وحدك إلى المرآب. عندما تُظهر صدقاً عاطفياً وتعاطفاً، تمنح ابنك القدرة على أن يعزز هذه الصفات فيه وعلى أن يصبح رجلاً أكثر قوة وسعادة.

اترك رد