طرق لكسر حلقة التنمر المفرغة والحد من انتشار التنمر في المدارس والمنزل
كان يركض خلف ابنتي التي تبلغ 4 سنوات ويقول لها “أنتِ بشعة، لستِ جميلة”. هو ابن خالي الذي يبلغ من العمر 8 سنوات. لم أكن أفهم سبب تصرفه، فلطالما كان طفلاً لطيفاً ودوداً. ما الذي يحصل له في الآونة الأخيرة؟ انتظرتُ قليلاً لأرى ردة فعل ابنتي. فوجدتها تجيبه بكل ثقة “كلا أنا جميلة وذكية”. لم يتوقف عن الكلام فاكمل قائلاً “أنتِ صغيرة جداً وفاشلة…” فقررت أن اتدخل.
ناديته وجعلته يجلس بالقرب مني وذكرته كم هو طفل جميل وذكي ولطيف. فابتسم وصمت. وحين سألته عن سبب تصرفه بهذه الطريقة نادتني والدته وأخبرتني بالتالي “هناك أطفال يلاحقونه في المدرسة ويقولون له “غبي، وضخم.. وقد تحدثنا مع إدارة المدرسة، لكن أصدقاءه يستمرون في مضايقته، وقد نقل هذا السلوك إلى المنزل وبدأ بمضايقة أخته الصغرى.. نحن في مشكلة حقيقية”.
حلقة التنمر المفرغة
أدركتُ حينها أن التنمر لا يتوقف عند الضحية أحياناً. بل ينتقل من حالة إلى أخرى ما لم تتم معالجته منذ البداية. إنه سلوك يقوم به الأقوى بإيذاء الأضعف سواء لفظياً أو جسدياً. ثم ينتقل إلى الضحية التي تبدأ بالاستقواء على شخص أضعف منها. إذا لم يتمكن الشخص المعرض للأذى من التعامل مع المشاعر السلبية التي تحاصره من غضب وانفعال وإحباط وحزن وضعف، فهو يقوم بتفريغ تلك المشاعر على شخصٍ أصغر سناً أو أصغر حجماً. إنها فعلاً مشكلة كبيرة.
طرق للحد من انتشار التنمر في المدارس.
المشكلة لا تكمن فقط في أن حالات التنمر تتكاثر بشكل كبير، المشكلة هي أن الكثير من المؤسسات التربوية تتعامل مع هذه الحالات باستخفاف. والكثير من الحالات لا يفصح الطفل عنها أساساً خوفاً من أن يلقبه أصدقاؤه بالواشي أو خوفاً من ازدياد تعرضه للإهانة.
لذلك من الضروري أن تقوم المدارس بالأمور التالية:
- تخصيص ساعة في الأسبوع أو الشهر للشرح للطلاب عن التنمر: ما هو التنمر؟ والتصرفات التي من الممكن أن يقوموا بها دون أن يدركوا أنها تنمر.
- تأثير التنمر على الناس وعلى الأطفال تحديداً ومدى خطورته.
- طرق التصرف في حال التعرض للتنمر.
طرق التصرف في حال رؤية شخص يتعرض للتنمر.
- إدخال التنمر ضمن المناهج التربوية. ومعلومات إضافية عن ضرورة تقبل الاختلاف واحترام الآخر والتعاطف مع الشخص الأقل قوةً منا.
- تحضير أنشطة عن التنمر، مثلاً تمثيل مشهد عن التنمر، كتابة مواضيع إنشاء عن التنمر…
- ضرورة تواجد أخصائية اجتماعية يلجأ إليها الطفل في حال تعرضه لمواقف مسيئة.
- والأهم من ذلك كله، مراقبة ما يحصل في الملاعب أو الحمامات دون إهمال أو استخفاف بأي محاولة استضعاف لأي طفل. فليس من المسموح نهائياً أن تغض المعلمة المناوبة النظر عن أطفال يضربون طفلاً أصغر سناً أو ينعتونه بصفات سيئة، قائلةً بأنهم “يلعبون”. وهذا الرد يتكرر كثيراً مع الأسف.
طرق للحد من انتشار التنمر انطلاقاً من المنزل
الكثير من الأشخاص المتنمرين ينطلقون أيضاً من المنزل نتيجة عدة عوامل. لذلك يجب:
- 1- عدم التمييز بين الأطفال أو نعت أحدهم بالذكي والآخر بالفاشل.
- عدم إهانة طفلنا أو منعه عن التحدث أو المناقشة أو ضريه وتعنيفه.
- عدم التحدث عن الأقل شأناً باستهزاء والاستخفاف به أمام الآخرين.
- أن يكون الأبوان قدوةً جيدة للطفل ويسود الاحترام بينهما مهما حصل.
- العمل على دعم الطفل عاطفياً كي لا يضطر إلى ملء هذا النقص بانتقاد الآخرين والاستخفاف بهم.
