تحرير الأطفال:
إذا كان عمركم يفوق ال40 عاماً، فقد حظيتم على الأرجح بالكثير من أوقات الفراغ في طفولتكم _ بعد المدرسة، في عطل نهاية الأسبوع، خلال فصل الصيف.
والآن، على الأرجح يمكنكم التحدث لساعات عن الطريقة التي كنتم تلعبون فيها في الغابات وكيف كنتم تقودون الدراجات الهوائية حتى حلول الظلام.
تتم تربية أطفال اليوم مثل العجول.
فقط 13% من بينهم يذهبون إلى المدرسة سيراً على الأقدام.
أولئك الذين يذهبون إلى المدرسة بالباص ينتظرونه برففة والديهم الذين يبقون بالقرب منهم كحراس شخصيين.
بعد انتهاء الدوام المدرسي، لا يعود الأطفال إلى المنزل بمفتاح معلق حول أعناقهم ولا يتنزهون في الحي. عوضاً عن ذلك، يتم حبسهم في أنشطة منظمة وخاضعة للاشراف والمراقبة.
حتى لو أراد الأهل إرسال أطفالهم إلى الخارح والسماح لهم بعدم العودة قبل موعد العشاء، فإن الأمور لم تعد بنفس السهولة التي كانت عليها في الماضي.
غالباً لن يكون هناك أطفال آخرين كي يلعب الطفل معهم.
فالأهل الذين يقدّرون أنه من الجيد للشباب الجري لإحضار الخبز أو اللعب بالكرة في الشارع، يثبطهم الكثير من رجال الدين ورجال الشرطة والأخصائيين الإجتماعيين الذين يساوون “عدم الإشراف” ب”الإهمال والتعريض للخطر”.
أشياء خطيرة
مع ذلك، نحن لم نعد نشعر بأننا بأمان.
أظهرت دراسة أجريت عام 2010 أن “الاختطاف” يشكل أكبر مخاوف الوالدين، على الرغم من أنه من الأخطر بكثير أن يكون الطفل راكباً في سيارة.
أحياناً، يبدو أن مجتمعنا يختلق الأخطار من العدم، لمجرد أن يكون هناك شيء يزرع الخوف في النفوس.
ربما قد تعتقدون أن مدينتكم بمنأى عن هذه المبالغات، ولكن هل تتواجد لعبة المتنزه الدائرية في حديقة منزلكم، وماذا عن الأرجوحة والزلاجة؟
حتى أن لجنة سلامة المستهلك تحذر من مخاطر كالصخور أو جذوع الأشجار التي من الممكن أن تتسبب في تعثر طفلكم.
إلا أن المشكلة تكمن في أن الأطفال يتعلمون من خلال خوض التجارب. فقط عندما تتعثرون بجذع شجرة، ستتعلمون كيف تنظرون جيداً في أي طريق تتجهون.
ما يثير السخرية هو أن عدم المشي أو عدم ركوب الدراجات أو عدم القفز فوق جذوع الأشجار أمر خطير في الواقع.
فقد أظهرت دراسة استقصائية أجريت هذا الصيف أن الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 19 عاماً يتمتعون بنفس نشاط الأشخاص البالغين من العمر 65 عاماً.
ومع ذلك، فإن عواقب تعريض الأطفال للخطر ليست جسدية فحسب، بل هي نفسية أيضاً.
المكافآت والصدمات
إن اللعب الحر الذي نتيحه لأطفالنا اليوم يتضمن القليل من التشابه مع اللعب الحر الذي كان يُتاح للأطفال في الماضي.
إنها أنشطة منظمة يتحكم بها الكبار. إلا أن الأطفال لا يستطيعون اللعب بحرية إلا في حالة غياب والديهم. اللعب هو تمرين وتدريب في الحياة.
إنه نتيجة ثقافة تشجع على المشاركة.
من السهل الاستهزاء بثقافة تعلم الأطفال توقع التصفيق لكل ما يفعلونه .. لكن ما يثير القلق أكثر هو احتمال أن تكون وسائل التشجيع هذه قد جعلت الأطفال غير قادرين على تحمل حقيقة أنهم ليسوا الأفضل في كل شيء.
حين لا تسمحون لطفلكم بتسلق شجرة لأنكم تخافون عليه من السقوط، فإنكم بهذه الطريقة تسلبون منه إحدى تجارب الطفولة الكلاسيكية التقليدية.
ولكن عندما تفرطون في حمايته عاطفياً، فإنكم تسلبون منه شيئاً آخر.
لقد قمنا بتربية جيل من الشباب الذين لم تتح لهم الفرصة لاختبار الفشل وإدراك أنه يمكنهم التغلب عليه وتجاوزه. بالتأكيد، من الطبيعي أننا نريد أن يكون أطفالنا سعداء.
لكن الطريق السليم والحقيقي نحو السعادة لم يعد في الثناء؛ إنما يتم الوصول إليه من خلال تطوير قدرة طفلنا على التكيف عاطفياً.
نظراً لهوسنا بالسلامة الجسدية بالتوافق مع ميلنا للحديث عن “السلامة العاطفية”، حرمنا أطفالنا بشكل منهجي من آلاف التجارب الصعبة – والمقلقة أحياناً- التي يحتاجون إليها لبناء هذه المرونة.