التفكير بطريقة إيجابية: الأمر ليس سهلاً، يحتاج إلى الكثير من الهدوء وضبط النفس. إنها استراتيجية في التفكير ونمط حياة. كلنا نعرف أشخاصاً متشائمين بطبعهم يخافون من خوض التجارب ويتخيّلون أن الأسوأ سيحدث معهم دائماً، ويخلقون لكل حلٍ مشكلة. وأشخاصاً إيجابيين ما إن تجلس معهم حتى تشعر بالتفاؤل والسلام الداخلي، يجدون لكل مشكلة حل ولكل أمرٍ سلبي ناحية إيجابية. بالتأكيد جميعنا نتمنى أن يتمتع أطفالنا بشخصية إيجابية ويتمكنوا من مواجهة تحديات الحياة بحنكة وتفاؤل. كيف ذلك؟
الأمر بيدنا كأمهات وآباء
إنها مسألة تراكمات على مدى سنوات. كلنا فعلياً تتحكم ذكريات الطفولة بتصرفاتنا الآنية. فنجد ذكريات تكبلنا وتجعلنا نقف عاجزين عند أتفه موقف، وأخرى تحررنا وتجعلنا أقوياء. وراء شخصية كل رجلٍ فاشل اليوم، أم أو أب أقنعاه في الماضي أن لا جدوى منه. ووراء شخصية أي رجل أعمال ناجح، أساسات في شخصيته بناها أهله أو أحد والديه منذ الطفولة ترتكز على الثقة بالنفس والدعم حتى في لحظات الفشل.
الكلمات ثم الكلمات
ركّزوا جيداً على كيفية انتقاء كلماتكم. كما لو أنكم في امتحان مدرسي أو اختبار عمل سيقرر مصيركم في المستقبل. نعم إلى هذا الحد. فكلماتكم مع أطفالكم اليوم اختبار ستجدون نتائجه في شخصياتهم في المستقبل البعيد.
فكرة أن لكل مشكلة حل
أياً كانت المشكلة التي يمر بها طفلكم، علموه أن لكل مشكلة حل، وأن لكل حل فاشل، حلٌ بديل. إنها من أول قواعد النجاح والتفكير بإيجابية. متى اتبع أطفالكم نمط التفكير هذا لن يهزمهم شيء في الوجود.
لقد جرّبتُ هذه الطريقة مع ابنتي ونجحت بامتياز، بحيث أصبحت تستخدم جملتي قائلةً “لا تقلقي مام، هناك حل، لكل شيءٍ حل، لا تخافي. إن لم تتمكني من إيجاد الحل لوحدكِ، أستطيع أن أساعدكِ”. وتبدأ بعرض اقتراحاتها البريئة الطفولية من حيث المظهر، التي تحمل ذكاءً بالغاً من حيث المضمون.
علموا طفلكم التعامل مع عواطفه
ما هو أكثر ما يجعلنا عاجزين عن التفكير وإيجاد حلول؟ مشاعرنا! الغضب، الحزن، القلق، الخوف.. علموا طفلكم كيفية التعامل مع مشاعره. كيفية السيطرة على غضبه وحزنه مثلاً عبر إيجاد نواحٍ إيجابية للمشكلة التي يمر بها، أو التعبير لأحد الأقارب أو الأصدقاء. كيفية تجاوز القلق والخوف عبر تذكيره بكمّ المشاكل التي تجاوزها مسبقاً أو إخباره عن مشاكل صعبة تخطيتموها في الماضي. أخبروه أننا حين نسمح للحزن بأن يتملكنا نعجز عن رؤية الأمور الجميلة في حياتنا ويصبح كل شيء سلبياً.
مثلاً إذا غضب لأن صديقه سيغير المدرسة. أخبروه أن الغضب والحزن لن يساعدانه على حل المشكلة. وابدأوا بطرح الحلول، مثلاً بإمكانه التواصل معه وزيارته في المنزل. بإمكانهما اختيار نشاط رياضي يجتمعان خلاله كل أسبوع مرة أو مرتين. ومن ثم ذكر الإيجابيات التي سيمنعه الغضب من رؤيتها مثلاً أنه ما زال لديه أصدقاء يحبونه في المدرسة، أن معلمة الرياضيات تحبه كثيراً، وكل ما يحبه داخل المدرسة ويجعله يشعر بالأمان.
بمجرد أن يتعلم طفلكم السبطرة على انفعالاته والتعامل مع عواطفه، سيكون قد تخطى مرحلة مهمة نحو التصالح مع الذات والتفكير بطريقة إيجابية.
سماح خليفة