طفل مهذب:
نسعى جميعنا البوم كي نصبح آباء وأمهات مثاليين. منذ لحظة الحمل، يصبح الأهل عبيداً لفكرة أنه لا يجب القيام بأي تصرف خاطئ. لقد تم تلقينهم أن كل خطأ يرتكبونه، حتى أصغر الأخطاء، يسبب اضطرابات تكوينية في حياة الطفل.
اليوم، يجب أن يكرس الأهل أنفسهم تماماً ويتخلوا عن حياتهم سعياً لتأمين حقوق الطفل، بدءً من الغذاء الصحي الانسب، والطرق الجديدة في التربية، وصولاً إلى الألعاب المريحة. لا يجب أن يشك الآباء والأمهات في أنفسهم أبداً، أو أن يعتقدوا أنهم ليسوا على مستوى وقدر الدور الموكل إليهم.
لا يحق لهم بعد بضع ليالٍ من الإجهاد والتعب أو في خضم ساعات من الصراخ المتواصل من قِبَل طفلهم، أن يفكروا في لاستسلام والعودة إلى حياتهم السابقة. عدا عن أنهم لا يحق لهم أن يجرؤوا بكل بساطة ولو لبضع ثوانٍ، أن يتمنوا الحصول على بعض الهدوء أو التوقف عن الركض في جميع الاتجاهات لإتمام المهام المطلوبة وتلبية طلبات طفلهم.
وإن فكروا ولو للحظة بذلك، سيعجزون عن النوم لمدة بضع أيام بسبب شعورهم بندم شديد.
من هذا المنطلق، سنقدم لكم يعض الأفكار المهمة حول التربية المثالية كي تكونوا أهلاً مثاليين.
يجب أن تشعروا كأهل بالقلق في الحالات التالية:
- إذا كان طفلكم نظيفاً بشكلٍ مثالي طيلة الأيام وطيلة الوقت.
- إذا كان طفلكم ينظف غرفته بانتظام، ولا يترك الأطباق المتسخة والمناشف والجوارب المتسخة في أرجاء المنزل.
- إذا كان طفلكم لا يجادل أبداً، ولا يحاول أن يثبت أنه على حق أو أنه ضحية ظلم كبير.
- إذا لم يعد طفلكم يوماً من المدرسة مدعياً أن المعلم هو سبب حصوله على علامة سيئة لأنه يعطي واجبات مدرسية حول مواد لم يشرح عنها في الصف، أو مواسياً نفسه وهو يقول إن كل زملائه حصلوا على علامة سيئة أيضاً.
- إذا كان لا يكذب أبداً، أو لا يحاول ذلك على الأقل.
- إذا كان لا يتأخر أبداً، سوى بالتأكيد إن كان لديه حجة مقنعة، أو شعر بالهدوء بسبب الدراما التي تطلقونها.
- إذا كان طفلكم يحب تناول كل أنواع الطعام ولا يتذمر نهائياً، لا يحتج على أي أمر، ولا يطلب وجبة برغر ويفضل السبانخ على البيتزا، لأنه يفهم قواعد النظام الغذائي الصحي.
- وإذا كان طفلكم يتقبل ويحترم كل النصائح الموجهة إليه بكل هدوء، لأنه يحترم خبرة أهله ونواياهم الجيدة، وفي نفس الوقت لا يعبر عن مشاكل في التقبل أو الملل ولا يتثاءب ولا يقول إن عليه القيام بشيء آخر في وقتٍ ما.
- إذا لم يعبر أبداً عن تمنيه بأن يكون لديه والدين مختلفين كي يكون إنساناً أكثر سعادةً.
- إذا كان يود أن يقضي وقتاً مع أهله لا مع أصدقائه، يرفض اللعب خارج المنزل لأنه يفضل أن يبقى مع عائلته.
- إذا كان طفلكم يخبركم دائماً بكل شيء، لأنه يفهم تماماً أنه ليس هناك أصدقاء أفضل من الأهل.
- حين نسأله من هو مثاله في الحياة، يذكر أحد والديه لا أحد المشاهير المفضلين لديه.
- يتحدث بهدوء، يحفظ جملاً كاملة دون القيام بحركات بوجهه أو تحريك يديه أو طرق الباب، دون النهوض لتوضيح الأمور وشرحها، دون الغناء وأنتم تقولون له شيئاً ما… وما إلى ذلك.
إذا كان طفلكم يقوم بأيٍ من الأمور المذكورة أعلاه عليكم أن تقلقوا.
لأن هناك سببان قد يكونان خلف ذلك.
السبب الأول قد يكون صادراً عن الأهل الذين يكذبون على الأرجح، لأن كل الأطفال يقومون بالأمور المذكورة، ولكن نادرون هم من يعترفون بذلك. يأكل هؤلاء الأهل بمفردهم بهدوء وهم يفكرون أن كل الأطفال الآخرين أفضل من أطفالهم. ويتساءلون بينهم وبين أنفسهم عما فعلوه في حياتهم كي يستحقوا طفلاً بهذا السوء.
كما أن هناك أيضاً أهل لا يقوم أطفالهم بشيء من كل هذا فعلاً، إلا أن عليهم أن يجيبوا هم أنفسهم على السؤال التالي: هل تربون أطفالكم أم غروركم؟
متى يكون طفلنا حقاً طفلاً؟ هل هو طفل حقاً أم هو انعكاس رغبة الأهل في أن يكونوا كاملين؟ ما هم ليسوا عليه حقاً. في الواقع، إن كانوا حقاً مثاليين، لن يسعوا إلى تعزيز غرورهم وصورتهم الاجتماعية على حساب طفلهم.
قد يكون هناك سبب آخر ينطلق من الطفل نفسه. إذا كان أحد الأطفال يقوم بثلاث أمور على الأقل مما ذُكرَ أعلاه، يجب أن تقلقوا حقاً. خاصةً إذا تم التغيير بشكلٍ مفاجئ.
لماذا؟ لانه ببساطة يحاول أن يبدو مثالياً، لأحد الأسباب التالية:
لكسب حبكم واحترامكم
مما يعني أنكم إما قمتم بإغرائه وإما بتهديده. مما يعني في الواقع، أنكم وضعتم بعض الشروط لحبكم له. وعلى الأرجح ربما فعلتم ذلك دون قصد.
- أمي، هل يمكنكِ أن تعانقيني؟
- نعم حبيبي، بمجرد أن تنتهي من ترتيب غرفتكَ!
لإخفاء خطأٍ كبير قد ارتكبه
جميعنا قمنا بهذا ذات يوم. فشريك حياتكم يقوم بذلك حين تغضبون عند علمكم بأنه أنفق مبلغاً كبيراً على حذاء. فالطفل يحاول فعلياً إصلاح الأمور من خلال تبني السلوك المثالي.
وهو يفكر بالتالي “إذا وبخني والدَي من الأفضل أن يكون ذلك لسببٍ واحد. إذا كانوا غاضبين إلى هذا الحد لأنني لم أتناول طعامي كاملاً، سأقوم بغسل الأطباق وأنقذ نفسي وانتهى الأمر!”