ما الذي يريده الأهل لأطفالهم الصبيان

0

ما الذي يريده الأهل؟

تخيّل للحظة أن أحدهم أعطاك مفاتيح سيارة جديدة، جميلة وقوية. لنقل إنك لم تتحقق من الوقود أو الإطارات أو الزيت، كما أنك لم تحدد وجهتك ولم تستخدم أيّ خريطة ولم تحمل معك طعاماً أو شراباً. جلّ ما فعلته هو الركوب في السيارة وإدارة محركها والانطلاق بها. ما الذي سيحصل برأيك؟

يقارب الأهل تربية الأطفال بهذه الطريقة المتهورة والمندفعة أحياناً. فيحمل كل يوم أزماته الخاصة؛ عليك أن تساعدي ابنك على النوم ليلاً، والدبّ والمشي واستخدام المرحاض والذهاب إلى المدرسة في نهاية المطاف. عليه أن يتعلّم كيف يقوم بواجباته المدرسية ومهامه الروتينية وكيف يقود وكيف يعود إلى المنزل في الوقت المحدد. لعله من المغري ألا نفكّر في ما هو أبعد من تحديات اليوم لكنك ستواجهين الكثير من هذه التحديات اليومية فيما أنت تربين ابنك. ولعل التربية القصيرة المدى ستنجح اليوم إلا أنها قد لا تشكّل المقاربة الأفضل لسعادة ابنك وسلامته على المدى الطويل… أو سعادتك وسلامتك أنت.

التربية البعيدة المدى

إليكم هذا الاقتراح: تخيّلي أنّ ثلاثين سنة مرت وأصبح ابنك راشداً. ما هو نوع الحياة التي تريدينها له؟ وماذ عن الصفات الشخصية المهمة بالنسبة إليك؟ ما هي المهارات التي تعتقدين أنه يحتاجها لينجح؟ عندما يكبر، أي نوع من الرجال تريدينه أن يكون؟ اجلسي مع شريك حياتك ودوّني الأجوبة على هذه الأسئلة. يكتشف معظم الأهل أنهم لم يفكروا في التربية بهذه الطريقة من قبل.

لعلك ستكتشفين أنك تريدين ابناً يتحلى بالمسؤولية والقدرة على التعاطف، ابناً واثقاً من نفسه ولطيفاً. أو لعلك تريدين أن يكون ناجحاً ومثقفاً ومستقلاً ومؤمناً. لعلك ستتمنين أن تكون علاقاته مستقرة، وزواجه سعيداً، وأن يُرزق يوماً ما بأولاد أصحاء. إن الحقيقة الواقعية بشأن تربية الصبي هي أن عليك أنت أن تزرعي هذه الصفات فيه.

مع مرور السنوات، تؤمّن التحديات التي تواجهينها مع ابنك المواد الخام كي يتعلّم أهم دروس الحياة. من المغري أن نركّز على التخلّص من المشاكل حالياً، وأن نجعل الولد يحسن التصرف ويستمع ويخلد إلى النوم ويستخدم المرحاض ويقوم بواجباته المدرسية ويتبع بالتالي القواعد. لكن الأهل الحكماء يتعلمون أنه من الأفضل التركيز على ما يتعلمه الطفل للمستقبل. يجب على كل تصرّف يهدف إلى تأديبه أو تشجيعه أو إظهار حبك له أن يعلّم ابنك القيَم والمهارات التي سيحتاجها ليعيش حياة منتجة وسعيدة.

جذور وأجنحة

ضعي لائحة بالمهارات والصفات الشخصية التي تريدين أن يتمتع بها ولدك وضعيها في مكان حيث ترينها غالباً. بعدئذ، وأثناء رحلتكما في الحياة، استخدمي هذه اللائحة كخريطة نحو وجهتك الأخيرة. إن العصير المراق ونوبات الغضب والمهام غير المنجزة فرص لتعلّمي ابنك ما يحتاج إلى معرفته كي يكون ناجحاً ولتبنيا علاقة ستدوم مدى الحياة.

قال شخص حكيم ذات مرة إن مهمة الأهل هي أن يعطوا الولد جذوراً وأجنحة… جذور بحيث يعرف دوماً أنه يستطيع العودة إلى المنزل بحثاً عن الحب والراحة والعزاء وأجنحة كي يستطيع أن يحلّق. سيساعدك أن تعرفي الشخص المذهل الذي هو ابنك على حقيقته في منحه الركيزة والفرح اللذين يحتاجهما كي يحلّق في سماء الحياة.

اترك رد