عبروا لاطفالكم عن حبكم:
لي صديقة عندها اربعة اولاد : صبّيان وبنتان.. احدى ابنتيها صديقة لابنتي.. في كل مرة ارى صديقتي انزعج من معاملتها لابنتها ولإهمالها إياها.. لم يحدث قط إن رأيتها تضمها أو تقول لها كلمة حلوة. وحينما تتحدث عنها تغرقها بالانتقادات..
في احد الايام كنت أحضّر الطعام وكانت ابنتي وابنة صديقتي تلعبان قربي وتتحدثان.
- قالت ابنة رفيقتي: “انا في الصباح احضّر السندويتش للمدرسة لأن امي تكون نائمة.”
- قالت لها ابنتي: “لم يحدث يوماً ان استيقظتُ ووجدت امي نائمة. هي تستيقظ دائماً قبلي.”
نظرت ابنة صديقتي الى ابنتي وقالت لها وفي صوتها غصة: هنيئاً لك.. انا امي لا تسأل عني..
كانت كلمات هذه الفتاة تصل الى قلبي كالسهام.. فهذه الطفلة تحتاج الى امها، تحتاج ككل الاطفال… الى أم تقول لها أنا احبك بالفعل والقول..
لقائي بصديقتي
في احد الايام وفيما كنت اتحدث مع صديقتي عن علاقتها الجافة بأطفالها ردت عليّ: “انا اؤمن لهم كل شيء.. أؤمن لاطفالي ألذ الاطعمة وأفضل المدارس واحسن الملابس فماذا يريدون اكثر.؟اعمل من الفجر الى النجر لأؤمن لهم حياة كريمة”
قلت لها :”ما فائدة المأكل والمشرب إن لم نخبرهم بحبنا لهم ونجعلهم يشعرون بهذا الحب ..ألا تدرين ان حب الأهل لأطفالهم يحسن صحتهم النفسية ويحميهم من عقدها؟..
- ألا تعرفين أن الحب يحسن أيضاً صحتهم الجسدية ويقوي مناعتهم؟.
- ألا تعرفين ان الحب يطور دماغ اطفالنا ويحسن ذاكرتهم؟
- ألا تدرين أن تعبيرنا عن الحب لأطفالنا وحضنتا اياهم يقوي الرابط بيننا وبينهم؟..
- ألا تعرفين ان الحب يجعل وطأة الحياة عليهم اهون وشظف الحياة اخف وألين؟”
أهمية شعور الطفل بأنه محبوب
تابعت أقول لصديقتي:
يا صديقتي إن شعور الطفل بانه محبوب يجعله يشعر بأن هناك شخصاً يثق به..
يا صديقتي شعور الطفل بانه محبوب يجعله يشعر بأنه انسان ذو قيمة وحين يشعر الانسان بانه ذو قيمة سينجح في المستقبل ولن تعيق طموحه اي عقبات..
شعور اطفالنا بأنهم محبوبون يمنحهم الشجاعة.. الاهل المحبون هم اساس قوي يقف عليه أطفالنا .. اساس يجعلهم يشعرون ان لا شيء في الحياة قادر على زعزعتهم او ازاحتهم وهذا ما يولد في قلوبهم الشجاعة .. لماذا ؟ لأن ظهورهم محمية واقدامهم راسخة ثابتة على اساس قوي” حب اهلهم”
يا صديقتي شعور الطفل بأنه محبوب يدخل السرور الى قلبه الصغير الخائف من هذا العالم الواسع المجهول.. إن شعور طفل في الخامسة من العمر او انسان في التسعين من عمره يجلب الفرح الى وجهه وروحه وقلبه..
شعور اطفالنا بأنهم محبوبون يدفئ قلوبهم ويرفع معنوياتهم ويفرش لهم طريقاً معبداً باليسر وليس بالعسر.
شعور الطفل بأنه محبوب يمنحه الوقت لينمو.. الحب هو الصبر.. الحب يمنح الطفل الوقت لاكتساب الحكمة واللباقة والتعاطف مع الآخرين.
شعور الطفل بأنه محبوب يسمح له بارتكاب الهفوات والأخطاء بدون الشعور بالدمار والذنب في كل مرة اخطأ فيها. فارتكاب الاخطاء حق من حقوق اطفالنا.. فمن حقهم ان يتعلموا والتعلم لا يمكن ان يحصل بدون اخطاء.. الحب يعني المغفرة.. الطفل المحبوب يعرف ان من يحبه سيصفح عنه ويغفر له اخطاءه مهما كثرت او قلت٠٠
- عبر الحب نسعى لاستخلاص افضل ما في اطفالنا.. عبر الحب نحصد من قلوبهم وروحهم مراعاة الاخرين، وجمال النفس، والرحمة .. ونزيل من نفوسهم الغضب والغل والضغينة والحقد والحسد.
- عبر الحب نزيل من نفوسهم الخوف.. فالحب يجعل الطفل يشعر بان هناك دائماً شخص يحميه.. الشخص المحبوب يمتلك الاسلحة لمحاربة المخاوف الآنية او البعيدة.
الحب يجعل الطفل اكثر ثقة بنفسه.. الحب يجعله يشعر بأنه شخص يتقبله الآخرون على ما هو عليه. بحسناته وسيئاته .. بغضبه وهدوئه.. بحزنه وفرحه.
الحب يحمي أطفالنا من الموت
في مطلع القرن العشرين في بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية وصلت نسبة وفيات بعض حالات الرضع الذين وضعوا في المياتم والحضانات إلى مئة بالمئة ، بحسب ما ذكر المعالج النفسي هاري بايكنغ.
أما أسباب وفاة معظم هؤلاء الصغار فلم يكن المرض او الجوع بل كان السبب عائداً الى الحرمان الشديد من العاطفة واللمس او بالأحرى كان سبب وفاة هؤلاء الرضع نقص الحب. علماً ان هؤلاء الرضع قد تمت معالجتهم من الامراض وجرت تغذيتهم بالشكل المناسب ولكنهم افتقروا بشدة الى محفز هام للنمو والعيش، افتقروا وحرموا بالتحديد الى اللمس والعاطفة ..
الحب ليس ترفاً .. الحب للطفل كالماء للنبتة.. هذا ما اكدته دراسات الأطباء النفسيين مثل هاري باكون Harry Bakwin ( 1894-1973) وهاري اديليستون Harry Eddlesto ( 1896-1940 ).
لا يكفي أن نحب اطفالنا في قلوبنا بل علينا التعبير عن هذا الحب ليشعروا بأنهم اشخاص محبوبون، ليشعروا أنهم اناس مميزون.