افهموا ولدكم المراهق لتعرفوا كيف تتعاملون مع مزاجيته وانفعالاته وغضبه!
افهموا ولدكم المراهق:
المراهقة هي عمر الاختبار. والأوضاع الجديدة التي تظهر في هذا العمر تحمل عندئذ صفة “جيدة” أو “سيئة”.
ثمة احساس مهم وهو الخوف من التغيير. يمكن للمراهق أن يشعر بأن استقراره متزعزع بسبب حدث قد يبدو لكم تافهاً وبسيطاً. عندما يُعاد طلاء غرفته وتغيير ديكورها على سبيل المثال: “أشعر وكأنني لم أعد في غرفتي.”
وفي مواجهة هذا الخوف، يقوم نظام الدفاع عند المراهق على نسيان ما يزعجه أو على رفض أو نبذ حدث يصعب عليه التعايش معه، كحادث سير يتعرّض له شخص عزيز أو دخول أحد أفراد الأسرة إلى المسشفى في حال طارئة.
وصف مشاعره بالكلمات
يجد المراهق صعوبة كبيرة في التعبير عن مشاعره بالكلمات. وعبارة “لا أعرف” تتكرر باستمرار على لسانه.
تبدو له التغيّرات العاطفية التي يمرّ بها مهمة للغاية، بحيث لا يجد كلمة مناسبة لوصفها. ويشعر بأنه أخرق ولا يتجرأ على التعبير عما يحسّ به لأنه يعجز عن ايجاد الكلمات المناسبة لوصف مشاعره.
وهذه الصعوبة في اخراج مشاعره للعلن، تجعل المراهق في موقع الطالب. يتمنى أن يفهمه أهله من همهماته وصمته ونظراته.
ولا يعتبر المراهق قراءة الأفكار والتخاطر من الخيال العلمي بل هي من ضمن المهارات التي يتوجّب على الأهل برأيه أن يجيدوها. ومن الطبيعي أيضاً برأيه أن تفهموا ما لا يتمكّن هو من التعبير عنه وفهمه، بما أنكم تحبونه.
أحاسيس جديدة
يبني المراهق شخصيته بإمكاناته الجديدة على الصعيد العاطفي والجنسي وعلى صعيد العلاقات. هذه الأحاسيس الجديدة تساعده في التعرّف على جسده الذي يتغيّر.
يبحث المراهق عن اللذة وهو مستعد للتجارب القويّة والمؤثرة. هذا الادراك الجديد لحواسه وأحاسيسه يؤثّر في طريقة لبسه وتصفيف شعره ووضع الماكياج والتعطّر الخ…
السيطرة على الأحاسيس والانفعالات
يُنشىء المراهق دفاعات، بمساعدة من لاوعيه، خوفاً من أن تغمره مشاعره وانفعالاته ويفشل في السيطرة عليها.
التحكّم بالرغبات والاندفاعات
يعقّد المراهق مشاعره. والتفكير في ما يحصل له يسمح له بأن يُبعد عنه الانفعالات والمشاعر التي تثير اضطرابه إلى حدّ كبير.
وتنتج عن هذا الموقف سلوكيات وتصرّفات انفعاليّة أو تقلبّات في المزاج. يتأرجح المراهق بين الحاجة إلى التصرّف والعمل عبر ممارسة رياضة عنيفة ومجهدة على سبيل المثال أو الحاجة إلى التجنّب، كالبقاء مسمّراً أمام ألعاب الفيديو لئلا يفكّر في شيء ولئلا يتعذّب.
حماية نفسه من بعض المشاعر
يسعى المراهق لأن يحمي نفسه من المشاعر المزعجة التي يعتبرها لاوعيه “خطرة”.
- يخفي حالاته العاطفيّة، عبر إظهار فرح مبالغ فيه في حين أنه يشعر بقلق كبير في داخله.
- يعيش المراهق انتكاسة، مع تصرفات طفوليّة، كي يجد طمأنينة المشاعر التي تعود إلى طفولته.
- يتوقّف عن الاعتناء بنفسه وعن الاستحمام: “الاستحمام يجعلني أشعر بالخوف.” يرتدي دوماً الملابس نفسها التي ستصبح بالنسبة إليه جلداً ثانياً يحميه.
يعبّر ولدكم في سن المراهقة عن مشاعره بطريقة متطرفة. يتعرّض المراهق إلى ضغوطات من كافة الأنواع، ويجد صعوبة في التعبير عن مشاعره المتنوعة. كيف عليكم أن تتفاعلوا كأهل مع العواطف المتطرفة للمراهق، وكيف يجب أن يكون رد فعلكم عليها؟
المراهقة هي فيض من المشاعر. إنها مرحلة حيث مشاعر القلق والغضب والدهشة والخوف والضجر والحزن والاكتئاب والخجل والعار تحلّ محل الرغبة والبهجة والفرح والشعور بالقوة المطلقة.
هذه الانفعالات القويّة تنتج عن التغييرات الجسديّة المرتبطة بالبلوغ فضلاً عن طريقة التفكير الجديدة التي تظهر عند المراهقة.
يحتاج المراهق الذي يبحث عن الحرية إلى أشياء جديدة ويرغب فيها، لكنه يخاف أيضاً مما يمكن أن يحدث له. وهو لم يستغنِ كلياً عن الحاجة إلى الأمان التي يجدها قرب والديه.
أفكار المراهق النمطيّة
الشك
يشكّ المراهق في نفسه باستمرار: “لا أفهم شيئاً في الرياضيات، لاسيما الكسور.”
المبالغة
يبالغ المراهق في كلامه ويستخدم كلمات متطرفة: “رسومات الآخرين في درس الرسم رائعة أما أنا ففاشل.”
التعميم
- “يستطيع الآخرون أن يقيموا صداقات بسهولة فيما أبقى أنا وحيداً وأشعر بالملل”
- “الفتيان لا يهتمون إلا بكرة القدم”
- “يحق للكل في المدرسة أن يلعبوا بألعاب الفيديو عند الساعة الحادية عشرة مساءً على الأقل.”
المقارنة
- “أنت تغني بشكل جميل وأنا غنائي مزرٍ”
- “الكل لديه صديقة وأنا سأبقى وحيداً طيلة حياتي، لن أجد من يقع في غرامي أبداً.”
باختصار، ماذا نقول، وماذا نفعل في مواجهة هذه الانفعالات القويّة التي يعيشها المراهق؟
القاعدة الأساسيّة هي ألا نقلّده. يجب أن نعرف كيف ننتظر حتى يخفّ التوتر لنعبّر بالكلمات عما يعبّر عنه المراهق بالصراخ أو بالدموع، تحت تأثير الغضب. يمكن حلّ أيّ شيء عندما يستطيع أن يجادل وأن يحوّل مشاعره إلى أفكار.
في إحدى الأمسيات، وبعد أن أنهينا العشاء في المنزل، عشاء اضطررت خلاله لأن أعزل نفسي لبضع دقائق لئلا انفجر غضباً بدوري، طلبت من ابني البكر أن يُحضر ورقة وقلم لكل فرد من أفراد الأسرة. فاجأني أن يستجيب لطلبي، فاقترحت على كل واحد منهم أن يكتب على ورقته العنوان التالي: “لا للعنف في العائلة”.
بعدئذ، طلبت منهم أن يكتبوا لائحة بما لا يناسبهم وما يعتبرونه عنيفاً.
بعد عشر دقائق من الهدوء، عبّر كل واحد عن شعوره وبالتالي تم الاستماع إليه والإصغاء لكلامه.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت هذه الأوراق الأربع في متناول الجميع على طاولة غرفة الجلوس، ونحن نعود إليها بانتظام كي نتفاهم.
وأنتم، ما الذي تفعلونه لتوجّهوا مشاعر المراهق المتطرفة؟ نرجو أن تشاركونا آراءكم في التعليقات أدناه