هل يمكنك التوقف عن الصراخ في وجه أطفالك كي يستمعوا إليك ؟
في البداية، دخلت عالم الأمومة وأنت تظنين أنك لن تعاني من تلك المشكلة أبداً لأنك ستمسكين بزمام الأمور دائماً وسيسير أطفالك على الصراط المستقيم داخل المنزل.
ومع ذلك، لا يعتمد ذلك على قوة إرادتك وحسب. لاحقاً، ستشعرين أنك عاجزة عن سد فجوة التواصل التي تكبر بينك وبين أطفالك. ستمتلئ هذه الفجوة في وقت معين وتكاد تنفجر. وما يزيد الطين بلة، هو أنك ستشعرين وكأنك عالقة بين المبادئ التي تربيتِ عليها والمرسّخة في نفسك وتلك التي تفرضها عليك وسائل الإعلام طوال الوقت والتي تجعلك مذنبة أكثر كل يوم.
قد يقودك ذلك للجنون.
ومع ذلك، يساعدك هذا الضياع الذي تشعرين به على أن تفهمي ثلاثة أشياء مهمة:
- • بعد أن تصرخي في وجه أطفالك، يغمرك شعور بالذنب
- • كلّما صرختِ في وجه أطفالك أكثر، يفقدون رغبتهم في الاستماع لما تقولينه
- • إن الصراخ مرهق جسدياً ونفسياً بالنسبة لك ولأطفالك
بما أنك تقرأين هذه المقالة، فأنت تبحثين بالتأكيد عن وسيلة للتواصل مع صغارك بكل لطف واحترام لكي تستطيعي أن تنامي وأنت مرتاحة البال.
سئمت من الصراخ في وجه أطفالك وتوبيخهم؟ واصلي القراءة.
1- التخفيف من حدة التوتر
حرارتك وصلت ل 42.5 درجة مئوية ومعدل ضغط دمك تجاوز ال18.9. لا بد أن طبيبك يشعر بالقلق الشديد تجاهك.
هذه هي حالتك الآن وأنت تشاهدين ولدك يسكب كوب الماء بكل برودة أعصاب وينظر إليك وكأنه يتحداك “ماذا ستفعلين الآن؟ هاه؟”
في هذه المرحلة ، الهدف من اللعبة هو تنفيس الغضب والتوتر. (دعي الأب يلتقط الكوب الفارغ).
لأن جميع النقاط التالية غير قابلة للتطبيق بدون ممارسة هذا التمرين البسيط:
- • اختاري مكاناً محدداً وخصصيه لنفسك واجلسي تحت لوحة ما.
- • استنشقي الهواء وعدي حتى 4 ثم توقفي وعدّي حتى 4 أيضاً.
- • ازفري لمدة 4 ثوان ثم توقفي. ثم اكملي لمدة 4 ثوان أخرى.
- •اعيدي الكرّة 3 مرات.
هل تشعرين بتحسّن ؟ فلننتقل إذاً للخطوة التالية.
2-توقفي عن الصراخ في وجه أطفالك وارقصي عوضاً عن ذلك.
تجدي هذه الطريقة نفعاً مع البالغين والصغار على حد سواء. عندما يخرج الوضع عن سيطرتك، فلتحركي جسدك. انهضي ، اجلسي ، ارقصي ، اقفزي.
لماذا ؟ لأنك بذلك تستعيدين سيطرتك مجدداً.
في الواقع ، يغيّر تأثير هذه المفاجأة، الناجمة عن التغيير غير المتوقع، طاقة ولدك كلياً: أي أنه يشعره بالقلق.هو يكسر رغبته بالتحدي. عندها, سيستمع لك ، ويمكنك أخيرًا التحدث (وليس الصراخ).
فلننتقل إلى النصيحة التالية من فضلك!
3- اركعي على ركبتك أمامهم
لكي تتوقفي عن الصراخ في وجه أطفالك ، اركعي أمامهم.
عندما تركعين وتقفين في المستوى ذاته الذي يقف به طفلك، سيشعر هذا الأخير بأنك تهتمين لأمره وتستمعين له وتحترمينه.
عندها، سيصبح الطفل أكثر تقبلاً لأي طلب تطلبينه منه. انظري نحوه مباشرة واطلبي ما تريدين بلطف. وبما أننا ذكرنا التعاطف ،سأخبرك عن لعبة صغيرة فعالة جدًا ألعبها أحيانًا مع ولدي:
4- لعبة تقليد الطفل
تعتمد هذه اللعبة على واحد من أهم الروابط البشرية ، والطبيعية والأساسية: التعاطف.
وبالتالي ، من الأفضل أن تقفي على نفس مستوى طفلك (لكي لا ننسى: اجعليه يشعر بأنك تهتمين لأمره وتستمعين له وتحترمينه. ) وقلّدي كلماته ومواقفه.
ملاحظة: لن تقلّديه للاستهزاء به. أبداً. لذا نفّذي الأمر بكل حذر.
الهدف: جعله يفهم أننا نفهم رغبته ، وأننا نفهم الإحباط الذي يشعر به. قومي بتقليد طريقة كلامه واتخذي وضعيته الجسدية ذاتها.
“أنت لا تريد ترتيب غرفتك لأن اللعب ممتع أكثر بكثير ” ثم قومي بطي ذراعيك إذا قام هو بفعل ذلك. على الرغم من ذلك ، إذا استمرت المشكلة ، يمكنك تجربة الحيلة التالية.
5- مارسي الألعاب البديلة
ليا لا ترغب أن تنظف أسنانها. هي لا تريد ترتيب غرفتها أيضاً.
حسناً.
لن يجدي الصراخ في وجهها وتوبيخها أو معاقبتها نفعاً. لذلك عليك أن تتصرفي بذكاء وتغيّري الطلب. هي لا تريد ترتيب غرفتها؟ حسناً.
اطلبي منها المساعدة في الطهي. ستهتمون بالغرفة لاحقًا.
بهذه الطريقة ، يمكنك خلق لحظة من المشاركة المرحة بينكما وسيظن الطفل “أنا أفعل شيئًا رائعًا مع أمي” ولست أقوم ب “الأعمال الروتينية”.
الآن، عندما ستطلبين منها ترتيب غرفتها مرة ثانية ستعتبر المهمة أقل صعوبة.
6-هنئيهم على انتصاراتهم بدلا من أن توبخيهم على أخطائهم
أحسنت صنعاً.
في كتابه المترجم إلى 37 لغة مختلفة “كيفية كسب الأصدقاء”، ساعد دال كارنيجي أكثر من 40 مليون شخص على التواصل بشكل أفضل. يخبرنا من خلاله أنه من الأفضل بكثير أن نتواصل مع الآخرين من خلال التشجيع والثناء بدلاً من اللجوء إلى العقاب والتوبيخ والنقد.
ننصحك بقراءة هذا الكتاب لأنه سيساعدك على تربية أطفالك بطريقة إيجابية.
في الواقع، تحدث العملية بأكملها على المستوى العصبي: يشعر الطفل الذي يتلقى الدعم بالتقدير والمكافأة. وعندما يتم تفعيل مناطق “المكافأة” في الدماغ، يحدث أمران مثيران للاهتمام:
- • يشعر بالتشجيع
- • تنشأ لديه رغبة بأن تتم مكافأته من جديد
إذن كلما شجعته أكثر، حصلت على نتائج أفضل.
7-اخلقي روتيناً إيجابياً
في السنوات الأولى من حياته، يكون الطفل عبارة عن صفحة فارغة تملئينها من الصفر. هو لا يفقه شيئاً وبحاجة ماسة إليك لتعرّفيه على كل ما يجب أن يعرفه.
بعد ذلك، يمر الطفل بمراحل عديدة وبأنواع روتين مطمئنة تسمح له بأن يختبر حدوده وبأن يفهم قواعد اللعبة.
وبالتالي، الطفل المعتاد على ترتيب أغراضه بعد أن ينتهي من اللعب، لا يجعلك ترغبين بتوبيخه قط.
8- البداية (الولادة): عندما تأتي الفكرة منهم وليس منك
الأطفال أذكياء جداً.
نحن أيضاً أذكياء، بل نفوقهم ذكاء لأننا نمتلك خبرة يفتقرون لها. اغرسي بذور الفكرة الجيدة داخل رأس طفلك حتى تنبت واسمحي له بأن يكتشف الحل بنفسه.
هل فقد طفلك لعبة من ألعابه؟ استغلي الفرصة لجعله يرتب ألعابه:
“يا إلهي! لقد فقدت لعبتك… كم هذا مزعج. كيف ستجدها تحت كومة الألعاب غير المرتبة تلك؟”
قد لا تنفع تلك الخطة كل مرة، ولكن عندما تجدي نفعاً، تكونين قد حققت فوزاً عظيماً.
9- اطرحي على نفسك السؤال الأكثر أهمية
بالنسبة إليك، لماذا تشعرين بالرغبة في الصراخ؟
- لأن أطفالك لا يستمعون إليك
- لأنك تشعرين بالعجز
- لأنك تشعرين أنه لا يتم احترام احتياجاتك وتلبيتها
أنت تشعرين بذلك للأسباب الثلاثة جميعها!
ولكي تشعري بأنه يتم احترامك والاستماع لك، من المهم جداً أن تعبّري عن ذاتك وعن حاجتك أمام الشخص الذي ترغبين بإقناعه.
من أجل معرفة إيصال هذه الحاجة، عليك أن تعرفي حاجتك أولاً وأن تفهميها وأنت تعرفين مصدرها.
أنت تحتاجين إلى أن يرتب ولدك غرفته لأنك بحاجة إلى:
- النظام: بما أنه يعزز رفاهية الجميع
- المساعدة في الحفاظ على هذا النظام: أنت تشعرين أنك الوحيدة التي تسعى إلى تنفيذ هذه المهمة
عبري عما تشعرين به بوضوح.
عندما تفعلين ذلك، سيصبح من السهل عليهم فهم ما تنتظرينه منهم وأهميته بالنسبة إليك. وبهذه الطريقة، لن تحتاجي إلى توبيخهم بعد الآن.
10- قوة كلمة “لأن”
لكل كلمة أهمية كبيرة.
يمكن لكلمة واحدة تستخدمينها داخل جملتك أن تحدث فرقاً كبيراً في المعنى. وبالأخص في اللغة العربية.
كلمة “لأن” تحمل قوة كبيرة في طياتها وعندما تستخدمينها بعد طلب محدد، هي تغير نتيجة استجابة الفرد لطلبك بطريقة إيجابية. إنها تشعره بالتشجيع.
ضعي نفسك مكان طفلك واقرأي الجملتين التاليتين:
- “أنا أريدك أن ترتّب غرفتك. عندها، ستجد ألعابك بسهولة أكبر. وبتلك الطريقة، ستساعدني كثيراً.”
- “أنا أريدك أن ترتب غرفتك لأنني أعتقد أن الغرفة المرتبة تساعدك على إيجاد ألعابك بسهولة أكبر ولأنني بحاجة ماسة إلى مساعدتك لكي تبقى نظيفة.”
هل لاحظت الفرق؟
11- القيادة بالقدوة (كوني مثالاً يحتذى به)
الأهالي هم المثال الأعلى لأطفالهم.
لذا، من المستحيل أن يفعلوا ما لا تفعلونه أنتم. لا يجدي العقاب نفعاً بالمرة. يجب علينا، بصفتنا والديه، أن نكون مثالاً حسناً كي يتبعه.
لذا، إذا أردت منه أن يرتب غرفته، اجعليه يتبع مبدأ البساطة في حياته لكي يتعلم كيفية تنظيم أغراضه. علّميه كيفية تنظيمها بحسب لونها وشكلها في أماكن محددة لأن العملية بأكملها تصبح أكثر متعة.
وجّهيه إلى الطريق الصحيح وافعلي ما تطلبينه منه قبل أن تطلبيه من الأساس.
بالمختصر المفيد، عليك أن تمنحي لكي تتلقي. وليس العكس.
12- احظي أنت وطفلك بقسط كاف من النوم
تعتبر هذه القاعدة الحجر الأساس في العملية بأكملها.عندما تشعرين بالتعب، تبدأين بالصراخ لا إرادياً. وينطبق الأمر ذاته على أطفالك.
من أجل حلّ المشكلة، راجعي النقطة السابعة لأن الروتين قد يكون مفيداً جداً. خذي قسطاً من الراحة أي استغلي كل قيلولة لتستعيدي نشاطك خلال 10-15 دقيقة.
هيا بنا ننتقل إلى النصيحة الأكثر غرابة والتي لا يمكن للمرء توقعها والتي ستساعدك على التوقف عن الصراخ في وجه أطفالك.
13- اعتذري من أطفالك
إليك نصيحة غير بديهية قد تنقذ حياتك مراراً وتكراراً وتسمح لك بارتكاب الأخطاء:
اعتذري من أطفالك.
انتباه: نحن لا نطلب منك أن تتراجعي عن قراراتك بسبب الشعور بالذنب أو الخوف من أن يفقد طفلك حبه لك.
بل نحن نتحدث عن الاعتذار الذي نقدمه عندما تغلب علينا عواطفنا أو عندما نشعر أننا ظلمنا طفلنا في أي موقف من المواقف.
قد نوبخ أطفالنا ونصرخ في وجوههم بسرعة ودون أن ننتبه، وقد يحدث ذلك مع الجميع. لدينا الحق في أن نشعر بالتعب، هذا أمر طبيعي.
لكلمة “أنا آسفة” سحر خاص لأنها تحول الأخطاء التي ارتكبتها إلى دروس تربوية رائعة.
أفضل الآباء هم أولئك الذين يجلسون على مستوى أطفالهم ويعتذرون منهم ويشرحون لهم سبب حدوث ذلك. هؤلاء الآباء هم رمز للصدق والثقة والمرونة والإستقلالية العاطفية.
14- غيّري طرق التربية التي تعتمدينها وكوني أقل صرامة
“لم يؤدِ العقاب بالضرب لقتل أي طفل من قبل، إذا لم تضرب بيد من حديد ولم تكن صارماً مع طفلك وهو صغير، ستفقد السيطرة على الأمور لاحقاً…”
نعلم جميعنا كل هذه النصائح “المفيدة” التي نسمعها منذ طفولتنا والتي نطبقها على أطفالنا أحياناً لأن أهلنا طبقوها علينا وقد نفعت بالفعل…
ولكننا نرغب بتربية أطفالنا بطريقة مختلفة.
لقد فهمنا أن العنف الجسدي أو اللفظي لا يجدي نفعاً على المدى البعيد وأنه يتسبب بجروح لا تلتئم وتنعكس سلباً على مستقبلهم عندما يصبحون بالغين.
لذا، نحن نحرر أنفسنا من عادات الماضي ولا نخاف من إيذاء الأم التي ربت 5 أولاد والتي تقدم لنا نصائح التربية تلك. لا يجعلنا ذلك أقل كفاءة. نحن نستمع لهذه النصائح ولكننا نعتمد الأسلوب الذي يناسبنا.
إذا لم نقم بذلك، سنشعر بالانفصام والتردد. وسيصبح نظام التربية الذي نعتمده في الحضيض.
أتسمعين ذلك؟… إنه صوت صراخك الذي سيعم المكان قريباً.
15- خذي قسطاً من الراحة بعيداً عن أطفالك
تحركي من مكانك!!!
خذي قسطاً من الراحة بعيداً عن أطفالك.
تساعدك هذه الطريقة على الاسترخاء. أنت تستحقين ذلك. كلا، ليست مشكلة كبيرة. نعم، سيرغب أطفالك بمعانقتك وتقبيلك عندما تعودين.
أنا معتادة على أن أذهب في عطلة لوحدي لمدة أسبوع منذ سنتين.
هل تشعرين أنك لا زلت مضطرة للصراخ في وجه أطفالك وتوبيخهم؟
أحياناً، قد تصرخين دون أن تشعري. يحدث الأمر دون سابق إنذار. وهذا أمر طبيعي لأنك لست آلة. أنت إنسان من دم ولحم وهرمونات متقلّبة. لدينا كامل الحق بأن نقترف الأخطاء وبأن ننفجر في مرحلة معينة ونصرخ في وجه أطفالنا.
هذا أمر طبيعي تماماً وهو يظهر لأطفالنا أنه لا بأس باقتراف الأخطاء وأن أهم ما يجب القيام به هو الحفاظ على الثقة بين أفراد العائلة.
تشمل هذه العلاقة المبنية على الثقة كلّاً من الاستماع والحوار وحرية التعبير والرحمة والتواطؤ. عليك البدء بغرس بذور هذه العلاقة بينكما الآن حتى تنبت لاحقاً.
بالطبع، ستكتشفين أثناء قراءة هذه المقالة أنك قد ارتكبت أخطاء عديدة. أجل، ربما كان بإمكانك أن تؤدي عملاً أفضل في بعض المواقف ولكن اعتبري اليوم بداية جديدة وحاولي تغيير سلوكك وتحسين أساليبك لأن القطار لم يفتك بعد والموت وحده غير قابل للتغيير.
كل ما عليك فعله هو اختيار واحدة من الطرق الـ15 التي قدمناها لك واعتمادها مع أطفالك فوراً وعندها سيحصل ما لم يكن في الحسبان: ستشعرين بالفخر.
الفخر بذاتك.
لأنك ستكتشفين أن بذور الحب لا تُنبت ثماراً من العنف