لماذا على الأم ألا تكون الصديقة المقربة لابنتها؟

0

الصديقة المقربة :
ينبغي وجود الثقة، والدعم، والتفاهم بين الأم وابنتها، لكن هل من الضروري أن تكونا صديقتين مقربتين؟

لا يوجد أجمل من عائلة يسود الوئام في علاقاتها. الواقع أنه ينبغي على الأهل الحفاظ على التواصل مع أبنائهم. وينبغي أن يكونوا الأشخاص الذين يساندون أطفالهم تحت أي ظروف.

ينبغي أن يكون المنزل هو المكان الذي يشعر فيه كل إنسان بالأمان، والمكان حيث يشعر جميع أفراد العائلة أنهم مقبولون، ومفهومون، ومدعومون. وبالطبع، لا أقول إن التوصل إلى هذا المستوى من الوعي والسكينة بالأمر السهل.

ينبغي أن يتشارك الجميع في هذا الأمر. ويعود دور الإرشاد إلى الأهل، فهم مسؤولون عن توجيه أطفالهم إلى الطريق الصحيح وشرح الفرق بين الخطأ والصواب. بالإضافة إلى أن الأهل هم أول حماة لأطفالهم.

لكن، غالباً ما تنشأ العلاقة غير الصحية هنا. حسناً، قد تبدو كلمة “غير صحية” قوية بعض الشيء. لكن على أي حال، إنها علاقة غير متوازنة. الواقع أننا غالباً ما نرى أهلاً يريدون حماية أطفالهم للغاية بحيث يتولون جميع الأدوار في حياة الأطفال.

وبالتالي، يصبح الأهل أساتذة أيضاً، ومختصون نفسيون، وزملاء، وأصدقاء.

سأتوقف عند النقطة الأخيرة وسنتحدث بالأخص عن الرابط بين الأم وابنتها. الواقع أنه، من خلال رغبة الأم في أن تحترم وتحب من قبل ابنتها، يمكن أن تتجاوز الحدود الصحية للأمومة. ماذا يعني ذلك؟ لم تعد أماً، بل أصبحت صديقة مقربة لابنتها. وبالتالي، تأمل أن تنشأ علاقة ثقة رائعة بينهما. تريد أن تخبرها ابنتها كل شيء بحرية ولا تحتفظ بأي أسرار عنها. في الحقيقة، ما يحاول هذا النوع من الأمهات أن بفعله من خلال علاقة قائمة على أساس الثقة والتفهم غالباً ما يرتكز على الحاجة للسيطرة.

في أغلب الأحيان ، تخفي الحاجة للسيطرة هذه خوفاً عميقاً. الخوف من أن يحدث أمر ما لابنتها أو أن يؤذيها أحد ما، دون أن تستطيع القيام بأي شيئ لمنع هذا الأمر أو مساعدتها.

لكن أن تكون الأم هي الصديقة المقربة لابنتها أمر يبعد كل البعد عن اعتبارها فكرة جيدة. لماذا؟
لا ينبغي أن تكون الطفلة المعالجة النفسية للأم

يتشارك الأصدقاء المقربون الأسرار، ويتحدثون عن المشاكل، ويدعمون بعضهم عاطفياً. ينبغي أن تكون هذه العلاقة متبادلة، لكنها لن تكون صحية للأم ولا للطفلة.
الواقع أنه لا ينبغي أن نثقل كاهل الطفل بهموم أهله. وفي هذا الحالات، يمكن أن تتبدل الأدوار بحيث يتولى الطفل مهمة التصرف كالأهل، أي كإنسان بالغ.
من ناحية، يدفع هذا الأمر بالطفلة كي تكبر بسرعة وتشارك بأمور غير مناسبة لعمرها. ومن ناحية أخرى، تستخدم الأم طفلتها كي تشعر أفضل ولمعالجة مشاكلها الشخصية.

من الضروري فرض الحدود

على الرغم من أن الأصدقاء يستطيعون إنشاء حدود في علاقاتهم، إلا أن هذه الحدود مختلفة تماماً عن العلاقة التي يبنيها الأهل مع أطفالهم. ينبغي على الفتاة أن تعرف أن هذه الحدود وضعت كي تحترم. وعلى الأم أن تكون هي السلطة بالنسبة لابنتها وإلا يمكن أن يتطور الأمر إلى ضعف في السيطرة على النفس.
قد يكون من الصعب على بعض الأشخاص أن يصبحوا مستقلين، وأن يكونوا مسؤولين عن تصرفاتهم، وأن يتعلموا اتخاذ القرارات الصائبة. حتى ولو اعتبرت الأم وابنتها نفسيهما صديقتين ، إلا أنه سيبقى هناك دائماً شعور الفوقية.
والواقع أن الأم تتولى دائماً مهمة السيطرة، بينما على الابنة القيام بما قالته لها أمها. لكن يمكن أن تصبح الحدود غير واضحة شيئاً فشيئاً، لأن الأم تصبح متساهلة وتستغل الطفلة الموقف.

مع مرور الوقت، يتغير دور الأم

في المقابل، إن دور الصديق أكثر ثباتاً. فليس عليه أن يصبح مستقلاً عن الآخر مع مرور الوقت. وبالتالي، إن تصرفت كالصديقة في العلاقة مع ابنتك، قد يصعب عليها التكيف وتقبل أنها أصبحت راشدة.
أعني، إن لجأتم دائما لأمكم في النصائح أو الخيارات التي ينبغي أن تقرروها، كيف ستتعلمون بناء الثقة بنفسكم؟ كيف ستتقدمون تجاه الحياة التي تريدون أن تعيشوها حقاً؟

من الصعب على الفتاة أن تطور شخصيتها

أن تكون الأم قريبة من ابنتها للغاية يمكن أن يمنع الأخيرة من تطوير شخصية مختلفة عن أمها. وحتى تتطور طبيعياً، عليها أن تراقب تصرفات أقرانها، إضافة إلى أشخاص آخرين تعرفهم وأن “تجمع” سمات شخصية مختلفة، وأفكاراً، وطرق تفكير.
لكن إن كانت الأم صديقتها المفضلة، لن تتعلم صياغة آرائها الخاصة شيئاً فشيئاً ولن تستطيع بناء هويتها الخاصة أيضاً.
عندما تكون الأم وابنتها صديقتين مقربتين، لن يكون لهذه الأخيرة سوى مصدر واحد للمعلومات والأفكار والنماذج. وستقلد أمها أيضاً، حتى لو لم يكن الأمر مناسباً لها أو حتى لو أرادت أن تفعل شيئاً بطريقة مختلفة.

تخاطران بأن تعتمدا على بعضكما كثيراً

يعتبر الحصول على صديقة مقربة أمراً مفيداً للطرفين. يختلف الأمر إذا تشاجرت صديقتان عما إذا تشاجرت الأم وطفلتها. وفي عصرنا هذا، العلاقات العائلية مضطربة أيضاً، بحيث أن دور الأم كما دور الأهل، هو موضع تساؤل.
لطالما كل شيء على ما يرام في هذه الصداقة، إذن الحياة جميلة. لكن ماذا يحصل عندما تتشاجر صديقتان؟ غالباً ما تخرج الكلمات والتصرفات دون تفكير. أي أن الشجار يمتد بسرعة إلى العلاقات الأبوية، أو حتى إلى العائلة بأكملها.

اترك رد