أهمية الانضباط العاطفي الذاتي
الانضباط العاطفي الذاتي هو القدرة التي يمكن أن ينمّيها الأطفال على ضبط انفعالاتهم القويّة قبل أن تكتسحهم وتسيطر عليهم (على سبيل المثال: الغضب الذي يتحوّل إلى عنف؛ الخوف الذي يتحوّل إلى قلق وتوتر؛ والحزن الذي يصبح اكتئاباً).
والانضباط الذاتي هو شرط من شروط حلّ الخلافات والنزاعات من دون عنف لأنّ الطفل لا يجسّد شعوره بل يدرك أنّ هذا الشعور يتملّكه ويصبح قادراً على التفكير من جديد. بعد ضبط انفعالاته القويّة، يمكن للطفل أو المراهق أن يحدد حاجاته، ويوصلها للآخرين ويرى وجهة نظر الأشخاص الآخرين المعنيين وأن يتحاور معهم للوصول إلى حلول يكون الكلّ فيها رابحاً.
3 سبل لتطوير الانضباط العاطفي الذاتي عند الأطفال والمراهقين
في كتابها متلازمة الصورة الذاتيّة، تقترح ميشال بروبا سبلاً عدة لتطوير الانضباط الذاتي عند الأطفال والمراهقين:
1- أن نجسّد نحن أنفسنا كراشدين الانضباط الذاتي
كي تعلّموا ولدكم كيف يضبط انفعالاته، يجب أن تكونوا المثال والقدوة. بعد يوم عصيب، كيف تتصرفون أمام طفلكم؟ إن كنتم تقودون وقطعت إحدى السيارات الطريق عليكم؟ إذا أبلغكم المصرف أنّ حسابكم مكشوف؟ إنّ أولادكم يراقبونكم مهما حدث… من المهم أن تتأكدوا من أن سلوككم هو السلوك الذي تتمنون أن يتبعوه.- ميشال بوربا
2- احترام فرادة كل طفل
يفضّل بعض الأطفال الانعزال بدلاً من المواساة في حال شعروا بالحزن؛ ولا يحتمل بعض الأطفال أن يلمسهم أحد خلال نوبة الغضب؛ ويشعر بعضهم بالتأثّر الشديد إن رأوا شخصاً آخر في محنة؛ ويُظهر البعض توتره وانزعاجه على شكل آلام شديدة في الرأس أو في البطن.
بالتالي، من المهم أن نكون على موجة واحدة مع الطفل الموجود أمامنا لئلا نفرض عليه حلاً جاهزاً للاستعمال. تسمح مراقبة الحاجات الخاصة لكل طفل بأن نُظهر تعاطفاً أكبر اتجاه الطفل المعني وبأن نكون بالتالي أكثر فاعليّة.
3- اكتشاف انذارات الجسم
يمكننا أن نشرح للطفل أنّ جسد كل واحد منا يعطيه إشارات هي بمثابة انذارات لينبّهه إلى حالة التوتر ويشير إلى ضرورة تفريغ هذا التوتر والتخلّص منه وإلا فسننفجر.
يمكننا أن نساعد الطفل على إدراك هذه الإشارات التي يرسلها الجسم:
- الاحساس بالسخونة في الخدين
- شدّ في الجسم (عضلات متصلّبة، فكّان مطبقان بقوة، قبضتان مشدودتان)
- نبضات قلب سريعة
- صعوبة في التنفس أو أنفاس متقطّعة
- اضطراب في المعدة
- جفاف في الفم…
في حال حصول نوبة انفعالية، يمكننا أن نعكس للطفل ما يجري في جسمه بأن نقول له مثلاً: “أرى أنّ قبضتيك مشدودتان. أشعر وكأنّ الغضب يتصاعد في داخلك. أليس كذلك؟”
كلما أصبح الأطفال واعين لتوترهم منذ بداية ظهوره، كلما استطاعوا أن يضبطوا أنفسهم بشكل أفضل- ميشال بوربا.