ما نسميه “تصرفات خاطئة” (لمس كل شيء، وضع أيّ شيء في الفم…) لدى الأطفال هو في الواقع بذور ذكاء

0

تصرفات خاطئة: في كتابها “اجعلوا عقلكم يرقص”، كتبت لوسي فانسان أنّ تطور الدماغ الهدف منه أن يتحكّم بحركات الجسم وينسّق عمل الأعضاء. إنّ التطوّر نحو جسد أكثر تعقيداً هو ما فرض وجود الدماغ. لذا، نستنتج أنّ استخدام الجسم بشكل أفضل (لاسيّما عبر الرقص كما تقترح لوسي فانسان) يمكن أن يسمح بتحقيق الأداء الأفضل للدماغ.

إنّ الحركة والدماغ مرتبطان ارتباطاً وثيقاً إلى حدّ أنه من الممكن حتى تشخيص الإصابات في الدماغ أو التلف فيه بمجرد مراقبة حركات المواليد الجدد أو وضعية أجسادهم عند الاستراحة.

ترى لوسي فانسان أنّ ما نسميه حماقات أو تصرفات خاطئة (لمس كل شيء، وضع كل شيء في الفم…) عند الأطفال هي في الواقع بذور ذكاء.

وتقول: “يعتمد تطوّر دماغنا إذاً على التجارب العديدة التي يجريها بشكل طبيعيّ تماماً الأطفال الذين يتركون أحراراً في حركتهم فلا يتم تقييدها: تذوّق كل شيء، لمس كل شيء، الشعور بكل شيء…”

يلعب المخيخ دوراً أساسياً في تنسيق الحركات. وتأسف لوسي فانسان لأننا مهووسون بقوة وقدرة القشرة المخيّة (“ملكة التفكير”) وأننا بالتالي نميل مبدئياً إلى اعتبار المخيخ الذي يعنى بالحركة أقل نُبلاً وغير جدير بالاهتمام.

ترى لوسي فانسان أنّ المخيخ هو تقاطع الجسد مع الفكر وأنّ تنسيق الحركة والفكر مرتبطان ببعضهما. يستند التحكّم بالفكر المفاهيمي على الآليات نفسها كالتحكّم بالحركة.

“بمعنى آخر، يصبح التعامل مع المفهوم آلياً تماماً كالتعامل مع طابة كرة مضرب”- لوسي فانسان

كل ما نعرفه يدخل أولاً إلى دماغنا عبر حواسنا التي ربطت بين هذه الأحاسيس وقيم مفاهيميّة. ويتولّى المخيخ القيام بهذا العمل فيمنحنا إمكانية التفكير بطريقة نظرية ومجردة.

تستنتج لوسي فانسان إذاً أنه إذا كانت مساهمة الجسم المادية ضرورية لايصال مفاهيم مجردة جديدة إلى الدماغ وتمكينه من استيعابها ودمجها، فلعل تعليم طلاب جامدين وجالسين على الكراسي طيلة النهار ليست هي الوسيلة الأكثر فاعليّة.

وتقول لوسي فنسان أخيراً: “يبدو المخيخ كقائد الأوركسترا المسؤول، بموجب التصميم الخلوي لبنيته، عن ربط الأحاسيس الجسديّة بالمشاعر والانفعالات والعمليات الإدراكيّة.”

اترك رد