أنا أقدم عدة خيارات لطفلي حين يرفض أن يقوم بشيء ما…لماذا لا تنجح طريقتي؟

0

من الإقتراحات التي نجدها غالباً في الكتب والمدونات المعنية بشؤون التربية الإيجابية، منح أطفالنا خيارات عندما يرفضون القيام بشيء ما. على سبيل المثال، إذا رفض طفل أن يرتدي ملابسه، يُنصح بتركه يختار بين لباسين لجعله يتوهم بأنه اتخذ القرار بنفسه (بأنه يملك سلطة معينة).مع ذلك، تمكن الكثير من الأهل الذين لديهم أطفال صغار من أن يلاحظوا التالي: إن اقتراح عدة خيارات للطفل ليس عصاً سحرياً كي ينفذ ما يتوقعه منه والديه.

من ناحية، إن إعطاء الكثير من الخيارات للطفل أمر مرهق. حتى بالنسبة لنا كأشخاص راشدين من الصعب اتخاذ قرار بين عدة خيارات لأننا نخاف من فقدان الخيار الذي رفضناه أو من فقدان إمكانية استكشاف مسار آخر غير الذي اخترناه.

ومن ناحية أخرى، فإن أسلوب عرض الاختيار هذا هو وسيلة تلاعب بالطفل تحرمه من استقلاليته ومن علاقة صادقة. الهدف منها هو صرف انتباهه عن الأزمة التي ستحصل. والمشكلة تكمن في أن الاختيار الذي يتم عرضه هنا ليس في الحقيقة خياراً حقيقياً: إنه اختيار مغلق والأهل يبقون وحدهم هم أصحاب القرار. الفكرة في الواقع هي الالتفاف والمواربة لتجنب مرور الطفل بنوبة إحباط (تجنب دموعه وصراخه عوضاً عن تقبلها كعملية صحية للإصلاح والشفاء في مواجهة الإحباط).

يمكننا السعي إلى تسليط الضوء على ما هو مخفي خلف هذا التوع من النصائح: هل الشخص الراشد مستعد لسماع معارضة الطفل وطريقة تعبيره عن الاستقلالية؟

سيكون من الأكثر فعالية أن نأخذ بعين الاعتبار سياق الحدث والطفل بشكل فردي. منذ اللحظة التي أصبح فيها الاطفال أدوات تجارب، أصبح الأهل (وباقي المربين) مجرد منفذين موضوعيين يطبقون وصفات تربوية ويكررون جميعاً نفس العبارات التي يقرأونها في الكتب.

لهذا أقترح التفكير فيما يتعلق بالمشاعر والاحتياجات والرابط ومراحل النمو والمهارات وأن نعمل على أنفسنا لإظهار المزيد من المرونة في العلاقات. عوضاً عن عرض خيارات، يمكننا أن نتنحى جانباً قليلاً ونفكر في طرق أخرى في التفكير من الممكن أن تؤدي إلى طرق تصرف أخرى.

التفكير في المشاعر
  • تحمّل مسؤولية مشاعرنا كأشخاص راشدين والتواصل مع أطفالنا: “أنا سأشعر بالانزعاج إن لم تقم بارتداء سترتك، أخاف عليك من أن تصاب بالمرض.”
  • التعبير عن الغضب بطريقة غير عنيفة، عوضاً عن إجبار أنفسنا على التزام الهدوء دائماً: التعبير بحزم عن مشاعرنا (توقف! لقد تخطى الأمر حده، لن أتحمل المزيد!”)، وأن “نصرخ” ونحن نعبر عما نريده (“الآن، أنا بحاجة ماسة إلى أن تحترمني وتنفذ ما أطلبه منك!”).
  • معرفة اسباب معارضة الأطفال. الإحباط ليس عيباً أو أحد مظاهر سوء التربية، بل هو جزء من آلية عاطفية مشتركة بين جميع الأطفال. الإحباط هو من المشاعر الصحية، والطفل الغاضب المحبط ليس “مشاغباً أو مزاجياً”: إنه فقط يمر بمشاعر قوية في مواجهة موقفٍ ما لم يحصل فيه على ما يريده. تغذي هذه المشاعر تغيّر أو آلبة التحول الذاتي في مواجهة ما لا يمكن تغييره. على سبيل المثال، يتعلم الطفل الذي يمر بخيبة أو إحباط أن باستطاعته أن يبقى على قيد الحياة إذا فقد لعبة، حتى لو كان هذا الأمر محزناً. الغضب، هو التعبير العاطفي الصاخب والذي يزيد من حدة التوتر من وجهة نظرنا كأشخاص راشدين، هو نفسه الشعور الذي يساعد الطفل على التعافي من الإحباط.
التفكير في المهارات
  • إمساك يد طفل بهدوء وإعادة توجيه سلوكه دون تهديد أو نقد. في هذه الحالة، سيحصل الأطفال على ما يحتاجون إليه: المساعدة، إعادة التوجيه بشكل لطيف، والإبتسامة.
  • التحدث عن المشكلة المشتركة: “أنت، تفضل ارتداء حذائك الرياضي بدلاً من الحذاء الشتوي. وأنا أخاف أن تمرض بعد أن تتبلل قدماك. كيف يمكننا أن نجد حلاً؟ هل لديك فكرة؟”. على سبيل المثال، يرتدي الطفل حذاءه الرياضي، وتضع الأم الحذاء الشتوي في كيس كي يستخدمه الطفل إن احتاج إليه.
  • ترك الطفل يتحمل المسؤولية والعواقب، دون إلقاء محاضرة عليه. سيتعلم من أخطائه.
التفكير في العمل على تطوير ذاتنا
  • رؤية ما هو مختفٍ خلف التلاعب اللطيف: هل أسعى إلى أن يطيعني طفلي أو إلى تطوير استقلاليته؟ هل أنا واثقة بما يكفي بمهاراتي في تربية الأطفال وبقيمي كي أتصرف بحزم؟ ما الذي يمنعني من ممارسة دور القائد كأم/كأب؟ هل أخاف من أن يقوم أهل آخرون بالحكم عليّ او من أن يتوقف طفلي عن مبادلتي الحب؟
  • التفكير في نوايانا وديناميكيات عائلتنا: هل أحاول جعل طفلي يخضع لي ولأوامري، ولكن دون إعطاء انطباع بالعنف؟ إذا استمريت في استخدام الأساليب التربوية التي تولد التوتر، فماذا أكسب (الحق في الشكوى من طفلي، القبول في مجموعة من الأهل المحبطين، موضوع نقاش مع شريك حياتي)؟

في الواقع، يحتاج الأطفال إلى رابط صادق مع أهلهم يتميز بالاحترام المتبادل حيث يعبر الوالدان بشكل واضح عن “نعم” و “لا” صريحين. يتمتع البالغون بالحق (والواجب) في التعبير عن أنفسهم شخصياً… ولكن أيضاً بالحق والواجب في الترحيب بشعور الطفل بالإحباط بعد رفضهما أن يقوم الطفل بشيء ما يعارض قيمهما التربوية.

اترك رد