“إلى الزاوية.. أنتَ معاقب” : طريقة غير فعالة وغير مجدية

0

جعل الطفل يقف في الزاوية هو عقاب مهين (غير مجدي وغير فعال)

إن الطفل لا يستطيع أن يفكر ولا أن يهدأ تحت الضغط.

جعل الطفل يقف في الزاوية ليس تصرفاً بسيطاً لا يحمل أي عواقب. كلما ازداد إقصاء وعزل الطفل عن أهله، كلما زاد شعوره بالوحدة والتخلي والعجز. في الواقع، إن حاجة الطفل إلى الشعور بارتباطه مع والديه هي حاجة أساسية في حياته، تتم عبر الدعم والاتصال في أوقات القلق والحزن والخيبة والخوف. إن رفض الارتباط وقطع الاتصال (الجسدي كما العاطفي)، حتى ولو كان ذلك لوقت محدود أو في لحظة غضب، يولّد لدى الطفل شعوراً بالرفض والضيق الشديد.

من جانب آخر، الطفل الصغير ليس قادراً على التعامل مع عواطفه وتهدئتها بمفرده: لا تتعلق المسألة بالإرادة لكن بمدى قدرته على القيام بذلك وفقاً لمراحل نمو الدماغ البشري. إن دماغ الطفل، الذي لم يكتمل تكوينه ونضجه بعد، يمنعه من التمكن من التعامل مع مشاعر االغضب والخوف والحزن التي تتملكه بمفرده.

كما أن عزل الطفل (وضعه في الزاوية أو إرساله إلى غرفته “كي يهدأ”) يولد لديه تلقائياً وبشكل لاإرادي مشاعر قوية، تغزو جسده بالكامل وتجعله يقوم بسلوكيات تُعد غير لائقة بالنسبة للأشخاص الراشدين (البكاء، الصراخ). بالتالي قد يظن هؤلاء الأشخاص في هذه الحالة أن العقاب لم يكن شديداً بما يكفي لأن سلوكيات التعلق لدى الطفل بدت للشخص الراشد وكأنها محاولة تمرد أو طريقة ل”استفزازه”. إلا أن الأمر ليس كذلك: إن العزل بالتحديد هو ما يزيد من حدة الغضب والحزن والتوتر لدى الطفل.

“اذهب إلى غرفتك”: طريقة غير فعالة وغير مجدية

إن إرسال طفل إلى غرفته عندما يتصرف بشكل “سيء” يؤدي إلى جعله يربط بين الغرفة والعقاب. وتكمن المشكلة في أن غرفة الطفل هي المكان الذي من المفترض أن يشعر فيه بالراحة والطمأنينة، تماماً مثل الشرنقة، يجب أن تكون مكاناً مليئاً بالأمان، خاصة المكان الذي ينام فيه.

إن احترام كرامة الطفل وكيانه وتعزيز صحته العقلية والنفسية مرتبطان بالبقاء على علاقة معه ومساعدته على التعبير عما يشعر به بكلمات.

يحتاج الطفل إلى الوقت كي يهدأ ويحترم كلمات وأوامر أهله. إن الاتصال الجسدي الذي يظهر التعاطف والتفهم (عناق، غمر الطفل بين ذراعينا) قد يساهم في تهدئته ومواساته. بمجرد أن يتمكن الطفل من عيش مشاعره حتى النهاية والتخلص من كل الضغط والتوتر الذي يعاني منه، سيصبح من الممكن أن نفسر له عواقب أفعاله وتذكيره بالقواعد.

لكن لا جدوى من تقديم تفسيرات للطفل دون مساعدته كي يهدأ ويشعر بالأمان كخطوة أولى (عبر التعلق بشخص راشد محب وهادئ).

“إن العقوبات كوضع الطفل في الزاوية ليست فقط غير فعالة لأن الرسالة التربوية لن تصل بهذه الطريقة، لكنها أيضاً تؤدي إلى نتائج عكسية لأنها ستوَلّد مشاعر عدم ثقة وانتقام لدى الطفل، مما قد يؤدي إلى تصعيد حدة العقوبات”.- سيلين كيلين.

اترك رد