كيف نعلّم ولدنا ألا يهرب من الفشل وأن يستفيد منه ؟ (1)
أود أن أحدثكم عن الفشل ككل، عن الشعور بالفشل في كل مجالات حياتنا، الذي قد يشكل عائقاً حقيقياً للشخص في حياته اليومية، وفق قدرته على تقبّله وتحمّله. كيف نعلّم الطفل ألا يهرب من الفشل وأن يستفيد منه ؟ هذا هو الهدف من هذا المقال.
الخوف من الفشل أمر طبيعي
الخوف من الفشل أمر صحي. فهو ما يدفعنا إلى التفكير في تصرفاتنا وعواقبها. تماماً كالخوف من الخطر الذي يدفعنا إلى اتباع الخطوات الوقائية الجيدة لحماية أنفسنا. إذاً أن نحاول تفاديه أمرٌ طبيعي. لكن حين نتعرّض للفشل –لأنه لا بد من أن نمر بهذه التجربة- كيف يجب أن نتصرف؟
المشكلة تحدث حين يجلب لنا الفشل العار
الفشل ليس خطيراً بحد ذاته (إلا إذا كانت له عواقب وخيمة على حياة شخص ما، وهذا ليس محور موضوع مقالنا). الفشل في حل واجب مدرسي، في امتحان، في إثبات رأيك في محاضرة، أو في تحضير وصفة، في أداء مشهد تمثيلي أو حرفة أو اختبار ما… كل ذلك يثير الإحباط والقلق، لكن المشكلة الحقيقية تحدث حين يرافق ذلك الفشل شعور بالخجل أو العار.
لماذا يجلب الفشل غالباً هذا الشعور بالعار؟ لأننا نبحث عن الكمال. والبحث عن الكمال يسبب الضغط والتوتر. كل شيء في مجتمعنا يدفعنا إلى البحث عن الكمال. يتم التقليل من قيمة الخطأ، والسخرية والتركيز عليه. كما أن أولئك الذين ينجحون أو يتفوّقون لا يتكلمون كثيراً عن تجاربهم الفاشلة وإخفاقاتهم. وهذا أمرٌ مؤسف، لأن الفشل جزءٌ من حياتنا، وجزء من كل عمل ناجح نحققه، فهو قبل كل شيء يعلمنا الكثير.
ما الحل؟ الحل يكمن في زيادة قدرتنا على تقبل وتحمل الفشل
الفشل ليس عدواً. فبدلاً من محاولة الهروب منه بأي ثمن، فلنتعلّم أن نتقبله ونحلله ونستفيد منه.
إليكم بعض النصائح لكم ولدعم أطفالكم في تعلّم تقبّل الفشل:
- يشكّل الفشل أحياناً بداية نجاح: أتدركون كيف تم اختراع فطيرة تاتان؟ نتيجةً لخطأ فادح: فطيرة تفاح انقلبت دون قصد. هل تدركون من هو أليكساندر فليمينغ؟ هو عالم أحياء عمل لفترة طويلة على إيجاد “دواء لمعالجة المرضى”. مر بفشل يليه فشل، حتى قرر الاستسلام. وقد اكتشف البنسلين (مضاد حيوي قوي) عبر إكتشاف علبة ملوثة. حتى أننا نعطي إسماً للإكتشافات التي تتم نتيجة للصدفة أو الخطأ: السرنديبية وهي تعني “حادث سعيد” أو “مفاجأة سارة”، عند العثور على شيء جيد أو مفيد دون قصد. لا يعني ذلك أن كل أخطائنا ستوصلنا إلى ثورات علمية أو ابتكارات في عالم الطهي، لكن حين نبقى إيجابيين ومنفتحين بإمكاننا الوصول إلى أشياء غير متوقعة وجميلة. بطريقة عملية: راقب ما ينتجه كل فشل من أمور إيجابية.
- تشريح الفشل، ومواجهته: ذاكرة الفشل سريعة جداً: يخزن دماغنا بسرعة كبيرة المعلومات حول الحدث وما تسبب به من فشل وبالتالي من مشاعر سلبية، ولتجنب عيش التجربة من جديد، سيقوم دماغنا بإعاقتنا فيما يتعلق بالأحداث المماثلة. لذلك يجب “معالجة” الجرح الذي سببه فوراً. تماماً كما يُقال حين نقع عن الدراجة بأنه علينا أن نُعيد ركوبها على الفور، خوفاً من ألا نتجرأ على ركوبها مجدداً (يحصل الأمر نفسه فيما يتعلق بحوادث السيارة أو السقوط عن الخيل). وكلّما كان أكثر إيلاماً كلّما كان من الضروري مواجهته.
لتشريح الفشل، يجب أن نحاول فهمه، التفكير بما حدث بأسرع وقتٍ ممكن، لاستخلاص النتائج. كما أنه علينا أن ننظر للأمور من مسافة بعيدة للحصول على رؤية كاملة وعامة عن الفشل، لأن ليس كل ما يحصل بالضرورة بسببنا.
بطريقة عملية: فكروا بالأسباب التي أدت إلى الفشل. وقوموا باستخلاص استنتاجات (ما علينا القيام به بشكل مختلف في المرة المقبلة، أو ما لم يكن القيام به فكرة جيدة).
اقرأ أيضاً: 5 طرق لزيادة قدرة طفلك على التحمل وقبول الفشل (2