كيف نحصّن أطفالنا لحمايتهم من الأشخاص السلبيين الذين سيقابلونهم؟
هو سؤال يحيؤنا جميعاً كأهل: كيف نحصّن أطفالنا لحمايتهم من الأشخاص السلبيين الذين سيقابلونهم؟ كم يؤلمنا كأهل أن نفكر أن أطفالنا سيواجهون ما نواجهه حين يكبرون. كم نتمنى أن نحاول حمياتهم من الأذى والألم الذي قد يتلقونه من لأشخاص المنافقين أو الذين يحاولون تحطيم آمالهم ومخططاتهم أو الذين يستمتعون بالاستخفاف بالآخر والتقليل من شأنه، أو أولئكَ الذين يستدرجوننا حتى كسب ثقتنا ثم حين يغضبون يبحثون عن مكان الجرح فينا ويضغطون عليه (إنهم أسوأ أنواع البشر). مهما حاولنا تجنب الأمر فإنهم موجودون، وبكثرة، موجودون في كل مكان، في الجامعات وأماكن العمل، في الشوارع والمقاهي ووسائل المواصلات، في المبنى الذي نقطن فيه، وحتى في منازلنا…
لكننا مع الأسف لا نستطيع أن نساندهم طيلة العمر، سيأتي اليوم الذي يضطر فيه أولادنا لمواجهة الكون وحدهم، دون دعمنا، دون نصائحنا، دون وجودنا حتى..
إنه ليس تفكيراً سلبياً سوداوياَ متشائماً.. مع الأسف.. إنه الواقع!
والأسوأ من ذلك كله أن الأجيال تتوارث عن بعضها الصفات السيئة، فالمرأة المتنمرة تربي طفلاً متنمراً، والرجل العنيف يربي طفلاً عنيفاً.. وتتوالى سلسلة البشاعة في هذا الكون المخيف. نعم هذا هو الكون الذي سنترك فيه أطفالنا.. ويبقى السؤال، هل تكفي القيم المثالية التي ربيناهم عليها لمواجهة هكذا عالم؟ لا بل هل تنفع؟ قطعاً لا. لن تتمكن من مقابلة الإهانات بابتسامة ورمي مَن يشن عليكَ حرباً بوردة، يجب أن تتحصن بسلاحٍ ما، ولا تقصد هنا السلاح الدموي طبعاَ، بل سلاحاً أقل ما يُقال عنه أإه يستطيع حمايتهم من الأذى.
إليكم مجموعة من الأسلحة السلمية التي أستخدمها في تربية أطفالي وفي أي معارك يمكنهم استخدامها:
الثقة بالنفس من منطلق ذاتي، لا وفق ما يقول الآخر، تحمي من الخيبة
أشعر أحياناً أنني أبالغ في دعم أطفالي معنوياً وعاطفياً. لكن لا بأس بذلك في بعض الأحيان، أنا أحاول أن أجعلهم يدركون أنهم جميلون حتى لو لم يقل الآخرون هذا، وأنهم ناجحون حين يتخطون ذاتهم القديمة لا حين يقول الآخرون هذا. وأنهم أذكياء لأنهم قادرون على حل مشاكلهم بنفسهم، لا حين يقول الآخرون هذا. لقد عانيتُ لفترة طويلة وأنا أنتظر الدعم المعنوي للتمكن من الاستمرار، أنتظر تقدير الآخرين لجهودي كي أكتسب ثقةً بنفسي وبنجاحي وبقدراتي، إلى أن اكتشفتُ أنهم لن يقدّروا يوماً.. وأن الثقة بالذات تنبع من الداخل لا من آراء الناس.
عدم الاهتمام بالتعليقات السلبية والتعاطف مع الطرف الآخر لحمايتهم من المتنمرين
أخبرهم باستمرار أن رأي أصدقائهم السلبي فيهم يخصهم وحدهم، ولا يجب أن يؤثر عليهم. وأن هناك أشخاص يشعرون بالحزن في أعماقهم فيحاولون تعويض مشاكلهم والنقص فيهم عبر انتقاد الغير. وأن هؤلاء الأشخاص بحاجة إلى مساعدة، لكن لا يجب أن نسمح لهم بالتأثير علينا بشكل سلبي. كلماتٌ كبيرة لكنهم سيفهمونها يوماً ما. لا أريدهم أن يكرهوا الآخر، بل أن يتعاطفوا معه دون أن يسمحوا له بأذيتهم. حين يفهمون من أين تنبع المشكلة يعرفون الإجابة على السؤال التالي “لماذا يسخر مني صديقي؟ ماذا فعلتُ له كي يؤذيني؟”. سيفهمون أن المشكلة لا تكمن فيهم بل في الآخر وسيتفهمونه أيضاً. في نهاية المطاف، الأشخاص المتنمرون فعلاً بحاجة إلى المساعدة.
تابعوا الجزء الثاني من المقال على موقع التربية الذكية قريباً بعنوان: كيف نعلّم أطفالنا ألا يقعوا ضحية مَن يسيء لهم
سماح خليفة