كيف تعلمت طفلتي دخول الحمام في 3 أيام وتخلصت من الحفاص بمنتهى الحب والهدوء والتفهم!
كيف تعلمت طفلتي دخول الحمام في 3 أيام وتخلصت من الحفاص !
لن يفهم هذه المعاناة سوى الأم التي مرت بمرحلة تعليم الطفل على دخول الحمام والتخلص من الحفاض. إنها مرحلة قادرة على أن تدمر علاقاتكِ بطفلك إن أسأتِ التصرف. فكما في كل الشؤون التربوية ومراحل نمو الطفل “الضرب ليس حلاً”.
اتصلتُ بصديقتي كي أسألها عن المراحل التي اتبعتها لتخليص ابنتها من الحفاض فأجابت صديقتي “الأمر سهل، كنتُ أضرب ابنتي كلما تبولت على الأرض، فخافت من أن تُعاقب، وتعلّمت”. حاولتُ ألا أنفعل، فأنا لا أتقبل فكرة ضرب الطفل مهما كان الذنب الذي اقترفه. إنها إهانة، إنه استضعاف لمخلوق لا حول له ولا قوة، إنه استخفاف بمشاعره.. لن أطيل الكلام، قد نكتب في هذا الشأن كتباً كاملة ولا ننتهي. لذلك أنهيتُ الاتصال وتجاهلتُ كلامها تماماً.
التجربة الأولى
كنتُ أنفعل بشدة حين بدأتُ أرى منظر البول المتناثر في كل مكان. أنا أعترف، هذا الأمر يثير جنون الأمهات، بل يثير جنون أي أحد. إلا أن الضرب ما زال ليس الحل!
إتبعتُ الجدول الزمني وسجلت أكثر الأوقات التي تدخل فيها إلى الحمام لكن الأمر لم ينجح. كنت أغضب وأصرخ وأفقد قدرتي على السيطرة على ردود فعلي. لم أكن أضرب طفلتي طبعاً. لكن بعض الكلمات مفعولها أسوأ من الضرب. شعرتُ أنني أخسر علاقتي بطفلتي شيئاً فشيئاً، كما أنها بدأت تتجنبني، لا ترد علي، تعاندني، تقول “ماما أنا لا أحبك”. طبعاً أعرف أنها لا تقصد ذلك. ولكنها كانت تقول هذه الجملة حين أبدأ بالصراخ. فقررتُ أن آخذ استراحة كي أراجع حساباتي وطريقتي، خاصةً وأن لدي طفلة أخرى تبلغ سنة من العمر وتحتاج إلى اهتمام كبير.
قرارٌ خاطئ؟ أعلم ذلك. فحين نخبر الطفل أن عليه خلع حفاضاته ثم نتراجع نشتته. لكنني فضلتُ أن أتخذ قراراً خاطئاً، فالمسألة ليست مسألة فرض سلطات وتنفيذ أوامر. هناك طفلة صغيرة بدأت تشعر أن أمها تصرخ عليها باستمرار، دون أن تعي بالتحديد إن كان هذا خطأها أو أن أمها فجأةً بدأت تحب أختها الصغرى أكثر منها. لذلك كان هناك العديد من العوامل التي دفعتني إلى اتخاذ قرار مماثل.
مرحلة مراجعة الحسابات
فكّرتُ كثيراَ. لِمَ إبنتي لم تقل لي “أريد أن أذهب إلى الحمام”؟ إنها ذكية جداً وسريعة البديهة. عمرها سنتان ونصف، وسنها على ما أظن مناسب للبدء بهذه الخطوة. هل لأنني أغضب؟ وهل لأنها تخاف مني حين أغضب؟ هل تقصد أن تعاندني؟ أثناء قراءتي لمقالٍ عن التغيرات التي نمر بها، وكم نحتاج نحن الراشدون إلى الوقت والمجهود كي نفهم التبدلات الطارئة ونتمكن من المرور بمرحلة انتقالية، بدأتُ أتساءَل: إن كنا نحن الراشدين نمر بكل هذه المعاناة لتفهم التغييرات، فكيف بطفلةٍ تبلغ من العمر سنتين ونصف؟ إنه الجواب على تساؤلاتي السابقة، طفلتي لا تقصد أن تعاندني، طفلتي فقط لا تفهم، طفلتي ما زالت تحتاج إلى الوقت.
ثم قررت معاودة المحاولة ولكن باستراتيجية مختلفة كلياُ. ولن تصدقوا ما حصل؟! تطلب الأمر فقط ثلاثة أيام.
إليكم الاستراتيجية التي اتبعتُها:
- أنتِ كبرتِ مثل ماما وبابا: إنها عبارة سحرية. فالأطفال يحبون تقليد الكبار، ويعتبرون الأم والأب مثالاهما.
- فكرة المكافأة: أخبرتها أنها أصبحت كبيرة، وأن عليها أن تخلع الحفاضات كي يسمحوا لها بالذهاب إلى المدرسة واللعب مع الأطفال والرسم والتلوين. وأخبرتها أنني سأحضر لها قالب حلوى ونحتفل بنجاجها إن تمكنت من الدخول إلى الحمام في الوقت المناسب.
- اسألي بطنكِ الصغير: بدأتُ أذكرها كل نصف ساعة تقريباً “هل تريدين الدخول إلى الحمام؟ إسألي بطنكِ الصغير هل يجب الدخول إلى الحمام الآن؟” فتبدأ بالضحك وتسأل بطنها ثم تجيبني.. الأمر مضحك أعلم ذلك، والطريقة مضحكة أيضاً. لكنني قررتُ أن أبسط لها الأمور قدر المستطاع، كي تدرك وفق طريقة تفكيرها الطفولية التغيرات التي تحدث معها شيئاً فشيئاً.
- كيف نتصرف عند الفشل الأول: خافت أن تخبرني أنها تبولت على الأرض، علمتُ ذلك من نظرتها. هل إلى هذا الحد أصبحتُ أخيفها؟ إنه نوع من العنف النفسي. قررتُ أن أتصرف بقمة الهدوء. إنها الاستراتيجية المعاكسة. فقلتُ لها “أنا أعلمُ أن ابنتي الذكية كانت تريد أن تذهب إلى الحمام، لكنها تأخرت قليلاً. لا بأس، كلنا نتأخر أحياناً. في المرة المقبلة سنكون أسرع”.
- تنظيف المكان: جعلتها تنظف معي ملابسها (دون أي توبيخ). وتنظف معي الأرض. كي تفهم أنه كان تصرفاً خاطئاً دون أي من المصطلحات المسيئة “لقد أخطأتِ، أنتِ لستِ نظيفة، أنتِ فتاة سيئة”. يكفي أن تنظف مكانها كي تدرك أنها أخطأت وتتجنب تكرار الخطأ.
- المفاجأة: كنتُ داخلةً إلى غرفتها، وجدتُها تكلم بطنها “أمي قالت لا يجب أن نتبول على الأرض، هيا نركض إلى الحمام!”. والتفتت ورأتني. فأمسكتُ يدها وأسرعنا إلى الحمام وتبولت على كرسي الحمام. كان قد تسرب منها بعض البول على ملابسها الداخلية. فقمنا بتنظيفها. علمتُ حينها أن المهمة قد تمت بنجاح. وأحضرتُ لها قالب الحلوى للاحتفال بانجازها.
في الختام
ها قد نجحت المهمة بمنتهى الحب، بمنتهى الهدوء، وبمنتهى التفهم. الأمر ليس بهذه الصعوبة. فقط تفهموا أطفالكم وتصرفوا بعقلانية. لا أستطيع أن أنسى مدى سعادتها حين تمكنت من أن تثبت لي أنها فتاة كبيرة وأنها نجحت وحين بدأت تصفق لنفسها وتقول “فعلتها”.
تذكرتُ حينها كلمات صديقتي “الأمر سهل، كنتُ أضرب ابنتي كلما تبولت على الأرض، فخافت من أن تُعاقب، وتعلّمت”.. تعلّمت؟ ماذا تعلّمت؟ تعلّمت أنه من المقبول إهانتها؟ أو تعلّمت أن الضرب حل للمشاكل؟ أو تعلّمت أن تخاف؟ إتصلتُ بها وأخبرتها أنني علّمتُ ابنتي أنها ذكية، أنها قوية، وأنها تستطيع أن نتجز ما تريده، وأنني أحبها مهما أخطأت وتهوّرت.
سماح خليفة