حينما يرضخ طفلك دائماً لطلبات الآخرين : أي سوء يتهدده وما الكلفة النفسية التي سيدفعها في المستقبل

0

الكلفة النفسية:
ابنتي فتاة حساسة جداً ورقيقة جداً. عندما كانت في الصف السادس نقلتها من مدرسة إلى أخرى.. وقد أثر هذا الانتقال عليها وسبب لها ضغطاً نفسياً كبيراً. فطفلتي لديها مشكلة أنها لا تستطيع قول “لا” لأحد ولا تقدر على رفض أي طلب .. وبسبب هذه المشكلة استغل رفاقها في المدرسة الجديدة ضعفها هذا وبدؤوا يطلبون منها أن تشتري لهم بعض الأشياء من دكانة المدرسة وكانوا يطلبون منها حمل حقائبهم ولأنها لا تستطيع قول “لا ” لأحد .. صارت تعاني من سوء معاملتهم هذه وتفاقم الضغط النفسي عليها وبسبب رقتها الشديدة أصبحت عصبية وتميل إلى الحزن والاكتئاب.

في بداية العام كنت أحاول الاطمئنان على تأقلمها مع المدرسة الجديدة من خلال بعض الأسئلة ولكني ما لبثت أن أهملت الموضوع.. ,ومضى شهر وشهران وابنتي تعاني دون أن أدري.. حتى جاء يوم كنت أتحدث إليها أريد معرفة أحوالها. يومذاك فتحت لي قلبها وراحت تحدثني باكية عما تفعله بها رفيقاتها.

  • ” إنهن يجعلنني أحمل حقائبهن ويطلبن مني شراء الحلويات والتشيبس من الدكانة .. أنا لا اشتري لنفسي شيء لأنني لا أجد الوقت”
  • اعتصر قلبي ألماً .. ابنتي تتألم كل هذا الألم وتُساء معاملتها دون أن أدري..
  • قلت لها: سأتحدث إلى المدرسة لأمنع رفيقاتك من التعامل معك بهذه الطريقة
  • قالت لي :” لا أرجوك لا تتدخلي”
  • قلت لها : ولكنهن يستغللن طيبتك ويعاملنك وكأنك خادمتهن.. لماذا لا تقولين لهن “لا” عندما يطلبن منك أي شيء
  • أجابتني والدمعة في عينيها : لا أستطيع أن أقول “لا” لأحد
قلت لها: حاولي
  • حاولت ولم أقدر .
    هنا نظرت إلى طفلتي .. أفكر في حل يمنع عن ابنتي هذا الأذى في المدرسة . فأنا لا أريد أن أتدخل إن لم تكن موافقة.. فجاءتني فكرة قد تكون الخطوة الأولى في خطوة الألف ميل وقلت لها:
  • سأعطيك 20 $ في المرة الأولى التي تقولين فيها “لا” لإحدى رفيقاتك
  • قالت مستغربة : 20$
    العشرون دولار بالنسبة لطفل مصروفه في اليوم دولار واحد مبلغ كبير..

وافقت ابنتي على الصفقة وقالت لي سأحاول قول “لا”

بعد يومين جاءتني ابنتي قائلة: اليوم حاولت أن أقول لهن لا ولكني لم أستطع.

  • أن تحاولي لأمر جيد .. ولكني لن أعطيك العشرين دولار إلا بعد أول “لا” تقولينها.
    ومضى يوم آخر وجاءت ابنتي والفرحة على وجهها:” لقد طلبت مني رفيقتي أن أشتري لها منقوشة من دكانة المدرسة ورفضت وقلت لها “لا” أريد”

فرحت كثيراً وأنا أسمعها تقول ذلك فأعطيتها عشرين دولاراً.. وفكرت بيني وبين نفسي أن أمام ابنتي مساراً طويلاً للتخلص مما تعاني منه.

ثم عادت في اليوم التالي وقالت : قلت لرفيقاتي “لا” . أعطيني عشرين دولاراً أخرى

ضحكت وقلت لها : المال ليس الحل. كانت الغاية من إعطائك المال هو تحفيزك لتقدمي على الخطوة الأولى. الآن جاء دورك لتساعدي نفسك ولتقرري تغيير مسار حياتك. وسأحاول أنا ووالدك مساعدتك على تخطي هذه المشكلة لأن كلفتها النفسية عالية. وسنذهب معاً ليساعدنا شخص مختص على إيجاد حلول مساعدة لتخطي مشكلة الخضوع للآخرين.

ربما بدأ الحل بما يشبه الرشوة ولكنه كان نوعاً من الدفع إلى الأمام. فكسر حاجز الخضوع للآخرين بدأ بهذه الخطوة ولكن تبع الأمر خطوات جبارة قامت بها ابنتي.. فمنذ اللحظة التي كسرت فيها هذا الحاجز. وضعت نصب عينيها خطوات أخرى وكم كنت فخورة بها وأنا أراها تحارب نفسها وتساعد نفسها على حل هذه المشكلة ..

حالة ابنتي تشبه حالات الكثير من أطفالنا. رب قائل يقول إن مشكلتي مع أطفالي هي العكس فهم لا يستعملون إلا كلمة “لا ” كلما طلبت منهم طلباً ما.

نعم ما يقولونه صحيح ولكن هناك أيضاً أطفال لا يقولون إلا “نعم” وهذه مشكلة كلفتها النفسية عالية. لذا على الأهل مساعدة طفلهم في حال وُجدت لديه مشكلة كهذه

لماذا لا يستطيع الشخص الرفض عندما يحتاج إلى ذلك وما الكلفة النفسية للك؟

يرتبط عدم القدرة على قول “لا” بشكل مباشر بالحاجة إلى الحصول على موافقة الآخرين.وهذا ما حدث مع ابنتي فلأنها انتقلت إلى مدرسة جديدة كانت تحاول بخضوعها لرفيقاتها أن تحصل على صداقاتهن.

ترقبوا الجزء الثاني من المقالة عن التأثيرات البعيدة المدى :

الكلفة النفسية لعدم قول”لا” والرضوخ دوماً لطلبات الآخرين على حساب نفسك

اترك رد