الولد الذي يقول لنا “لا”… يقول “نعم” لنفسه
الولد الذي يقول لنا “لا”… يقول “نعم” لنفسه
نعم، هذا صحيح، فعندما يكتشف الولد قوة كلمة لا الكبيرة، يميل إلى استخدامها وإلى إساءة استخدامها، فيقول لا حتى لو أراد أن يقول نعم. إنّ التمتع بسلطة على الأشياء أمر رائع! ورؤية تعابير وجه أمي وأبي المضحكة رائع أيضاً! ويبدأ الطفل باستخدام قدرته على معارضتنا بحكمة أكثر فيما هو يكبر. إن كلمة “لا” التي يقولها أو رفضه ليسا مسألة مزاجية بل تعبير عما يعيشه في داخله. إنها رسائل هامة يتوجّب علينا أن نأخذها بعين الاعتبار.
وكلمة لا ليست حكماً دليل معارضة بل هي أحياناً مجرد إشارة إلى… اختلاف في الرأي! يبدو هذا واضحاً وجلياً عند قوله بهذه الطريقة، إنما…
هل نتقبّل بسهولة فكرة أن ولدنا يمكن وبكل بساطة ألا يتفق معنا في الرأي؟ أن يكون لديه أولويات أخرى؟ أن يتخذ خيارات أخرى؟ من دون أن نصنّفه على أنه متمرد، متعب، وغير مطيع.
هل نولي دوماً كلمة لا التي يقولها الطفل الأهمية التي تستحقّها؟ أحياناً (غالباً)، عندما يقول لنا الطفل لا… فهو يقول نعم لنفسه. هو يقول نعم لإحدى حاجاته تحديداً. فأولادنا لديهم حاجات، مثلنا تماماً. ونحن نميل أحياناً إلى جعل حاجاتنا تتقدم على حاجاتهم هم لأننا نحن الراشدون ونحن لنا الأولوية، لأننا على عجلة من امرنا. أو لأننا ننسى وحسب أن الغضب أو البكاء يعبّران عن حاجة يخفيانها خلفهما.
ويشكّل تقبّل الاحتياجات تحدياً كبيراً لدورنا كأهل. فالطفل الذي يعرف حاجاته، هو طفل يصغي إلى ذاته ويمكنه بسهولة أن يستمع إلى الآخرين. يساهم تقبّل الاحتياجات بجديّة ورحابة صدر في تعزيز ثقة أولادنا في أنفسهم، وقدرتهم على التعاطف وانسانيتهم بكل بساطة.
إذن، هل نستطيع أن نرى:
- أنّ الطفل الذي يرفض الانضمام إلينا لتناول الطعام، مأخوذ جداً باللعب (واللعب هو حاجة، نعم!) ؟
- وأنّ الطفل الذي يرفض الخلود للنوم لا يشعر ببساطة بالنعاس ؟
- وأنّ الطفل الذي يرفض انتعال حذائه يحتاج لأن يبقى في المنزل وليس لأن يخرج لتنشّق الهواء ؟
- إنّ اللعب بالحجارة ليس أقل أهمية من الوصول على الموعد إلى عيادة الطبيب! إنها مسألة وجهات نظر!
لكن ما تقدّم لا يعني أنّ عليكم أن تلبّوا كافة طلبات أولادكم. على أيّ حال، هذا مستحيل فنحن أيضاً نواجه معوّقات تقيّدنا، إلا أنّ اكتشاف الحاجات التي تكمن خلف رفض طفلكم هو بمثابة هدية كبيرة له، هدية على قدر تلك التي يقدّمها هو حين يعبّر لكم عما يزعجه. ويمكن أيضاً تأجيل تلبية الحاجة. إذا تم الاستماع للطفل في مرحلة مبكرة، فثمة إمكانية كبيرة لأن يُظهر الكثير من التفهّم والصبر.