وسائل التواصل الاجتماعي : كيف نحولها من عدوٍ لأولادكم إلى حليف لهم ؟
“يجتمع أصدقاء ابنتي بدونها مؤخراً وهي مستاءة من شعورها بأنها مستبعدة. والأسوأ من ذلك هو أنها تراهم ينشرون صور لقاءاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. كيف يمكنني مساعدتها على تخطى هذه الدراما الأخيرة مع أصدقائها؟”
التأرجح الاجتماعي: صديق أم عدو؟
يبدو أن ذلك قد يصلح كي يكون مقدمة رائعة لتدريب ابنتكم على مهارات مهمة تتعلق بالصداقات، مثل اختيار أصدقاء صالحين. على الرغم من أن الشعور بالتجنب والاستبعاد هو أمر طبيعي خلال فترة النمو، إلا أنه إذا كان لديها مجموعة من الأصدقاء الذين يبتعدون عنها بشكل مقصود، لا بل يريدونها أن تلاحظ ذلك، فإن ذلك يعتبر إشارة حمراء. عندما حدث ذلك مع ابنتي، تحدثنا سوياً عن القضايا الأعمق المتعلقة بالسبب الذي قد يجعل “صديقتها” تريد أن تجعلها تشعر بالانزعاج الشديد. كيف تعتقد أنه من المفترض أن يعامل الأصدقاء بعضهم البعض، وكيف يجب أن يشعر الناس عندما يكونون جزءًا من صداقات صحية وإيجابية؟
إن جزءاً من هذا التدريب يتضمن مساعدتها على فحص سلوكها كصديقة أيضًا. مع أننا نرغب بتصديق أن أعزائنا الصغار سيبقون دائمًا ملائكة، إلا أن جزءأ من عملية تعليمهم لمفهوم الصداقة هو أن يدركوا تصرفاتهم السلبية تجاه الأصدقاء. فتشوا عما إذا مرت أوقات قامت فيها ابنتكم بجعل بعض أصدقائها يشعرون بالإهمال والاستبعاد؛ هل سبق لها أن نشرت صورًا على وسائل التواصل الاجتماعي بدون أصدقاء معينين؟
يمكنكم أيضًا تحدي نظرتها للأمور من خلال توسيع قوة ملاحظتها ونفاذ بصيرتها.: هل يمكنها تذكر أمثلة عن أوقات شعر فيها أصدقاؤها بأنها نبذتهم واستبعدتهم مع أنهم لم يكونوا لئيمين معها ؟ لقد أجريت هذه المحادثة مع أطفالي عدة مرات. لا يمكن الاجتماع بجميع الرفاق طوال الوقت، وهم قد قاموا بلقاءاتهم الخاصة التي كان من الممكن أن تجعل الآخرين يشعرون بأنهم مستبعدون أيضاً. المفتاح هنا هو التعرف إلى لعبة الترجيح الاجتماعي الطبيعي حيث يٌدمج أحد في المجموعة ويٌستبعد غيره، ولكن مرة أخرى، إذا كان التركيز يتكرر بحيث يتم دوماً استبعاد ولد معين بشكل خاص، فإن ذلك يدعو للقلق.
التأقلم مع الاستبعاد
إن الشعور بالاستبعاد من قبل الأصدقاء هو أحد ركائز النمو، سواء أحدث ذلك عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو بدونها. فمجموعات الأصدقاء تتغير وتتبدل، وأحياناً قد يصبح كل اثنين أقرب إلى بعض لفترات معينة، وتنتهي هذه التغييرات دائمًا تقريبًا بإيذاء مشاعر أحد. على الرغم من أن هذه التجربة عادية، فإن الرفض يولّد مشاعر قاسية. إن جزءاً مما عليكم التركيز عليه مع ابنتكم هو كيفية تدريبها على التأقلم العاطفي الصحي عند وقوع الضغوط الاجتماعية.
ساعدوها في تحديد المشاعر التي تشعر بها عند شعورها بالاستبعاد والاستقصاء. بعض الأمثلة القليلة المحتملة لهذه المشاعر هي: الغيرة، والغدر، والحزن، والغضب، وقلة الثقة بالنفس. من المهم لتطوير مهارات التأقلم أن تفهم ما تشعر به، ثم ما يجب فعله (وما لا يجب فعله) مع هذه المشاعر القوية والمزعجة. كما أن الفضفضة لكم عن هذه المشاعر تعتبر خطوة جيدة، وقد تستفيد من الكتابة عما تشعر به أيضًا. تعمل كلتا الاستراتيجيتين على التعبير عن المشاعر بدلاً من قمعها، ومن المعروف أن القمع هو عامل خطر يؤدي إلى مشاكل عاطفية. كما تحرص هاتين الاستراتيجيتين على عدم عرض هذه المشاعر على وسائل التواصل الاجتماعي والمحافظة على إبقاء خصوصيتها.
بعد ذلك، اطرحوا أسئلة عن كيفية ترجمة عواطفها إلى سلوكيات مفيدة وغير مفيدة. قد ترغب في الانتقام (كنشر تعليقات لئيمة، والتوصل إلى خطة لاستبعاد الأصدقاء الذين غضبت منهم)، وعلى الرغم من أن القيام بذلك مغر، إلا أنه سيؤدي على الأرجح إلى المزيد من التوتر والمشاكل. يمكنكم التحدث معها: “ما الذي تعتقدين أنه سيحدث بعد اتباعك لهذه الخطة؟ هل تعتقدين أن توترك سيخف أو يزيد؟” بدلاً من ذلك وعلى سبيل المثال، هناك سلوك له تأثيرات إيجابية أكثر وهو التواصل المباشر مع أصدقائها للتحدث معهم عن قيامهم بجرح مشاعرها. إن ذلك يتيح لجميع الأطراف فرصة لحل النزاعات الشخصية.
الخلاصة
تنمي هذه المناقشات الوعي عند ابنتكم فيما يتعلق بالصداقات الصحية وهذا ما سيساعدها على اتخاذ خيارات أفضل في كلا المجالين في حياتها. بصفتي طبيبة نفسية وأم، أتخذ موقفًا قويًا مفاده أن هدفنا النهائي ليس جعل وسائل التواصل الاجتماعي تظهر على أنها البعبع (مما يجعلها أكثر جاذبية لأطفالنا)، بل اعتبارها جزءًا ضروريًا من تربية طفلنا في العالم الحديث. في الواقع، يمكن دمجها في نسيج العديد من المهارات التي نساعد أطفالنا باستمرار على تطويرها ليكونوا مستعدين بشكل أفضل ليس فقط للعالم الرقمي، ولكن للعالم الحقيقي.