شيئان فقط امنعي ابن السنتين عن فعلهما

0

إنه سنّ ال “لا”
من الشائع أن نسمع أنه، ابتداءً من عمر 18 شهرًا يمرّ الطفل بمرحلة ال “لا” ، وأنّ هذه مرحلة أساسية في نمّوه. فمع بداية عمر الثانية، يبدأ أيضاً “سنّ الشقاوة” الشهير. ولكنني لم أكن أبدًا من المعجبين بهذه النظرية.

إذا تمعّنا في التفكير بهذا الأمر، نجد أن في هذا العمر بالتّحديد نقضي يومنا بأكمله في منع الطفل عن أيّ شيء يحاول فعله: “لا ، لا تتسلق هذه الكنبة” ، “لا ، لا تلمس هذا”،” لا ، لا تضع هذا في فمك “….
يجرّب الطفل ويحاول ويكتشف و لكنّنا نوقف 90٪ من محاولاته بمجرّد انطلاقها, بشكل منهجيّ, بهذين الحرفين: لا!

هل سبق أن سمعتم من قبل عن “العصبونات المرآتية” أو “الخلايا العصبية المرآتية”؟ …
إنه اكتشاف علمي يعود تاريخه إلى التسعينيات: الخلايا العصبية المرآتية هي الخلايا التي تمكّن الطفل من التعلم عن طريق التقليد. ولأنّنا نعرف ذلك (دون أن نعيه) نفتح أفواهنا عندما نحاول اطعام الطفل بالملعقة. و بالتالي، يفتح الطفل تلقائيًا فمه عندما يرانا نفعل ذلك.

الطفل الذي يسمع كلمة “لا” طوال اليوم، طبعاً سيميل لإجابتنا بكلمة “لا” بدوره، و هو يعبّر بهذا عن رغبته في التعلّم، والتّقليد، والتّصرف مثل الآخرين … و بالتّحديد مثل الأشخاص الذين يحبّهم. وكلّما زاد غضبنا عندما نقول “لا”، زاد شعور الطفل بالغضب أيضًا. هذه ليست “نوبات غضب”، انّما هي محاكاة مثاليّة لتعبيراتنا اللّفظية وغير اللّفظية.

كيف نمنع الطفل دون أن نستخدم كلمة “لا“؟

لقد بحثت لفترة طويلة عن صيغة لا تتسبّب بمشاعر سلبيّة لابنتي. لأنّ تكرار الجملة نفسها عدداً معيناً من المرّات في اليوم، يمكن أن يكون له تأثير “التّنويم المغنطيسي” وأن يولّد معتقدات تُحدّ من تطور الطفل الذهني وتستمرّ لسنوات عديدة.

  • • “كوني حذرة، هذا خطير!” جملة يبدو من خلالها العالم خطيراً و أنّها يجب أن تخاف من كلّ شيء
  • • “كوني حذرة، إنّه وسخ” توحي لها بالاشمئزاز من كلّ شيء
  • • “لا يمكنك فعل هذا” تقلّل بشكل كبير من إيمانها بإمكانياتها الشخصيّة
  • • “أنت صغيرة جدًا” تعطيها فكرةً بأنّها لا تستطيع مواجهة الأشياء، الآخرين، أو العالم …
  • • “ليس لديك الحقّ” تعطيها الانطباع بأنّه لا يمكن للطفل حتّى المحاولة، فالطّريق مسدود.

انتهى بي الأمر إلى استخدام الجملة التالية، “يمكنك فعل ذلك عندما تكبرين” والتي بدت لي وكأنها عبارة تبعث على الأمل. ونتيجة لهذا، لم أر أبدًا لا بداية ولا نهاية هذه الفترة الشهيرة ب “لا” أو “شقاوة عمر السّنتين”.

ما هي الحدود التي يجب وضعها لسن ال “لا” ؟

تسيطر عليّ فكرة أنّني لا أريد لابنتي أن تشعر بالخوف، ولا أن تشعر بأنّه ممنوعٌ عليها أن تُعبّر عن نفسها، أن تقول ما تريده، أن تفعل ما تريده … أن تعيش (!)، لذلك حاولت أن أقلّل الممنوعات قدر الإمكان. نسمع في كل مكان أنّه علينا أن نضع حدوداً, ويجب أن نكون حازمين. حسنًا، ولكن إذا لم يفهم الطفل هذه الحدود، فإنها لا تساعده على النّمو، بل تفعل العكس تمامًا.
هل تعلمون أنّ حدودنا الفعليّة كأشخاص بالغين، هي تلك التي نضعها لأنفسنا (بأنفسنا)؟ … و غالبًا ما تكون هذه الحدود هي تلك التي ورثناها من الطفولة. يريد الأهل حماية أطفالهم، لكنّ الأطفال يفهمون هذه الحدود على أنّها حقائق مطلقة و نهائيّة: جملة “لا يمكنك” ستتحوّل عندما تصبح شخصًا بالغًا الى “لن أستطيع أن أفعل ذلك” في مواجهة أي صعوبة في الحياة.

بالنسبة لي، هناك شيئان فقط يجب أن نمنع الطفل من فعلهما:
  • 1- إيذاء نفسه
  • 2- إيذاء الآخرين

عندما أشرح لابنتي أنّني أمنعها عن هذا أو ذاك لاحد هذين السّببين، فإنها تقبل بسهولة أكبر فكرة أن هذه الممنوعات ليست قيودًا بل هي حماية.

أعتقد أنّه بامكاننا أن نُدرج تحت هاتين الفئتين كلّ الممنوعات التي لها علاقة بمرحلتي الطفولة والمراهقة (والبلوغ أيضًا اذا اردنا).
و يمكننا أن نجمع كل الفئتين في الفئة الأولى، لأنّ إيذاء الآخرين هو ايذاء لأنفسنا أيضًا، أليس كذلك؟
وانتم ما الذي تمنعون أولادكم من فعله؟ وكيف؟

اترك رد