أنت تحمل عبء تربية أهلك على كاهلك طوال حياتك، فلا تنقلها لأولادك!
أنا إنسانة لا تشعر بالهدوء أبداً ولا بالسلام الداخلي .. القلق دائماً رفيقي بسبب أو بدون سبب.. وأكثر ما يزعجني شعوري بأني إنسانة غير ذات أهمية ولعل شعوري هذا عائد إلى أنني عشت في عائلة سامة.. ففي عائلتي لا مكان للمدح بل الذم هو ما كنت أسمعه من أمي.. أنت إنسانة غير نافعة بشيء .. أنت بدينة .. أنت سيئة.. وأما أبي فما زلت حتى الآن لا أعرف إن كان يحبني فلم يحدث قط أن ضمني إلى صدره أو عطف علي. ولا أذكر منه إلا القسوة.. مشكلتي أني تربيت في بيئة سامة ولا أريد أن أنقل إلى أطفالي سموم عائلتي التي ما تزال ندوبها بارزة في روحي وفكري ووجداني.. فكيف يمكنني ألا أنقل عبء تربية أهلي إلى أطفالي؟ هذا ما سنتعرف إليه في هذه المقالة ..
إذا كبرت في بيئة عائلية سامة، فهذا يعني أنّ الطريقة التي عشت فيها الواقع مختلفة تماماً عن الطريقة التي يراها بها أهلك. وليس من المستغرب أن يكون القلق المفرط أحد المشاكل العقلية الأكثر شيوعاً. لكن أولئك الذين نشأوا في بيئة سامة يعيشون تجربة اضطراب القلق بطريقة مختلفة تماما
مهما فعل هؤلاء الأشخاص لحل مشاكلهم، فستبقى آثار تربية الوالدين السامة، ولسوء الحظ، ملموسة طيلة حياتهم. في الواقع، عندما يترعرع الشخص ضمن عائلة سامّة، يمكن لهذا أن يُغيّر نظرته إلى العالم، وليس نحو الأحسن بشكل عام. إذا كبرت في محيط يسوده الخلل، فلا بد من أنك عشت لحظات صعبة.
إنّ اتخاذ قرار بأن تقطع علاقتك تماماً بوالديك أو أن تتعلّم كيف تحمي نفسك عبر وضع حدود عاطفية قوية، لهو من أصعب الأشياء التي يمكن أن تقوم بها.
لكن هذا جزء هام للغاية من عملية بناء حياتك بشكل صحيّ وايجابي أكثر.
واهنئك إذا ما اجتزت هذه المرحلة، فأنا واثقة من أنها كانت صعبة للغاية. لكن العمل الدؤوب لا ينتهي عند هذا الحد. فعائلتك سببت أضراراً لا يمكنك اصلاحها إذا قطعت الاتصال بهم وانتقلت إلى بلد آخر بكل بساطة.
أنت تحمل هذا العبء على كاهلك، على صورة مشاكل عاطفيّة وعقليّة.
أنا لا أعني بكلامي هذا أنّ كل شخص ترعرع في بيئة مماثلة يعاني من مشاكل عقلية أو عاطفية مضنية. لكن الأبحاث أظهرت أنّ الأشخاص الذين عاشوا طفولة صعبة يعانون من نتائجها النفسيّة.
في الواقع، إنّ أولاد العائلات التي تعاني من خلل هم أكثر عرضة للإصابة بمشاكل على مستوى الصحة العقلية. وهذه المشاكل تدفعهم بشكل عام إما إلى إخفاء النزاعات التي عاشوها في الطفولة داخلهم وكبتها وإما إلى إظهارها والتنفيس عنها.
إذن، إذا نشأت في بيئة تعاني من خلل وضمن عائلة سامة، فلعلك حاولت أن تكبت الكثير من الغضب أو الاستياء، لا بل الحزن.
ويمكن لهذا أن يتسبب بظهور العديد من المشاكل العقلية والعاطفية.
أن يدفعك أهلك إلى التشكيك في حب الشريك أو التساؤل عن كوب قهوة مفقود لم يكن موجوداً يوماً، هذا النوع من السلوك يمكن أن يؤدي إلى حالة من الشك في مشاعرك وأفكارك الخاصة، في كل يوم من أيام حياتك. لا وجود للكمال وحياتك لن تكون سهلة أبداً لكن الأمور تتحسن مع مرور الوقت. كل ما عليك أن تفعله هو أن تكتشف كافة الطرق التي جُرحت فيها وأن تسمح لنفسك ببدء عملية الشفاء.