التعلق العاطفي: ما هو سر الحب الذي يربط الأم بطفلها؟

0

حين أتذكر طفولتي، يغمرني الشعور بالسعادة وأفكر بأن هذا أعظم كنز أحمله في داخلي. فما هو التعلق العاطفي؟ أظن أن هذه الفكرة تسكن ذاتي منذ سنوات.

فقد كبرتُ على يد أمٍ كانت تغمرني بالاهتمام والحب، وقد كوّنتُ معها رابطاً غير قابل للكسر. حتى أنه ما زال بنفس القوة والتماسك حتى يومنا هذا، على الرغم من أنني أصبحتُ راشدة.

لقد كان جدي وجدتي متواجدين في ذاك الوقت، وكذلك خالي وخالتي وأطفالهم. إلا أنه حب لم أتمكّن يوماً من تفسيره ببضع كلمات فقط. إنه حب لا يمكن اختصاره بتصرفٍ بسيط، هو حبٌ جعلني ما أنا عليه اليوم.

ولكن ما هو هذا الحب بالضبط؟

إنه رابط عاطفي بين الوالد (الوصي) والطفل، إنه قاعدتي الآمنة. وبسبب الحب الذي ما زلتُ أكنه حتى اليوم لأمي، أود مشاركة ما أعرفه في مجال التعلق العاطفي مع كل الأهل وأتمنى لو باستطاعتي مساعدتهم في الدور الأكثر صعوبة الذي نتولاه في حياتنا كراشدين.

أود أن أبدأ بأمثلة من عالم الحيوان ومن ثم الإكمال بالتحدث عن الجنس البشري. فكروا في الطريقة التي تتعامل بها الحيوانات مع صغارها، القردة الأم وصغيرها، أم الباندا وصغيرها، الكلبة وصغيرها.

وفق هذا التسلسل الهرمي، يُعد الكائن البشري هو الأكثر حرماناً عند الولادة. ففي الواقع، الطفل الرضيع لا يستطيع أن يحتضن والدته بين يديه كما يفعل صغير القرد. لذلك يبكي حين يحتاج إلى اللمس والعناق.

premium freepik license
وفعلياً فإن رائحة والدته والدفء بين أحضانها يشعرانه بالأمان.

بالتالي، علينا أن نستجيب للإشارات التي يعطيها الطفل بإشارات نعبر له بها بالمقابل. ووفق طريقة استجابة الأم أو الشخص الذي يهتم بالطفل، تتولّد بعض الروابط داخل الطفل.

لا أريد أن أثقل عليكم بالنظريات. لكن لا بد من أن أذكر إسمين مهمين جداً حين يتعلق الأمر بنظرية التعلق العاطفي، وهما جون بولبي J. Bolby، وماري اينسورث M. Ainsworth. هذان الشخصان مسؤولان عن فهمنا للعلاقة بين الأم والطفل.

عام 1958، صرح جون بولبي أن التعلق العاطفي الآمن يخلقه التواصل مع الأشخاص الذين يعتنون بالطفل ويلبون احتياجاته. ينشأ هذا النوع من التواصل العاطفي لدى الأمهات اللواتي يستجبن إلى الإشارات التي يطلقها الطفل بطريقة مناسبة وتتلاءم مع احتياجاته.

نموذج التواصل العاطفي غير الآمن هو عكس النموذج الآمن تماماً، هذا النموذج يتضمن بالتالي الأمهات أو الأشخاص الذين يعتنون بالطفل ولكنهم لا يستجيبون إلى الإشارات التي يطلقها بالطريقة المناسبة.

وقد قسمت ماري اينسورث نموذج التواصل العاطفي غير الآمن إلى قسمين: متناقض ومتجنب.

يمكننا التعرف على الأطفال الذين لديهم نمط ارتباط عاطفي متناقض مع أمهاتهم لكونهم يجدون صعوبة في الانفصال عنهن. وبمجرد أن يصبحوا قريبين من أمهاتهم فهم يحتاجون إلى تبادل الحنان، فيما هم يشعرون في الوقت نفسه بالاستياء منهن والغضب. إنهم أطفال حذرون حين يقابلون أشخاصاً راشدين جدد لا يعرفونهم.

في نمط الارتباط العاطفي المتجنب، لا يتفاعل الطفل بشكل قوي مع مغادرة وعودة أمه – بمعنى آخر، حين ترحل أمه لا يبحث عنها، وحين تعود يتجاهلها.

اقرأ أيضاً: حب الأم : كيف يجعل الولد عظيماً أو فاشلاً

اترك رد