لماذا تؤذون أطفالكم عندما تفرطون في حمايتهم وما هو الحد ما بين الإفراط في الحماية والعناية بالطفل

0

الإفراط في الحماية يعني قيامك بالأشياء التي عليه هو القيام بها..
قد يحدث هذا في أي عمر، عندما تقوم أم بإطعام ابن الثلاث سنوات بالملعقة فيما هو قادر على أن يتناول طعامه بنفسه فهذا يعني أنها تفرط في حمايته. وعندما تقوم الأم بإلباس ابن الأربع سنوات بنفسها وتفرشي أسنان ابن الثماني سنوات وتمشطه وعندما تحل فروض ابنة الحادية عشرة أو تعمل على حل مشاكل ابنها المراهق، فهي بذلك أم تفرط في حماية أبنائها.

إذا كان الولد قادراً على القيام بمهمة ما فلماذا تجعله الأم اتكالياً أو عديم الفائدة؟

الواقع أن أهلاً كهؤلاء يقتلون مقدرة الطفل الفطرية على أن يصبح مستقلاً. يظهر الطفل الصغير هذه المقدرة الطبيعية الفطرية بوضوح. ليس عليك حتى تتبين ذلك إلا أن تراقب ابن الثمانية اشهر وهو يحاول أن ينتعل حذاءه فقد يحتاج هذا الطفل إلى 20 دقيقة حتى ينتعل فردة واحدة. ستجده في غير عجلة من أمره، وكل اهتمامه منصب على إنجاز هذه المهمة. هذا الصغير يقول لنا: «أريد أن أكبر وأن ألبس ثيابي وحدي كما تفعلين يا ماما». إنه ككل طفل يريد أن يحاول القيام بالأشياء وحده.

شاهد من الحياة عن الإفراط في الحماية

رمزي ابن السنتين متلهف إلى انتعال حذاء التنس الذي اشترته له أمه. جر الكرسي إلى خزانة الأحذية ثم صعد عليه ليستطيع الوصول إلى جارور الجوارب. أخذ جورباً ثم شرع بصعوبة يرتديه وكان يحاول أن ينتعل السنيكرز حينما جاءت أمه: «رمزي. ماذا تفعل؟ يا إلهي لقد بعثرت كل الجوارب وكدت تقع عن الكرسي». وأسرعت الأم المستعجلة تأخذ السنيكرز منه معلقة بالقول: «جورباك مفتولان وهذه الفردة ليست لهذه القدم. في المرة القادمة انتظرني حتى ألبسك إياه»
ظل رمزي يحاول انتعال أحذيته بمفرده وارتداء ملابسه بنفسه ولكنه كان يُواجه بإلحاح أمه وتوبيخها. وأخيراً استسلم متعلماً أن يكون كلعبة مصنوعة من القماش فتستطيع أمه أن تلبسه بسرعة متى أحبت ذلك.

بعد ثلاث سنوات جاءت العمة سلام لتزورهم. عندما لاحظت الروتين الصباحي هتفت قائلة: «ماذا؟ مازلت تلبسين رمزي؟» شرحت الأم قائلة: «آه! إنه كسول فإن لم ألبسه بنفسي، لن نصل إلى المدرسة على الوقت».

يحب الولد الصغير أن يأكل بنفسه ولكن عدداً كبيراً من الأمهات لسوء الحظ يفضلن أن يطعمن أولادهن بأنفسهن حفاظاً على النظافة. «إذا تركته يأكل وحده يوسّخ الأرض ويبقى وقتاً طويلاً وهو يأكل». ينبغي أن نسأل أنفسنا هنا: لماذا على ابن الخمسة عشر شهراً الاستعجال في الأكل؟ هل هناك ما قد يسحره أكثر من تناول عدة لقمات ملونة ومتنوعة من الطعام ووضعها في فمه؟

هل تتخيل كم من الجهد يتطلبه التقاط كل لقمة، والإمساك بها ورفعها إلى فمه بأصابعه غير المتمرسة؟ لو وضعنا أنفسنا مكان طفل لا يستطيع التحكم بجسمه، لما صبرنا عليه فقط بل لامتلأ قلبنا إعجاباً بمقدرته.

يحاول الطفل مراراً وتكراراً القيام بالأشياء بمفرده. بعضهم يكون قادراً على الدفاع عن نفسه: «لا، أنا،أنا! اتركيني وحدي». ولكن تدخل الراشد المستمر وتوبيخه إياه يخمد اهتمامه وشوقه الطبيعي للقيام بالأشياء وحده! لو نرى فقط ما الذي ندمره في الولد عندما لا نسمح له القيام بالأشياء وحده. أنا متأكدة أنه ليس من ولد يولد كسولاً غير أنه يُصبح كسلان عندما نخمد قوة إرادته.

ثمن الإفراط في الحماية

ثمن الحماية المفرطة هو: تدمير إرادة الولد الفطرية . والإرادة هي القوة الداخلية التي تسمح لنا بتنفيذ مهماتنا وأحلامنا . إنها القوة التي تسمح للأهداف بالتحقق . لهذا السبب يصبح الطفل فاتر الهمة، لا مبالياً، اتكالياً، وبلا هدف فيسهل أن يشعر بالرهبة وقلة الثقة بالنفس. إن الثقة بالنفس هي النتيجة المتأتية عن إثبات النفس بشكل مستمر من خلال الإنجازات التي ننجزها، ولكن الطفل الذي يتكل دائماً على الراشد لحل مشاكله لن يملك قوة لكيّ يثبت لنفسه ما هو قادر على النجاح به واختبار النجاح. وبناء على ذلك ينتهي الأمر بالطفل إلى الاقتناع بقلة قدراته وجدارته.

اترك رد