ليس ما فعلته ابنتك قلة تهذيب بل هو حماية لنفسها

0

قلة تهذيب الطفل:
رأيتها واقفة منكسرة الخاطر والدمع مغرورق في عينيها.. اقتربت وسلمت عليها مؤاسية :” لم انت واقفة هنا في هذا البرد .. اين الماما ” اجابتني هذه الفتاة الصغيرة البالغة من العمر سبع سنوات:” ماما في الداخل” .. مررت يدي على رأسها ومشيت الى المنزل .. طرقت الباب فإذا بصديقتي يعلو صوتها من الداخل : ” ألم اقل لك إن الطقس بارد .. لا تخرجي .. سترين أي عقاب سأنزله بك يا قليلة الادب : وفتحت صديقتي الباب فإذا بالباب “أنا” ..

  • هذه انت ؟ ظننتك ميسم

وضحكت مرحبة بي وتبدل صوتها من الغضب الى الهدوء
سارعت اقول لها : ” ما القصة .. ما بال ميسم تبدو مكسورة الخاطر حزينة
عاد الغضب يعتلي وجه صديقتي: “ستجنني هذه الفتاة .. لم ار مثلها هذه البنت وقلة ادبها.. قبل قليل مر جارنا ليستعير غرضاً لزوجته. طلبت منها ان تلقي السلام فرفضت وتركت الغرفة.. وعندما ذهب الجار صرخت عليها وأهنتها على قلة ذوقها ولباقتها..
نظرت الى صديقتي وقلت لها: “وما الخطأ ان رفضت السلام .. لماذا نعامل اطفالنا وكأنهم عبيد عليهم الطاعة.. لو فرض عليك احد إلقاء السلام على شخص لا تحبينه هل كنت لتذعني له.. بالتأكيد لا.. لماذا اذن لا تعطين طفلتك هذا الحق..

من واجبنا كاهل احترام انفعالات الطفل ومشاعره تجاه الكبار لنسمح له بتنمية قدرته على فهم الآخرين..
عندما نعلّم طفلنا الاصغاء وعندما نأخذ مشاعره بعين الاعتبار نعلمه أن يحمي نفسه.. فالطفل قد يقرأ شيئاً في الآخرين لا نستطيع نحن فهمه..

هل سألت طفلتك :” لماذا رفضت السلام على الجار”

اجابتني صديقتي :” لا لم اسألها”

هززت برأسي: “يا صديقتي نحن نعيش في زمان غير آمن تنتشر فيه الاساءة الجنسية انتشار النار في الهشيم.. عندما نحبر اطفالنا على السلام على اي شخص فنحن كمن يرميه في الهاوية.. مهمتنا كأهل أن نعلّم طفلنا أن الناس ليسوا كلهم اشخاصاً لطيفين.. لذا علينا ان نحترم مشاعره وانفعالاته .. فإذا فعلنا ذلك بنينا عنده القدرة على بناء العلاقات الاجتماعية وبالتالي علمناه تفادي الحميمية الزائدة مع الآخرين فيتعلم طفلنا الحذر .”

اعترضتني صديقتي بالقول: ” ولكن من قلة الذوق عدم السلام على الاخرين.. تصوري اقترب جاري ليسلم عليها ويقبل رأسها فرفضت ودخلت الى الغرفة الاخرى..”

  • وانت اعتبرت تصرفها قلة ادب.. يا عزيزتي عندما تجبرينها على السلام على اي انسان فأنت بذلك تؤثرين في علاقاتها بالآخرين وان خضعت طفلتك وسلمت رغماً عنها فأنت بذلك تعلمينها ان تكبت مشاعرها وان تطمرها كمن يطمر شيئاً تحت التراب كيلا يحس . وعندما تتصرفين معها بهذا الشكل فهذا يظهر انك لا تحترمينها.. اتدرين اي رسالة ترسلينها الى ذات ابنتك.. انت بطريقة غير مباشرة تطبعين في ذهنها فكرة انا شخص لا يستحق هذا الاحترام

ردت صديقتي:” لا تجعلي من القصة دراما”

عبست في وجهها وقلت لها : “بل هي اكثر من دراما.. فعندما نجبر طفلنا على الخضوع واحتقار الذات فإننا بذلك نجعله يفقد القدرة على حماية نفسه من التصرفات المشبوهة التي من المفترض ان يراها سلبية او خطرة عليه. ان اجبار الطفل على ذاك السلام او تلك القبلة اللعينة يضعف خطوط دفاعاته واعلمي يا صديقتي الغالية ان الاولاد الذين ننتزع منهم احترامهم لذاتهم يصبحون الضحايا المحتملين لمرتكبي الجرائم الجنسية بحق الاطفال ..
دورك كأم ان تعلمي طفلك ان يحمي نفسه لا ان يكون لائقاً مهذباً مع الآخرين.”

آمال الأتات
اترك رد