لِمَ عليكم أن تشرحوا سبب انفعالكم لطفلكم؟

0

سبب انفعالكم

أسباب كثيرة تدفع الأم إلى فقدان صوابها وعدم القدرة على التحكم بمسار الأمور والسيطرة على نفسها. صوت الأطفال طيلة اليوم يصرخون ويتشاجرون وطلباتهم اللامتناهية، المهام المنزلية وربما مهام العمل، السؤوليات المتراكمة وربما انتقاد الزوج أو أحد الأقارب، أو بعض المشاكل العائلية مع زوجها وعدم تقديره لجهودها… كلها أمور تؤدي حتماً إلى لحظة انفجار لا بد منها.

دعونا لا نكذب على أنفسنا. كلنا نمر بهذه اللحظات، حين نبدأ بالصراخ والتفوه بكلمات لو فكرنا فيها لما نطقناها، وربما نصل إلى التجريح دون أن نقصد أحياناً. فيقف هذا الطفل الصغير يتساءل عن مدى حجم الجرم الذي ارتكبه حين أوقع كوباً دون قصد، أو رفع صوته أثناء اللعب قليلاً. لن يدرك هذا الكائن الصغير المشاغب أن المشكلة ليست فيه هو، بل في حجم الضغوطات التي نحملها كأمهات على عاتقنا. لذا لا بد لنا من أن نفسر له أنه ليس السبب، وأننا أحياناً نغضب ونتعب، ولكن مهما حصل فنحن نحبه كثيراً.

لماذا علينا أن نفسر للطفل أنه ليس سبب انفعالنا؟

كان يوماً صعباً جداً من بين جميع الأيام، لكن ما زاده توتراً أنني تلقيتُ خبراً أن والدتي قد تكون مصابة بمرض خطير. وكنتُ طيلة اليوم متوترة بانتظار معرفة نتيجة التحاليل.
بدأ أطفالي الصغار يشاغبون كالعادة ويتشاجرون على الألعاب. كنتُ قد استنفدتُ كامل طاقتي في الأعمال المنزلية وبحاجة ماسة للراحة. لكن لا مجال للاستراحة في وجود ثلاثة أطفال مشاغبين يتنقلون وينشرون الفوضى في جميع أرجاء المنزل.

شعرتُ أن رأسي يكاد ينفجر، وبدأتُ بالصراخ دون وعي “ألا يمكنكم الكف عن الصراخ قليلاً؟ ألا تتعبون؟ ألا تأخذون وقت استراحة؟ هل عليّ أن أستمر بالصراخ طيلة اليوم “كفي عن ضرب أختك” “اترك السلك الكهربائي” “انزلي عن الطاولة” “لا تتركي الطعام أرضاً”. “كفوا عن هذا! لم يعد باستطاعتي تحمل أصواتكم. إهدأوا قليلاً!”.

وبدأتُ أبكي دون وعي. إنها لحظة الإرهاق التي تحتاج فيها الأم إلى الجلوس مع نفسها قليلاً والاستراحة لاستعادة طاقتها والانطلاق من جديد. لكن مع الأسف، أحياناً، أو معظم الأحيان، لا مجال للاستراحة. الأمومة أشبه بمعركة يومية مع الوقت، دائماً يهزمنا الوقت فيها.

premium freepik license
ماما هل توقفتِ عن حبنا؟

اقتربت مني ابنتي التي تبلغ من العمر 3 سنوات ونصف وهمست بهدوء “أمي، ألم تعودي تحبيننا؟ هل نحن سيئون جداً؟ لا تحزني أنا أحبك، أنا آسفة ماما”.

علامَ تعتذر هذه الصغيرة؟ لم تفعل شيئاً. لقد كانت تلعب كجميع الأطفال. تعتذر على أمور لم ترتكبها. فعلياً ليست هي سبب انفعالي. وأنا أدرك ذلك. لكنها لا تدرك.

فغمرتها وأخبرتها أننا أحياناً نتعب ونغضب وننفعل دون قصد، وأن انتقادي لسلوكها لا يتعلق إطلاقاً بمدى حبي لها. وأخبرتُها أن جدتها مريضة قليلاً وأنني أشعر بالقلق والخوف. واعتذرتُ لها لأنني صرختُ كثيراً، فلطالما أخبرتُها أن الصراخ ليس وسيلةً لحل المشاكل. ولطالما استجابت إلى كلامي وهدأت واعتذرت.

منذ ذلك الحين وابنتي تقترب مني في كل مرة أنفعل فيها، وتغمرني وتسألني إن كنتُ غاضبة أو متعبة، وتحاول أن تفهم السبب كأنها شخصٌ كبير يحاول حل المشكلة.

مهما حصل، جدوا دائماً طريقة لتفسير الأمور لأطفالكم، كي لا يقوموا بتفسيرها بطريقتهم الخاصة. فالطفل يميل تلقائياً إلى لوم نفسه والشعور بالذنب. لا تقيّدوا طفولة أولادكم بمشاعر كهذه، صدقوني سترافقهم هذه المشاعر مدى الحياة.

سماح خليفة

اترك رد