لستُ أماً مثالية لكن أتمنى أن تتذكر أنني حاولت..
في البداية يجب أن تعلم أني لطالما تمنيتُ أن أصبح أماً. وقد كان ذلك من أعظم الأهداف في حياتي منذ فترة طويلة لا أستطيع أن أتذكرها.
وحين تمكنتُ أخيراً من تحقيق حلمي، كنت أشعر بحماسٍ شديد لرؤية ملامحكَ وحملكَ بين يدي. هل تعلم أننا نقارن رائحة جسد الطفل بالمخدر؟
وأستطيع أن أخبركَ أنني لم أنسَ يوماً نعومة ورقة هذه الرائحة، حتى بعد أن أصبحت شاباً كبيراً. ما زلتُ أذكر كل تلك المرات التي كنتُ أحتضنك فيها بين ذراعي، وأقرب وجهك من وجهي كي أشتم رائحتك المسكرة بشكلٍ أفضل.
كنتُ أعشق كل لحظات الرقة والسلام هذه. عندما ولدتَ، أنرتَ حياتي بشكلٍ لا مثيل له. بدأتُ أشعر بحبٍ جميل ونقيٍ للغاية.
فبل ولادتكَ، كنتُ مقتنعة تماماً أنني سأكون أفضل أمٍ في العالم. كنتُ أظن أنني سأكون مثالية حين أتولى هذا الدور الذي لطالما تمنيته.
إلا أن الواقع كان أصعب بكثير مما توقعت.
منذ اليوم الأول، كنتَ تمنحني دائماً الرغبة بأن أكون شخصاً أفضل؛ أحياناً، أشعر أنني لا أستحق أن أحصل على نعمة بهذه الروعة.
أشعر بالإرهاق. أحياناً، لا أملك ما يكفي من الطاقة لملاقاتك واللعب معك لعبة الغميضة لمدة ساعات. أحياناً أرغب فقط بأن أتصرف كالأم الكسولة وأحصل على قسطٍ من الراحة.
أشعر بالإحباط. يمكنني أحياناً أن أترك مشاعري السلبية وعواطفي تسيطر عليّ. فأصرخ، وربما أصرخ بصوت عالٍ جداً إلى حدٍ ما.
أنا متوترة. وأحمل على عاتقي الكثير من المسؤوليات؛ بين دفع القواتير والتعليم والعمل وما إلى ذلك، يصبح حجم الضغط والتوتر كبيراً جداً أحياناً.
وعلى الرغم من ذلك، أحاول أن أخفي عنكَ الأمر، لكنني أعلم أنكَ تلاحظ ما يحصل. أنا حزينة. لا أريدكَ أن تراني أبكي، لكنني أحياناً لا أستطيع السيطرة على الأمر.
وأنا أشعر بالأسف الشديد على كل ما يجري. يا إلهي؛ كل ما أتمناه هو أن أكون أماً مثاليةً لك.
وفي كل مرة أفشل فيها ويشرف اليوم على الانتهاء، أراقبكَ وأنتَ تغفو بهدوء وعمق، وينتابني شعورٌ مدمرٌ بالذنب.
كيف تمكنتُ من عدم إمهالك دقيقة صبر إضافية؟ كيف تمكنتُ من عدم تحمل الإرهاق ولعب لعبة السيارات معك مرة أخرى؟
وكيف تمكنتُ من ألا أكون قوية بما يكفي كي لا ترى أبداً جانبي السيء؟
تستحق أماً سعيدةً دائماً، مليئة بالحيوية والطاقة، مساعدة دائماً للعب معك ومساعدتك على التعلم والتسلية.
أتمنى أن أكون الأم التي تتحدث عنها أمام أصدقائك بفخر وأنت تكبر. الأم التي ستدعمك دائماً وتحبك دون قيد أو شرط مهما حدث.
أنا آسفة لأنني فشلت. لكنني أستيقظ كل يوم وأحاول أن أتصرف بشكلٍ أفضل. وآمل أن يكون هذا ما ستتذكره.
أتمنى أن تتذكر جهودي، حتى في الأيام الاكثر ظلاماً. أتمنى أن تتذكر الحب الصادق الذي أحاول إظهاره لك كل يوم.
كما أنني آمل أيضاً أن تتذكر الأغاني التي غنيناها معاً. وآمل أن تتذكر الأوقات التي دغدغتك فيها حتى لم يعد بإمكانك التوقف عن الضحك، أو تتذكر أنني قرأت لك نفس الكتاب 44 مرة.
أتمنى أن تتذكر الوجه الشجاع الذي حاولت إظهاره في الأوقات التي لم أكن فيها على حافة الانهيار.
أتمنى أن تتذكر الليالي التي طردت فيها الوحوش المختبئة في الخزانة وربتت بيدي على رأسك كي تطمئن وتعود إلى النوم أخيراً.
نعم، أتمنى أن تتذكر الأوقات التي حملتك فيها بين ذراعي وأنت تبكي. والتي بذلت فيها قصارى جهدي لأجعلك تبتسم.
أتمنى حقًا أن تتذكر كل الشكوك والمخاوف ومشاعر عدم الأمان التي طردتها من عقلك الصغير الجميل.
أتمنى أن تتذكر أنني، حتى في لحظات انهياري، كنت أريدك أن تكون سعيداً للغاية. حتى لو لم أكن دائماً الأفضل في التأكد من ذلك.
وحتى لو لم أتمكن من أن أكون أماً مثالية لك بالطريقة التي أردتها، أتمنى أن تعلم وتتذكر دائماً أن أمكَ حاولت.
ومهما مر من الوقت أو بلغ حجمك، لن أتوقف عن المحاولة أبداً أبدًا. سأكون دائماً هنا من أجلك، مهما حصل وأينما كنت.
أمكَ ليست مثالية، لكنها تحبك من كل قلبها.
قد تدرك شيئاً فشيئاً أن طفولتك لم تكن مثالية. لم تملك أمك دائماً الإمكانيات كي تشتري لك كل ما تريده.
رغماً عني لم أتمكن من قضاء الكثير من الوقت معك، لأنني كنت أعمل لتحقيق مطالبنا. لكن آمل أن تتذكر أنك كنت دائماً تشعر أنك محاط بالأمان والحب.
آمل أن تدرك أن الأشياء المادية ليست هي ما يهم حقاً. المشاعر والحب هي الأهم.
وأؤكد لك أنني بذلت كل ما في وسعي لأقدمها لك. أنا آسفة لأنني لم أكن أماً مثالية، لكن صدقني أنني بذلت الكثير من الجهد كي أكون كما تستحق.
ربما ستصبح يوماً ما أباً، وتتصرف بطريقة أفضل مني.
فلتعلم أنني أحبك بلا حدود