تنافسوا على الحب، لا على إثبات وجهات النظر!

0

تنافسوا على الحب:
كنتُ أظن أن المسألة مسألة تحدي، وأنني إن تنازلتُ سأكون شخصاً ضعيفاً. ظننتُ أن المرأة القوية لا تتنازل، لا تضعف، لا تغفر لمَن يخطئ في حقها، ولا تستسلم.. كنتُ أظن أن عاطفة المرأة سبب فشلها وانهزامها أمام الرجل وسر ضعفها.. إلى أن اكتشفتُ أنها سر قوّتها..

قوة المرأة في قدرتها على الصفح والتنازل! قوة المرأة في ضعفها واستسلامها! هي فلسفة لن تفهمها سوى النساء الناضجات.
كانت كل شجاراتنا تنتهي بانسحاب أحدنا. حتى أنني كنتُ أحياناً أنفعل وأذهب إلى منزل والدتي. كنتُ أظن أنني بهذه الطريقة أثبتت أنني قادرة على الرحيل كي لا يجرحني مجدداً. لكن أتدرون أمراً؟ أسهل طريقة تدمر عبرها المرأة علاقتها الزوجية بمَن تحب، هي عبر جعله يشعر أنها في أي لحظة مستعدة للرحيل.

هذه الخطوة تزعزع استقرار الكيان الأسري وتدمر الثقة بين الطرفين. هذا أسوأ خيار يمكن اتخاذه.. إنه خيار الجبناء.. الانسحاب والهروب.
إلى أن بدأتُ أسترجع حياة والدَي في ذهني..

مشاكل وشجارات وتحدي ومحاولة إثبات وجهة نظر، تنتهي دائماً بانتصار أمي واستسلام أبي، حتى انعدمت وسائل التواصل بينهما. واختارا الصمت. فضلاه على الجدالات الفارغة التي لا تنتهي سوى بالتجريح وسماع دوي قلوب تتحطم. يا لها من نتيجة مذهلة!
مَن المنتصر في هذه الحالة يا تُرى؟ لا أحد. الجميع في هذه الحالة خاسرون.. أمي، أبي، وبالتأكيد نحن.. كنا نقف بينهما حائرين مَع مَن علينا أن نقف، ومَن علينا أن نساند ومَن علينا أن نعارض. وحين انعدمت لغة الحوار بينهما شعرنا بفراغ غريب وبضياع لا يوصف.
هل هذه الحياة التي أريد أن أؤسسها مع زوجي الذي تحديتُ الجميع كي أستقر معه في منزلٍ واحد؟ طبعاً لا.

premium freepik license
بدأتُ أفكر شيئاً فشيئاً قبل أن أنفعل

حسناً.. ما المشكلة هذه المرة إن أثبت أنه على حق؟ وما المشكلة إن وافقته الرأي حتى لو لم أكن مقتنعة كلياً؟ ما المشكلة إن وجدنا معاً حلاً يناسب الطرفين هذه المرة؟ وهكذا دواليك..
شيئاً فشيئاً بدأ هو أيضاً يتنازل.. بدأ ينفذ ما أريد حتى لو لم يكن مقتنعاً به. بدأ صوت الصراخ ينخفض حتى انعدامه. وصوت خفقان قلوبنا يعلو ويطغى على كل مشاكلنا التافهة السطحية. حتى أن بعض الخلافات كانت تبقى دون حل.. وما المشكلة؟ على أي حال.. لا يستطيع المرء أن يسيطر على كل شيء في حياته. فلنترك بعض الأمور للقدر، لا بأس بذلك أحياناً.

خسرتُ الكثير من الجدالات بغمرة أو قبلة، أو حتى نوع الحلوى المفضل لدي. سأخبركم سراً.. ليس كل استسلام هو استسلام قهري، بعض الاستسلام يكون عبارة عن قرار.

حين نتنازل عن بعضٍ من غرورنا وعنادنا نرتقي بعلاقتنا إلى مرحلة أكثر نضوجاً. نحن لسنافي سباق لإثبات مَن على حق. نحن في سباق كي نثبت مَن منا يحب الثاني بشكلٍ أكبر. هكذا تنجح العلاقات.. وهكذا يكون الضعف قوة. وهكذا حتماً تكون عاطفة المرأة سر قوتها

اترك رد