نصيحة الأخصائيين: تجاهلوا عناد طفلكم.. نصيحتي كأم: إياكم أن تتجاهلوه!

0

عناد أطفال:
خلف عناد طفلكم رسالة، لا تتجاهلوها!

سنة ونصف.. أصعب سن يمر به أطفالنا. وسيلة تعبيرهم الأولى في هذا السن هي البكاء. والوسيلة الثانية والأصعب هي الرفض سواء عبر كلمة “لا” أو عبر أصعب صفة يمكن للاهل التعامل معها “العناد”. ومهمة الأم الأصعب في هذه المرحلة هي أن تخمن الأسباب.

ابنتي العنيدة ذات السنة والنصف، ثالث طفلة في أسرتنا الصغيرة، ترفض كل شيء، ترفض تناول الطعام، وترفض السماح لي بتغيير ملابسها، تعاند عند تغيير الحفاضات، وعند الخروج من المنزل وعند النزول من السيارة وعند الصعود إلى المصعد. ورفضها دائماً يترافق مع بكاءٍ حاد لا يكاد يتوقف قليلاً حتى تعاود الدموع الانهمار مجدداً. كل سبل التهدئة لا تنفع. تكاد تفقدني صوابي!

ذات يومٍ كنتُ أعاني ما يكفي من التوتر والإرهاق، نام أخوتها واستمرت هي بالزن والبكاء طيلة الليل. بدلتُ حفاضها، وأعطيتها قنينة الحليب، لكنها رمتها واستمرت بالبكاء. كنتُ قد استنفدت كامل طاقتي يومها. فصرخت فيها بطريقة جنونية دون أن أقصد “ما بالكِ أنتِ؟ لِمَ تستمرين بالبكاء هكذا؟ هيا نامي! لقد تعبتُ منكِ ومن عنادكِ! نامي الآن!”.

premium freepik license
ثم انهرتُ وبدأتُ بالبكاء.

توقفت هي عن البكاء واقتربت نحوي تضع يدها على رأسي. نظرتُ إلى عينيها البريئتين المغرورقتين بالدموع ووجهها الملائكي وغمرتها بقوة.. يا إلهي إنها طفلة.. ماذا دهاني؟ كيف تجرأتُ على التحدث معها بهذه الطريقة؟ كأنني أكلم شخصاً بالغاً دون أدنى شعورٍ بالرأفة والمسؤولية؟!

نامت بين ذراعيّ وتركتُها في حضني حتى الصباح. استيقظتُ وقد اتخذتُ قراري. يجب أن أتوقف عن الانفعال مهما كان السبب. بعد أن خرج إخوتها من المنزل، قررتُ أن أخصص لها هذا اليوم. تركتُ كل شيء. توقفت عن كل المهام الأخرى ولعبنا معاً، لعبنا بالمكعبات وبألعاب المطبخ، وتظاهرت بانها تطعمني ورويتُ لها قصة.. كانت تضحك طيلة الوقت. لم تبكِ، لم تعاند، لم تقل “لا”. لم تدفعني وتركض أثناء تغيير الحفاضات.

ثم أخيراً فهمتُ الأمر. كنتُ أتركها تلعب مع إخوتها. والوقت الذي أخصصه لها كان يقتصر على إطعامها والاهتمام باحتياجاتها الأساسية فقط لا غير. ابنتي كانت تبكي طالبةً الاهتمام. كانت تعبر عن نقصٍ نظن، كأمهات لديهن ما يكفي من المهام، أنه غير أساسي، ننشغل بأمور الحياة وحاجات أطفالنا الأساسية للاستمرار في العيش، وننسى حاجةً نظنها ثانوية، لكنها فعلياً الأساس.. حاجة أطفالنا إلى الحب والاهتمام.

أطفالنا ليسوا عنيدين. أطفالنا يستخدمون إشارات الجسد التي لا يعرفون سواها ليوصلوا لنا رسالة. وما إن نتلقى الرسالة، يتوقف أطفالنا عن تلك السلوكيات.

سمعتُ الكثير من الأخصائيين ينصحون بتجاهل الطفل حين يبكي ويُعاند. لستُ أخصائية لكنني أم، وأنصح كل أم ألا تتجاهل بكاء طفل، بكاء طفلكِ يحمل رسالة، وتجاهل هذه الرسالة تجاهل لمشاعر طفلكِ واحتياجاته. اقرأي ما خلف سلوكيات طفلك، وجدي سبيلاً لكسر قصور التواصل بينكما. طفلكِ يحتاج إليكِ أكثر من أي شيء في الوجود، ولا بديل يعوض وجودكِ واهتمامكِ وحنانكِ في الكون بأسره. مهما كان جدول يومياتكِ مكتظاً، إياكِ أن تهمليه!

سماح خليفة

اترك رد