ابنتي تبكي كثيراً.. ما الحل؟

0

ابنتي تبكي كثيراً:
وقعت الطابة من يد ابنتي الصغيرة ذات الأربع سنوات، وتدحرجت تحت الأريكة. فبدأت بالبكاء كعادتها، هذه ردة فعلها التلقائية دائماً على أتفه الأمور.. البكاء. قررتُ هذه المرة أن أغير طريقتي. بدلاً من أن أحضر لها الطابة كي تهدأ، ناديتُها وسألتُها بهدوء “ما المشكلة؟ لماذا تبكي أميرتي”. فأجابت والدموع تنهمر من عينيها دون توقف “لقد وقعت الطابة تحت الأريكة”.

غمرتُها ومسحتُ دموعها وطلبتُ منها أن تصغي إلي جيداً “أريد أن أسألكِ سؤالاً.

فكري جيدا وأجيبيني. أعلم أن هذا الأمر يزعجكِ وأنكِ تودين الحصول على الطابة. ولكن هل إن بكيتِ ستتمكنين من إحضارها؟”. صمتت قليلاً وأجابت “كلا”. فأكملتُ قائلةً “دعينا إذن نتفق على طريقة ذكية. حين تواجهين مشكلة بدلاً من أن تبكي، فكري في خطة للعثور على حل. أميرتي ذكية جداً وباستطاعتها دائماً إيجاد الحل. والآن توقفي عن البكاء واذهبي وفكري في خطة ذكية لحل مشكلتك.”

ركضت ومدت يدها تحت الأريكة لكنها لم تستطع إحضار الطابة. فعاودت البكاء، اقتربتُ منها وأخبرتها أن هناك دائماً خيار آخر. وأن بإمكانها وضع خطة جديدة وأنها ستنجح في نهاية الأمر. مؤكدةً لها أن هناك دائماً حل بديل. فركضت ومدت ساقها تحت الأريكة على اعتبار أنها أطول من يدها. لكن أيضاً دون جدوى. لكنها هذه المرة لم تعاود البكاء بل نظرت إلي كأنها تريد أن تخبرني أنها قوية وأنها لن تستسلم. وركضت وأحضرت المكنسة ومدتها تحت الأريكة وأحضرت الطابة. وفرحت كثيراً بإنجازها الصغير.

ركضت نحوي حاملةً الطابة وهي تصرخ “ماما ماما، نجحت خطتي! أحضرتُ الطابة”.

فأجبتُها بفخر “كنتُ أعلم أن صغيرتي ستتمكن من إيجاد الحل. أنا فخورة جداً بكِ. أرأيتِ؟ يمكنكِ وضع أكثر من خطة”. فركضت ومرت من جانب الأريكة ذات المقعد الواحد ودفعتها من الخلف فتمكنت من إزاحتها من مكانها وقالت “أنظري، هذه خطة أخرى أيضاً، بإمكاني أن أنقل الأريكة من مكانها”.

فضحكتُ من كل قلبي. لقد كان شكلها وهي تدفع الأريكة بكل قوتها رغم صغر حجمها بمنتهى الظرف. حملتُها بين يدي وقبلتُها كثيراً وأخبرتُها أنها أذكى فتاة أعرفها.

في نفس اليوم زارتنا ابنة جارتنا، صديقتها المفضلة التي تكبرها بسنة. وحصل موقفٌ جعلني أشعر بفخرٍ شديد، تمزقت ورقة الفتاة وهي تلون فأجهشت في البكاء. فأمسكت أميرتي الحنونة بيد صديقتها وقالت لها “لا تبكي، سنفكر في خطة. هناك دائماً حل.” واتجهت نحوي لتسألني عن مكان الشريط اللاصق لإلصاق رسمة صديقتها الممزقة.

ما الذي دفعني إلى كتابة كل هذا؟

بكل بساطة لأنني منذ فترة ليست بطويلة، كنتُ من الأشخاص الذين يبكون عند مواجهة مشكلة بدلاً من التفكير في وضع خطة للعثور على حل. وقد اكتسبتُ هذا السلوك من والدتي، كنتُ أسميها ملكة الدراما. أمي كانت تجد مشكلة لكل حل، بدلاً من إيجاد حل لكل مشكلة. وكانت تضخم أتفه الأمور كأنها نهاية الحياة. ومع الأسف كانت ولا زالت حياتها تعيسة جداً. لم أستطع يوماً أن أسعدها رغم كل جهودي. أتدركون لماذا؟ لأن الحل يأتي من داخلنا لا من المحيط. وهذا ما أردتُ أن تقوم به ابنتي، أن تكنشف الحل بداخلها وبنفسها.

أول ما عليكم فعله هو جعل طفلكم يشعر أنكم متعاطفون معه جداً، دون أن تشعروه بأن مشكلته تافهة وتشعرونه بأن أفكاره سخيفة. أخبروه بأنكم تعرفون أنه حزين وغاضب، وأنه يشعر بالانزعاج والضيق. ومن ثم ساعدوه على إيجاد طريقة لحل مشكلته بنفسه. وستجدون أن نوبات البكاء تخف تدريجياً. لا بل أن طفلكم سيدهشكم بأفكاره الطفولية وخططه الذكية وفقاً لعمره. وأخيراً لا تنسوا سر نجاح طفلكم الخفي، دعمه وتشجيعه وإخباره بأنكم تثقون به وبقدراته. إنه مفتاح سحري تزرعون من خلاله القوة والثقة في قلوب أطفالكم وتساعدونهم على التقدم والنجاح.

سماح خليفة

اترك رد