كيف نكتشف ما في قلوب أطفالنا من خلال اللعب

0

اللعب التخيلي وسيلة ممتازة لتطوير قدرات أطفالنا، لكنني اكتشفتُ أنه أيضاً طريقة رائعة للتعرف على ما يختلج أفكارهم وما يخطر ببالهم بطريقة غير مباشرة. فغالباً ما يحاول الأطفال إخفاء ما يفكرون به فعلياً، إما لشعورهم بالخجل أو الخوف أو حتى لعدم ثقتهم بأن الكبار سيفهمونهم.

كنتُ أقضي بعض الوقت مع أطفالي. تظاهرت طفلتي التي تبلغ 4 سنوات بأنها طفل رضيع، وبدأ تصدر صوت البيبي فمثلتُ أنني أطعمها وأعتني بها. ثم قررتُ أن أقلب الأدوار، قلتُ لها إنني الآن البيبي وأنتِ أمي. وبدأت أصدر صوت بكاء الطفل الرضيع، فما كان منها إلا أن قالت “أنا مشغولة، سآتي بعد قليل” وتظاهرت بأنها ترتب الملابس المتواجدة على الأريكة. تفاجأت وكررتُ نفس الصوت وناديتُ ماما، فقالت مجدداً “لحظة أنا مشغولة، سآتي بعد قليل”. وتظاهرت بأنها تنظف الطاولة.

تفاجأتُ كثيراً. الأم بالنسبة لطفلتي تُختصر بهذه العبارة “لحظة أنا مشغولة، سآتي بعد قليل”. لم يخطر ذلك ببالي إطلاقاً. فأنا أعد من الأمهات اللواتي يبذلن جهداً كبيراً للاهتمام بأطفالهن على الصعيد العاطفي. وأحاول دائماً تخصيص وقت لهم وفق استطاعتي.

لكن يبدو ان صغارنا يحتفظون بالذكريات والصور السلبية، أكثر من الإيجابية.

حسناً، على أي حال، علي أن أعترف، يبدو أنني أستخدم هذه العبارة كثيراً دون قصد. فالالتزامات اليومية لا حصر لها.

جميعنا كأمهات نستخدمها. لطالما أجلتُ طلبات ابنتي أو رغباتها بالعناق أو اللعب أو حتى احتياجاتها الأساسية كي أنهي إحدى المهام المنزلية أو كي أنتهي من إلباس أختها الصغرى، أو كي أنهي مساعدة أختها الكبرى في واجباتها المدرسية. لكنني لم ألحظ ذلك فعلياً إلى أن قمنا بتمثيل هذا المشهد معاً.

ناديتُها حينها وطلبتُ منها أن تجلس في حضني وأخبرتُها كم أحبها، وأن انشغالي في بعض الأحيان لا يعني أنني لا أهتم لأمرها. ووعدتُها أن أحاول الرد بطريقة أسرع في المرات المقبلة.

تذكرتُ حينها أيضاً أن صغيرتي تؤجل تنفيذ كل طلباتي. حتى أننا نتأخر عند الخروج من المنزل بسبب مماطلتها وتأجيلها. لطالما تساءلتُ عن سبب تصرفاتها هذه، مع أنها طفلة بمنتهى الذكاء واللطف. كيف لم أنتبه لذلك، إنها تستخدم طريقتي وعبارتي وأسلوبي. نعم عبارتي “لحظة ماما أنا مشغولة، سآتي بعد قليل”.

استنتجتُ حينها أنني يجب أن أكون قدوة لأطفالي حتى في طريقة تواصلي معهم، وأن أقدم لهم بالتحديد ما أرغب في تلقيه منهم. لو روينا لهم مئة قصة وألقينا ألف محاضرة كل يوم، لن يتعلموا منا بقدر ما يتعلمون من سلوكنا وتصرفاتنا. هؤلاء الصغار أذكى وأكثر دهاءً مما نتوقع.

سماح خليفة

اترك رد