قلق الانفصال عند الطفل: متى يبدأ وكيف نخفف وطأته على الطفل

0

قلق الانفصال هو مرحلة نموّ طبيعية لدى الأطفال تبدأ مع وصول عمر الطفل الى 8 أشهر. في هذا العمر، يبدأ الطفل باستيعاب فكرة أنّه شخصٌ مستقلّ منفصلٌ عن والديه وليس امتدادًا لهما. لذلك يُدرك بأنّه شخصٌ مختلفٌ تماماً عن والديه. كما يتزايد تمييزه للأشخاص الذين يعرفهم من حوله (الوالدين ، الأخ ، الأخت ، الأجداد) عن الذين لا يعرفهم. لهذا السّبب, اعتاد طفلك من قبل أن يبتسم في وجه كلّ الغرباء, أمّا الآن فهو يبدو جادًا, فهو يشعر بالرّهبة من الأشخاص المجهولين.

يتأثّر الطفل بانفصال كلا الوالدين، ولكنّ قلق الانفصال قد يكون أكثر وضوحًا مع الشّخص الذي يعتني به ويرافقه معظم الوقت.

إلى جانب خوفه من الوجوه الجديدة، يخاف طفلك أيضًا، و هذا هو الأهمّ، من أن تتركيه. عندما لا يراك، يعتقد بأنّك ذهبت إلى الأبد. في الواقع، هو لا يعرف أنّه عندما لا يرى شخصًا أو شيئًا، فإن هذا الشخص أو هذا الشيء يظلّ موجودًا.

لا يفهم الطفل بأنّ الأشخاص و الأشياء تستمرّ بالوجود بالرغم من أنه لا يستطيع رؤيتها أو سماعها. عندما يعتقد أنك “ذهبت إلى الأبد”، يزداد خوفه وبكائه لأنّك الشخص الذي يُطعمه, يهتم به, يحافظ عليه ويؤمّن له وسائل الراحة. يمكن أن يستمرّ هذا القلق إلى عمر 18 شهرًا.

كيف يظهر قلق الانفصال؟

إليك بعض الأمثلة عن كيفيّة تفاعل طفلك خلال هذه الفترة:

  • • يبدأ بالبكاء عندما لا يستطيع رؤيتك، عندما تتركينه في غرفة بمفرده, أو في وجود شخص امّا لا يعرفه ابداً وإما ليس معتاداً عليه.
  • لم يعد يبتسم للزوّار الجدد ولم يعد يرغب في أن يحمله أشخاص لا يستطيع التعرّف عليهم.
  • ينفعل أو يبكي عندما تأخذينه إلى أماكن جديدة.
  • لم يعد يستمتع بالاستحمام، لأنّه يعتبر الآن أنّ الماء بيئة “غريبة”.
    لا يعاني جميع الأطفال من قلق الانفصال بنفس الدرجة من الحدّة. غالبًا ما يعبر الأطفال الذين اعتادوا على رؤية الكثير من الناس, هذه الفترة بسهولة أكبر. تلعب الشخصية أيضًا دورها: فبعض الأطفال يميلون بطبيعتهم الى الخوف, بينما آخرون هم اجتماعيون.
كيف نساعد الطفل على تجاوز فترة قلق الانفصال؟

سوف يعتاد طفلك شيئًا فشيئًا على الأشخاص والمواقف الجديدة. سوف يتعلم أيضًا أن ينفصل عنك. إليك ما يمكنك فعله للتّخفيف من قلقه:

• تجنّبي المغادرة عندما لا ينظر طفلك إليك أو عندما يكون نائماً. أنت تخاطرين لأنّه قد يعيش حالة الانفصال.اشرحي له سبب مغادرتك وماذا سيحدث أثناء غيابك. حتى لو بكى و أنت تعتقدين بأنّه لا يسمعك، اشرحي له أنك ستعودين قريبًا, وأكدي له أنّك ستغيبين لفترة محدّدة من الوقت, و حاولي أن تكون هذه الفترة محددة. على سبيل المثال، قولي، “سأراك مجدّداً بعد قيلولتك”. يمكنك أيضًا أن تشرحي له أنه سيكون على ما يرام مع الشخص الذي سيرعاه, وأنهّ سيعتني به جيّدًا.

• أظهري له ثقتك في الشخص الذي سيعتني به. وإلا فإنه سيشعر بقلقك ممّا سيزيد من قلقه أيضاً.

• عندما تطلبين من أحدٍ رعايته في منزلك، اطلبي من هذا الشخص أن يصل قبل 15 إلى 30 دقيقة من موعد مغادرتك. هكذا سيكون باستطاعة هذا الشخص القيام بأنشطة معه وأنت ما تزالين في المنزل.

• اجعلي طفلك يعتاد على رؤية الناس ، لكن لا تجبريه على تقبّل أن يحمله شخص آخر.

• إذا أراد أن يلتصق بك أمام الغرباء، عانقيه. لا تترددي في طمأنته وضمه عندما يكون خائفًا.
• امنحيه الوقت لكي يتكيّف مع المكان الجديد أو الأشخاص الذين لا يعرفهم. خذي الوقت الكافي في التحدث معهم حتّى يعتاد الطفل عليهم.

• العبي “كوكو/بيكابوو/ بووسة” بإخفاء وجهك خلف بطانية. هذه اللعبة تجعل طفلك يدرك أنك ما زلت موجودةً حتى عندما لا يراك.

• امنحيه دميةً أو بطّانية, تكون مصدر راحة له عندما يواجه مشاعره.

• ساعدي طفلك الصغير لكي يصبح مستقلاً. على سبيل المثال، ضعيه مع ألعابه بالقرب منك عندما تطبخين أو تقرأين. سوف يكتسب الثقة بالنفس تدريجيًا مع العلم أنّك بجانبه.

ما العمل اذا كان الوالدان منفصلين؟

إليك ما يمكنك فعله لمساعدة طفلك الصّغير, أثناء فترة قلق الانفصال, إذا كانت حضانة الطفل مشتركة:

  • يجب المحافظة على نفس الرّوتين (وقت الطعام، ووقت الاستحمام، ووقت النوم) مع كلا الوالدين للحفاظ على سلامة الطفل. إذا كان ذاهبًا إلى مكان لرعاية الأطفال، فمن المُفضّل أيضًا ألّا يتغيّر كلّاً من وقت الوصول و وقت المغادرة, قدر الإمكان.
  • تأكّدي من أنّ طفلك لديه بطانيته أو كلبه أو لعبته المفضلة في كلّ من المكانين.
  • أعطه قطعة من الملابس, تفوح منها رائحتك، عندما يذهب إلى والده (والعكس).
  • اتركي صورةً للوالد في غرفة نومه, أو اترك صورةً للوالدة.
الحضانة المناسبة
freepik.com
دخول الحضانة وقلق الانفصال

إذا بدأ طفلك في الذهاب الى الحضانة خلال هذه الفترة، يجب أن يعتاد تدريجيًّا على غيابك. إليك بعض النصائح التي ستساعده على التعامل بشكل أفضل مع الموقف:

• قومي بزيارة المكان مسبقًا. ابقي معه الوقت اللازم لتتعرّفي على المكان وعلى الأشخاص هناك. بهذه الطريقة، عندما تتركينه هناك لأول مرة، لن يكون مكانًا جديدًا تمامًا بالنسبة له.

• لا تماطلي عند المغادرة. خذي لحظةً عانقي فيها طفلك وطمئنيه, أخبريه بأنّه في أيد أمينة ثم غادري. إذا بقيت هناك لفترة طويلة، فسيكون من الصعب عليه في الأيام التاّلية أن يفهم أنّك ستغادرين بسرعة. إذا كنت تريدين البقاء معه قليلاً، من الأفضل أن تقومي بذلك عند عودتك.

• ابدأي بتركه لفترات قصيرة في كلّ مرة، ساعة أو ساعتين في الأيام القليلة الأولى، ثم نصف يوم، وهكذا. سوف يعتاد طفلك تدريجيّاً على هذه البيئة الجديدة، وسوف تتضاءل ردود أفعاله و تفسح المجال أمام مشاعر متعة الاكتشاف.

• لا تغضبي منه إذا بكى أو تجاهلك عندما تذهبين لاصطحابه في المساء. انّه يحتاج إلى وقت للتكيّف مع عودتك, ومشاعره تصبح متضاربة ً في بعض الأحيان. ربما كان يومه جيداً، لكنه ربما كان شعر بالملل أيضًا. انتظري حتى يأتيك من تلقاء نفسه.

للتذكير
  • قلق الانفصال هو مرحلة تطوّر طبيعية عند الأطفال تبدأ في عمر 8 أشهر تقريبًا.
  • خلال هذا الوقت، يخاف طفلك من الغرباء ويخشى أن تتخلّي عنه. عندما لا يراك، يعتقد أنك ذهبت إلى الأبد.
  • يمكنك مساعدة طفلك على تخفيف القلق, من خلال منحه الكثير من المودّة و تعويده بهدوء على أشخاص ومواقف جديدة.
اترك رد