أمهات يدعين المثالية.. وتصرفات تفضح العكس تماماً

0

أمهات مثاليات :
دائماً أتحدث عن الأمهات بقدسية. كأن الأم كائن مثالي لا يخطئ. أقدر تعب وتضحيات كل أم وأدرك حجم المعاناة التي يعشنها. لكنني أتعرف مؤخراً على نوعٍ آخر من الأمهات، نوع مختلف لا يشبه النموذج الذي عهدناه من أمهاتنا، نموذج الأم الطيبة المضحية المناضلة الحنونة.

على الرغم من أنهن يدعينَ المثالية إلا أن تصرفاتهن غالباً ما تفضحهن. أمهات أنانيات لا يمتنّ للأمومة بصلة، ولا يقدّرن النعم التي يملكنها.

إبن صديقتي يعاني من صعوبات في التواصل، أصبح عمره خمس سنوات ولم ينطق كلمة “ماما” بعد. كانت تتحدث عن الأمر بمنتهى التأثر والحزن. كنتُ أشفق عليها كثيراً، وأحاول مساعدتها قدر المستطاع بأفكار تعلمتها ساعدت ابنتي التي تعاني من اضطراب طيف التوحد على التعبير وتوظيف الكلمات. إلى أن بدأتُ شيئاً فشيئاً أكتشف حقيقة مختلفة تماماَ عن تلك التي تحاول إظهارها!

أخبرتني أن ابنها استيقظ ذات مرة في الساعة الخامسة فجراً وبدأ يقول “ما ما ما”، وأنها ليست المرة الأولى التي يتصرف بها بهذه الطريقة. لكنها وجدت حلاً مثالياً على حد قولها! أقفلت الباب عليه بالمفتاح وبعد حوالي نصف ساعة توقف عن التمتمة وإحداث الضجيج!

صُعقت! وبدأتُ أصرخ عليها بانفعال شديد “أمجنونةٌ أنتِ؟ ابنكِ يحاول أن يناديكِ. يحاول أن يقول ماما! بدلاً من تشجيعه ودعمه تقفلين الباب في وجهه. أي نوعٍ من الأمهات أنتِ؟”. فأجابت باستخفاف “لا يحلو له المحاولة إلا في وقت نومي؟ يكفيني ما أبذله من مجهود طيلة اليوم. لستُ مستعدة للتضحية بساعات نومي أيضاً.”

تذكّرتُ أول مرة نطقت ابنتي “ماما” في الرابعة من عمرها، لكنها كانت تكرر الكلمة دون أن تتمكن من إدراك أنني أمها. وتذكرتُ كيف أمسكتني من يدي وقالت “ماما” في سن الخامسة من عمرها. وكيف حملتُها وبدأتُ أغني وأرقص وأقفز من السعادة. تذكرتُ محاولاتي اللامتناهية لجعلها تعلم أنني أمها، بأن أعرض عليها صورنا وقول أسمائنا، عبر الاختباء والطلب من زوجي أن يجعلها تقول “ماما” ثم الظهور عندما تناديني كي تعرف أنني أمها. عبر التحدث معها باستمرار دون توقف.

لم تكتفِ هذه “الأم المثالية” بذلك، بل في اليوم نفسه وأثناء إرسالها لمقطع صوتي عبر الهاتف، أجابت على محاولاته للتكلم وقول “ااااا” بهذه العبارة الكارثية “هذا الذي ينقصني؟ تتحدث كالخرسان (كالأبكم)! توقف عن إزعاجي!”.

لطالما كنتُ أبرر قولها إنها بدأت تكره طفلها ولم تعد تتحمله، بحجم الضغط النفسي الذي تعاني منه.

لكن لا! لا شيء يبرر تصرفات كهذه! مهما كان حجم الضغط النفسي والجسدي كبيراً، لا يحق لأي أمٍ أن تهين طفلها بهذا الشكل. أرسل لنا الله هؤلاء الأطفال أمانات، علينا كأمهات بناء أطفال سليمين جسداً ونفسياً ودمجهم في المجتمع.

ليت هناك اختبار لمستويات الأمومة قبل الحمل والإنجاب. ليت هناك قوانين تمنع المرأة الأنانية من الإنجاب. الأمومة تضحية وتفاني، لكن مع الأسف بعض أمهات اليوم يحملنَ أعظم لقب في الوجود، لقب “أم” دون استحقاق لهذا اللقب.

اترك رد