عصف العواطف الذي تمر به كل الأمهات، لكن لا يتحدث عنه أحد

0

عصف العواطف:
نحن لسنا سوى بشر من لحم ودم، نمر بأيام جيدة وسيئة، نرتكب الأخطاء، نحارب ألف شعور وشعور في حياتنا.والأمر ينطبق كذلك على الأفعوانية التي تمثلها الأمومة.

الأمومة أكبر بكثير مما نرى على مواقع التواصل الاجتماعي، أكبر بكثير مما يتم تبادله بصوت مرتفع، ومما يتم كتابته والتحدث عنه.

هناك الكثير من المشاعر والعواطف التي تفضل كل أم إخفاءها عن باقي “الأمهات الخارقات” القادرات على كل شيء اللواتي يهاجمنهن من جميع الجوانب.

نحن نخفي ذلك، لأننا نشعر بالخوف والخجل من أن تجعلنا هذه المشاعر نبدو أمهات غير صالحات. مع ذلك، معظم الأمهات يجتزن نفس عصف المشاعر وعدم الإحساس بالأمان ونفس التساؤلات، المسألة تكمن فقط بأن لا أحد يتكلم عن ذلك.

من الأسهل تصوير لحظة جميلة من يومنا وعرضها على منصات التواصل الاجتماعي.

إحدى تلك القصص المخفية التي تمر بها كل أم وتعيشها هي خسارة جزء من حياتها وهويتها وهي مشكلة تجتازها الأمهات بمجرد أن تصبحن أمهات.

بمجرد ولادة الطفل تفقد الأم جزءاً من حياتها السابقة لا يمكن استرجاعه، بكل بساطة لأننا نخسر الوقت والمساحة اللذان كنا نخصصهما لأنفسنا.

في هذا الوضع الجديد، يصبح من الصعب علينا أحياناً إيجاد الوقت للاستحمام، أو تخصيص وقت كبير لهواياتنا، أو لكل ما جعلنا نصبح ما نحن عليه اليوم.

بكل بساطة نحن نستثمر نسبة كبيرة من طاقتنا ووقتنا في أمور أخرى. العثور على أغاني جديدة لطفلنا، التعرف على مخاطر الكريمات التي يتم استخدامها للأطفال، وما إلى ذلك.

وفي نهاية يوم مكتظ بهذه الأنشطة وأمور أخرى، بمجرد أن ينام الطفل بدلاً من تخصيص وقت لأتفسنا، غالباً ما نفقد الوعي من شدة التعب.

ما هي الأمور التي لا تساعدنا؟

إنهن الأمهات الخارقات الأخريات اللواتي يظهرن على وسائل التواصل الإجتماعي وفي الأفلام والمسلسلات وغيرها من القصص الخيالية، واللواتي يلمسن الجميع بطريقة سحرية، ويبدون مثاليات من كل النواحي وغير معرضات لأي خطأ، يعرفن كل شيء ويبحثن عن كل شيء، كل الأمور تحت سيطرتهن ويومهن يبدو مثالياً.

يبدو لنا وكأنهن يملكن أكثر من 24 ساعة في يومهن. يمنحنا العيش في عالم افتراضي صورة خاطئة عن الواقع.

في الحقيقة، نشعر بأن باقي النساء يبذلن أقصى جهدهن أكثر منا كأمهات. كما لو أنهن عثرن على وصفة سحرية أشبه بمعجزة تؤدي إلى خلق التوازن بين الحياة المهنية والحياة العائلية والزواج والاعتناء بالذات.

غالباً ما ننسى أن ما نراه على انستغرام مثلاً ليس سوى وهماً. وخلف هذا الوهم تتخفى نفس خيبات الأمل والأكاذيب والإحباطات والمشاكل.

هؤلاء الأمهات يصطحبن اطفالهن أيضاً إلى المدرسة بملابس مبعثرة وشعر متسخ. وهؤلاء الأمهات أيضاً يطعمن أطفالهن بيتزا مجمدة على مدى 3 ليالي. هؤلاء الأمهات أيضاً يبكين من شدة التعب مساءً عندما يصبح المنزل أخيراً هادئاً.

ليس من الضروري إضفاء الطابع الرومانسي على كل شيء، وخلق صورة غير واقعية عن كل شيء.

غالباً ما نقوم بتصوير أجمل اللحظات والأوقات في يومنا وننشرها على مواقع التواصل الإجتماعي، لكن يجب أن نتذكر أن هذه ليست سوى مجرد لحظات صغيرة في يوم طويل.

نحن لسنا سوى بشر من لحم ودم، نمر بأيام جيدة وسيئة، نرتكب الأخطاء، نحارب ألف شعور وشعور في حياتنا. وهذا جيد.

نحن لسنا وحدنا من نعيش كل هذا، بغض النظر عن مدى تذمرنا بشأن بعض الأمور.

إن كل ما نمر به طبيعي. وبغض النظر إلى أي مدى تغيرت حياتنا وعاداتنا اليومية وجداول مهامنا اليومية بين ليلة وضحاها، لا يجب أن نعتبر كل ذلك على أنه مضيعة لأنفسنا.

لقد فقدنا بالتأكيد جزءاً من ذاتنا القديمة، لكننا عثرنا على الكثير من الأمور واكتشفنا الكثير وتحولنا إلى أشخاص جدد وكونا شخصيات جديدة.

premium freepik license
الأم.

بالتأكيد، في البداية، لم نكن ندرك ما الذي علينا فعله، وكنا نشعر بعدم الأمان.كنا نشعر أن الامهات الأخريات يفهمن كل شيء ويفعلن كل شيء بطريقة أفضل منا.

كنا نشعر بالخوف، لأن هذا الجزء من حياتنا تحوّل إلى محور اهتمامنا وتركيزنا الوحيد والفريد.مع ذلك، لا يجب أن نسمح لأنفسنا بالشعور بالإحباط لهذا السبب.

ما علينا فعله، هو البحث عن وسيلة لتقبل حياتنا التي لن تعود على الأرجح أبداً كما كانت في السابق. هذا لا يعني أنه لن يعود هناك الكثير من المتعة والمرح في حياتك.

نحن لم نخسر أنفسنا، نحن فقط في وضعية الانتظار بشكل مؤقت، ولكن سيحين دورنا ونعود إلى الساحة مجدداً. اعثري على وقتكِ ومساحتكِ الخاصة

سيكون لديكِ وقت للتنفس والعودة من حين لآخر إلى تلك الذات القديمة، التي أصبحت أخيراً ضرورية كي تشعر كل امرأة منا أنها حية وكاملة.

يُقال إن تربية الأطفال تتطلب تعاون قرية بأكملهأ.

صحيح أن هذه القرية اليوم هي تقريباً غير موجودة، وغالباً ما يتم تقليصها إلى شخصين فحسب، وبالتالي أصبحت التربية مهنة تتطلب الكثير من المتطلبات.

لهذا السبب، وعبر النظر إلى الامور من هذا المنطلق، فإن دفع هويتك بالكامل في كلمة “أمي” لفترة من الوقت وتربية طفل ناجح، جيد، وسعيد ليس كل ما يحدد هويتك ودورك.

كما أنه لا ينبغي لهذا أن يزعجك.

بل على العكس، يجب أن تنظري إلى هذا الدور على أنه مصدر فخرك الأكبر. لذلك، نقدم تحية تقدير ودعم لجميع الأمهات!

اترك رد