قصة مؤثرة: أبي بطلي
أبي بطلي:
لقد توفى والدي منذ فترة طويلة. لا زلت أذكر بكل وضوح ليلةً أمضيناها معاً في السيرك. جرت أحداث الخبر الذي سأحكيه لكم ونحن ننتظر شراء التذاكر. كانت تقف أمامنا أم وأولادها الستة. بالرغم من نظافة ملابسهم، كشفت هذه الأخيرة عن فقرهم الشديد. كان الأطفال يتحدثون بحماس شديد عن عروض السيرك التي سيشاهدونها ذلك المساء. استطعنا بكل سهولة أن ندرك أنه عرض السيرك الأول الذي يشاهدونه. سيكون هذا العرض بالتأكيد أبرز ما قد يقومون به في حياتهم.
كانوا يقفون أمامنا مباشرة بانتظار التذاكر. وصل حينها دورهم. سأل البائع الأم عن عدد التذاكر التي ترغب بشرائها، فأجابته:”6 تذاكر للصغار وتذكرة واحدة لبالغ”. أخبرها البائع عن السعر النهائي. تغيرت عندها ملامح المرأة التي كانت سعيدة لأنها تُفرح أطفالها. اقتربت عندها من البائع وسألته:”كم قلت؟”، ثم أخفضت رأسها وبدأت شفتها السفلية ترتعش. لم يكن معها المبلغ الكافي من المال. كيف لها أن تشرح لأطفالها الستة أنها لا تستطيع إدخالهم السيرك وهم بانتظار هذه اللحظة منذ أشهر عديدة؟
رأى والدي المشهد بكامله. أخرج 20 دولاراً من جيبه خفيةً وتوجه نحو البائع. بعد أن مر بالقرب من المرأة، انحنى ليلتقط نقوداً عن الأرض. وقف بعدها وقال: “اعذريني يا سيدتي، ولكنك أوقعت هذه النقود من محفظتك.”
فهمت المرأة ما يحدث فوراً. هي لم تكن تطلب صدقة من أحد، ولكنها كانت ممتنة للمساعدة الخفية التي قدمها والدي في هذا الموقف المفجع لأطفالها. نظرت مباشرة إلى عينيه ووضعت يده بيدها، وأغلقت يدها على ورقة الـ20 دولار والدمعة تسيل على خدها. ردّت عليه بصوت عاطفي:” أشكرك يا سيدي، أشكرك كثيراً. يعني ما فعلته الكثير لي ولأطفالي”.
بالرغم من أن أبي قد حاول التصرف سراً، لقد رأيته وهو يُخرج الـ20 دولاراً من محفظته، قبل أن ينحني ويتصرف وكأنه يلتقطها عن الأرض. لم نتحدث معه بالموضوع قط. إن صمته التام حول هذا الموضوع، يجعل ما قام به أعظم حتى. الآن، لقد أصبح لدي أطفال وأنا أحاول أن أكون خير مثال لهم، تماماً كما كان والدي تلك الليلة وفي مناسبات عديدة أخرى.