إذا كان أطفالي لا يرضيهم شيء .. ماذا علي أن أفعل؟
أطفالي لا يرضيهم شيء:
الأهل الأذكياء يحبون أطفالهم دون قيد أو شرط، لكنهم مع ذلك يضعون بعض الشروط المعقولة.
ليس من الجيد ألا يطلب الأهل أي شيء بالمقابل. لا تدعوا أحداً يعتبركم أمراً مسلماً به، حتى لو كانوا أطفالكم.
تبدو الصورة المثالية في الواقع على النحو التالي: يمنح الأهل كل شيء بدافع الحب، ويتلقى الطفل الحب بامتنان.
لذلك الجميع سعداء، إنها صورة مليئة بالانسجام تملأ قلب الجميع. وتميل هذه الصورة إلى الاستمرار وإضفاء أجمل الألوان على الحياة.
ما الذي نتحدث عنه فعلياً عندما نتحدث عن الأطفال الممتنين ؟
أنا لا أظن أنه على الأطفال أن يتحدثوا بلطف أو يشكروا أهلهم على كل وجبة طعام يتم تقديمها. لكن عليهم أن يتعاملوا مع أهلهم بحب واحترام.
ففي الواقع، على الطفل أن بظهر لأهله أنه واعٍ لما يمنحونه له وأن يقدر جهودهم وتضحياتهم.
هنا، علي أن أبتعد عن فكرة أن على الأطفال أن يقوموا بداعي الإمتنان بعيش حياة تتناسب مع أهلهم وأن يصبحوا مجرد كائنات تلبي توقعات هؤلاء الأهل.
مثل هذه الحالات تمثل اضطرابات خطيرة في سياق العلاقة الصحية السليمة.
كيف تعرفون إذا كان هذا هو الوضع الذي تعيشونه مع أطفالكم؟
يكون الانسجام والتوافق بينكم وبين أولادكم بالتأكيد في خطر عندما:
- يقارن الطفل أمه أو أبيه بباقي الامهات أو الآباء الذين “يقدمون مستوى خدمة أعلى”.
- يضغط الطفل على والديه للحصول على المزيد من المال
- يستخدم كلمات مثل “إنه واجبك”، “عليك”/ أو “إنه خطأك لأنك أنجبتني”.
- لا يهتم بواجباته، ينفق الكثير من المال وبتوقع الكثير من والديه.
- الطفل الذي يفكر بأن افضل جزء من قطعة اللحمة يجب أن تخصص له.
- لا يأبه إذا ما تبقى ما يكفي من الطعام لوالده (الذي يعود متأخراً من العمل)
لا بهتم إذا عرف أن والدته ترتدي أحذية ممزقة، بينما يحصل هو دائماً على أحدث الأحذية الرياضية العصرية.
كيف يمكنكم الرد على تصرفات كهذه؟
في هذه الحالة، لا يمكن إعادة التوازن إلى العلاقة إذا قدم الوالد المنسحب استنتاجاته الخاصة وأصر على الامتنان. وبشكل أدق في حال أصر على أنه يجب أن يتم كسب كل شيء في هذه الحياة. سواء كان ذلك عبر العمل، أو من خلال طرق أخرى يتم تجميلها.
إذا كنتم تشعرون بأن طفلكم يتعامل معكم كأنكم محبرون على القيام بكل شيء، وأنه يتصرف بطريقة فظة ووقحة، ويتعامل معكم كأنكم خدم أو عبيد، لا تترددوا لحظة!
توقفوا عن كل شيء وأصروا بدلاً مما تقومون به على مبدأ المعاملة بالمثل، أي على مبدأ التوازن بين ما نمنحه وما نحصل عليه. لا تمنحوا شيئاً سوى حين يقدم لكم أطفالكم شيئاً.
حضرتم لهم وجبة الغذاء، يجب أن يشكروكم ويقوموا بتنظيف الأطباق.
هل هو تصرف ينمّ عن غرور وأنانية بعض الشيء منكم؟ لا! إنه أفضل شيء تستطيعون القيام به لأجل طفلكم، وكذلك لأجل أنفسكم.
وإلا ستغرقان معاً.
تخسرون شعور الرضى أثناء تأدية دوركم كأهل وتبدأون بالشعور أنكم مجرد وسيلة لا أكثر. ويخسر طفلكم فرصة أن يصبح شخصاً طيباً نبيلاً ومحباً.
ما الذي يدفع بعض الأهل إلى تقبل هذا النوع من المعاملة؟
السبب الأكثر شيوعاً هو الشعور بالذنب أو عدم الكفاءة، إنه شعور يجعل الأهل يتوقفون عن تقدير أنفسهم ويستحقون بالتالي أن تتم معاملتهم بازدراء.
إلا أن الحقيقة هي ان لا أحد يستحق هذا.
دائماً تكون المعاملة بالمثل فيما يتعلق بالأخذ والعطاء مهمة جداً، وإلا فسيفقد العطاء جماليته، وستتراجع الرغبة بالاستمرار في العطاء على المدى الطويل، وستتحول التضحية بدافع الحب إلى تضحية سببها الضعف وسينقلب كل شيء رأساً على عقب.
أدوار الحياة، وأدوار الأبوة والأمومة تصبح مخفية بالنسبة لكل من يشهد مثل هذا الوضع غير الصحي. لا تسمحوا بأن يُداس على أجمل وأنبل ما فيكم كحبكم لأولادكم، ولا بأن يتم تهميش هذا الدور والتقليل من شأنه
ما الذي عليكم فعله إذا كان أطفالكم غير راضين عن أي شيء؟
يمر كل والدين إلى حد ما بعدة فترات تبدو فيها لامبالاة الطفل واضحة. كأن يقول طفلكم “هل هذا كل ما حصلت عليه في عيد ميلادي؟” بعد أن يقوم بفتح مجموعة كبيرة من الهدايا…
أو كأن يقول: “حياتي مملة جداً، أنا لا أقوم بأي شيء ممتع” خلال عودته إلى المنزل بعد قضاء يوم ممتع في الحديقة…
تبدأون بالشعور باليأس.
فبينما من الطبيعي أن يمر جميع الأطفال بفترات يصبح فيها إحساسهم بالاستحقاق واضحاً، نجد أن مطالبهم تزداد دون أن يشعروا بالرضى، إلا أنكم تريدون التأكد من أن عدم رضى طفلكم لن يستمر مدى الحياة.
إلبكم هذا الخبر السار؛ في حال كان طفلكم يتصرف بعدم امتنان أكثر قليلاً مما تتمنون، فإن استراتيجيات الانضباط هذه يمكن أن تساعده على أن يصبح أكثر امتناناً:
1- عندما بتصرف طفلكم بعدم امتنان، تحدثوا عن الموقف بهدوء ولكن بحزم.
عندما تسمعون طفلكم يقول أو يفعل شيئاً مظهراً بعض الجحود وعدم الامتنان، تحدثوا معه عن الأمر.
تجنبوا قول أمور مثل “توقف عن التصرف بطريقة طفولية والتذمر” بدلاً من ذلك، كونوا واضحين محددين في كلامكم دون أن تسيئوا لطفلكم.
يمكنكم مثلاً قول “إن البكاء لأنك لم تحصل على المزيد من الهدايا هو تصرف جاحد ويعبر عن عدم امتنان. تصرف أصدقاؤك وعائلتك بلطف بما يكفي لشراء هدية لك بينما لم يكونوا مضطرين لذلك.”
أشيروا باستمرار إلى المواقف والتصرفات التي تظهر جحوداً لمساعدة طفلكم على التعلم.
2- علموا طفلكم التعاطف مع الآخرين.
يحتاج الأطفال إلى المساعدة لفهم كيف يؤثر سلوكهم على الآخرين. يمكنك القيام بذلك عن طريق تعليمهم كيفية التعاطف مع الآخرين بشكل مسبق.
تحدثوا مع طفلكم عن مدى تأثير كلماته أو سلوكه عليكم.
يمكنكم مثلاً قول “عندما تقول إنك لم تفعل شيئًا ممتعاً، فهذا يحزنني. فأنا أحاول أن أحرص على أن نقوم بالكثير من الأمور الممتعة معاً كالذهاب إلى الحديقة أو اللعب.”
عندما تقرأون الكتب أو تشاهدون التلفاز معاً، توقفوا واسألوا طفلكم عن شعور بعض الشخصيات وفق المواقف التي يمر بها الممثل.
اطرحوا أسئلة مثل “برأيك ما هو شعور هذا الطفل عندما قال أخوه هذه الكلمات؟ “. ساعدوا طفلكم على تحديد الكلمات التي تعبر عن المشاعر وتسميتها.
3- قدموا الامتيازات عندما يستحقها طفلكم فقط.
إن غمر طفلكم بأشياء مادية وملذات لا حصر لها سيفسده. لا يمكن للأطفال أن يكونوا جاحدين تجاه ما يمتلكونه ما لم نقم بمنحهم الفرصة لكسب امتيازاتهم.
قوموا بربط الإمتيازات، مثل وقت مشاهدة التلفاز أو استخدام الأجهزة اللوحية وتاريخ القراءة، بالسلوك الجيد. لا تخلطوا بين الرشوة والمكافأة أبداً.
إن قول “تفضل هذه الكرة لك، والآن تصرف بطريقة جيدة” هو رشوة.
بينما عند تقديم المكافأة يمكنكم قول “لقد كنت لطيفاً حقاً، لقد كنت تستحق الحصول على كرة» إن رشوة الطفل لن تؤدي إلا إلى زيادة السلوك الجاحد لديه.
بينما طريقة المكافآت سيتساعده على الشعور بالرضا عن إنجازاته، وسيحترم امتيازاته أكثر عندما يبذل مجهوداً فعلياَ لكسبها.
4- اتخاذ إجراءات للتعبير عن الامتنان.
هناك العديد من الإجراءات التي يمكنكم اتخاذها لتعزيز الامتنان لدى الأطفال. يعد تبني سلوك تعبرون عبره عن الامتنان من أهم الخطوات التي يمكنكم اتخاذها.
- تحدثوا بشكل دائم عن كل الأشياء التي يجب أن تكونوا ممتنين لأجلها كل يوم.
- عبروا عن امتنانكم لحصولكم على أشياء من الطبيعي والسهل أن تحصلوا عليها، مثل امتلاك مياه للشرب.
- أسسوا عادات عائلية مشجعة وتعزز الامتنان.
- قوموا بإنشاء وعاء شكر حيث يكتب كلاً منكم كل يوم شيئاً واحداً يشعر بالامتنان لأنه لديه. بعد ذلك، حددوا تاريخاً معيناً كرأس السنة الجديدة مثلاً، واقرأوا جميع الأوراق. أو اعتادوا على التحدث عن الامتنان كل يوم في وقت الخلود إلى النوم أو حول مائدة العشاء.
- اسألوا الجميع “ما أفضل ما حدث معك في نهارك اليوم؟ “.
- ثم ناقشوا سبب امتنانكم للأمور الجيدة التي حصلت في هذا اليوم.
5- ركزوا على مساعدة الآخرين.
- ساعدوا الآخرين بطريقة منتظمة.
- اصطحبوا طفلكم معكم عند مساعدة جار أكبر سناً أو امنحوه الفرصة لمساعدتكم في تحضير وجبة لشخص يحتاج إلى المساعدة.
- أو بإمكانكم أيضاً أن تجعلوا طفلكم يشارك في الأعمال الخيرية.
- علموه أنه ليس أصغر من أن يساعد الآخرين.
تساهم مساعدة الآخرين عند الحاجة في تراجع النظرة الأنانية لدى طفلكم. كما أنكم بهذه الطريقة ستتمكنون من تشجيع التعاطف، مما يقلل من احتمالية أن يكون طفلكم غير سعيد.