هوس الصورة عند المراهقين: هل الأمر خطير حقاً ؟

0

هوس الصورة عند المراهقين: هل تتذكّر كيف كنت تتواصل مع أصدقائك في بداية الألفيّة الثانيّة؟ ساعات تمضيها على الهاتف ودفق من الرسائل الالكترونيّة ورسائل خطيّة في بعض الأحيان (نعم، نعم!). إنه هوس حقيقي… إنما من دون صورة.

وظهر الهاتف الذكيّ، فتم اكتشاف الرسائل النصيّة القصيرة ورسائل الفيديو ومجموعات الواتساب. وجعلنا التقنيات الجديدة جزءاً من حياتنا اليوميّة بكل فخر، كلٌ على طريقته، معتقدين أننا أصبحنا بذلك “عصريين”.

لكن أولادنا المراهقين انتقلوا إلى المرحلة الأعلى منذ زمن طويل من دون أن ندرك ذلك. فلم يعد هؤلاء يتواصلون إلا عبر تطبيقات جديدة تنبت كالفطر.

والنتيجة هي هوس بالصورة يقارب عبادة الشخصيّة، مع لغة غير مفهومة على الدوام.

انتهى عهد الأقلام ليحل محلها الهاتف الذكيّ! وعدم امتلاك المراهق لهاتف ذكي يعادل ألا يمتلك هاتفاً محمولاً.

صور متحركة أو ايموجي أو سنابشات أو انستغرام: أصبحت هذه الأدوات الصغيرة كلها في صلب حوارات المراهقين. ومما لا شك فيه أنّ واضعيّ هذه البرامج ومطوّريها لا يفتقرون إلى المخيّلة والعبقرية لجعل تطبيقاتهم أكثر جاذبيّة. نلتقط صورة ونأخذ سلفي ثم نضيف رموزاً متكلّمة ولغة مختصرة وتنتهي المسألة.

تتماشى الطبيعة الفوريّة للتواصل مع الدفق المستمر الذي يملأ الانترنت وقد بيّنت أنّ المراهقين لا يمضون أكثر من 30 ثانية على كل منشور. وأدرك المراهقون هذا جيداً ففضّلوا أن يعتمدوا الاختصار ولفت النظر لضمان حدّ أقصى من العائدات.

أما اللغة وقواعدها فأصبحت في خبر كان، فأصبحنا الآن نرى “omg” للاستهجان، و”lol” للضحك و”irl” في الحياة الواقعيّة و”tmtc” أنت نفسك تعرف، ما يتطلّب معجماً حقيقياً.

فالهدف بالنسبة إليهم في نهاية الأمر، هو أن يتميّزوا عن عالم الراشدين عبر اعتماد لغة مشتركة.

premium freepik license
استخدام الصورة لتأكيد الشخصيّة

إذن، تسمح الصورة بالتواصل ببساطة وسرعة وفوريّة أكبر. إنها تمثّل أيضاً الطريقة الوحيدة للتحدّث (أو جعل الآخر يتحدّث) عن الذات ولتأكيد شخصيّة الفرد الخاصة.

وكثرة صور السلفي ليست في الواقع سوى سعيّ حقيقي للحصول على اعتراف، لنيل القبول، لاكتساب الثقة بالذات، وحتى إثارة الغيرة في بعض الأحيان. باختصار، إنها محاولة لحجز مكان على الانترنت.

علينا ألا ننسى أنّ مراهقينا يجب أن يتقبّلوا التغييرات التي تحدث في أجسادهم. إن كنّا في الماضي نقضي وقتنا أمام المرآة لنكتشف البثور القبيحة أو غيرها، فإن مراهقينا يفعلون الأمر نفسه اليوم… إنما أمام الهاتف الذكي.

ولا تتعلّق المسألة بالفتيات وحسب! إن كانت الفتيات مهووسات بوزنهن بشكل خاص، فإن الفتيان مشغولون بنحت أجسادهم عبر ممارسة رياضة كمال الأجسام. وحتى لو شعر معظم المراهقين في نهاية الأمر أنهم مرتاحون في أجسادهم، فسرعان ما يصبح الظهور في أبهى حال في الصورة هوسيّ.

ما الدور الذي يجب أن نلعبه كأهل؟

هذا الهوس بالصورة سلاح ذو حدّين كما تعلمون من دون شك، ويجب أن نبقى حذرين للغاية ومتنبّهين للأحاديث المبادلة بين المراهق والانترنت بشكل عام. ولا يتردد البعض في تعريض صحتهم للخطر من أجل الوصول إلى الكمال أو على العكس من ذلك ينطوون على أنفسهم لاعتقادهم بأنهم لن يتمكّنوا أبداً من جعل الآخرين يتقبّلونهم.

مما لا شك فيه أنّ التحقق من كل ما يجري على هاتف ابنك المراهق أمر مغر، إلا أنّ هذا التطفّل على حياته الخاصة ليس بالطريقة الصحيحة لمقاربة الموضوع. من الضروري أن نقدّم كأهل دعماً حقيقياً وأن نقيم حواراً حتى وإن بدا هذا معقّداً في مثل هذه السن.

نعم، إنّ ابنكم يكبر وقد ابتعدنا عن الوقت الذي لم يكن مطلوباً منكم سوى أن تعلّموه كيف يرتّب غرفته. لا بد من أن تأخذوا بعين الاعتبار هوسه بالصورة لتساعدوه على أن يشعر أنه يتقبّل نفسه وأنه سعيد!

أخيراً، تذكّروا أيضاً أنّ غرفة المراهق هي مرآة تعكس صورة روحه.

ما الذي يعكس صورة ابنكم المراهق؟ لا تترددوا في مشاركتنا آراءكم في التعليقات.

اترك رد