طفلي تصبح تصرفاته أسوأ عندما يكون معي…لماذا ؟
نظرية التعلق
أنا واثقة من أنك عشت هذه التجربة… تتركين طفلك لدى جليسة أطفال أو مربيّة وعندما تعودين لاصطحابه تقع الكارثة فهو لا يتعاون ولا يصغي إليك… وتعانين الأمرّين…
وتأتي هنا الجملة القاتلة من المرأة التي تعتني بطفلك: “لكني لا أفهم ما يحصل له! فهو لطيف جداً معي!”
إذن، ما الذي يحصل مع طفلك؟
أنت لست أيّ شخص… أنت الشخص الذي يُعدّ رمز التعلّق الرئيسيّ بالنسبة إليه، أنت أمه.
ورمز التعلّق هذا هو أساس الأمان بالنسبة إلى الطفل حيث يلجأ إليه عند الحاجة.
“عند الحاجة”
وهذا يعني عندما يشعر طفلك بالتعب أو الجوع أو عندما يعاني من الإحباط والضيق أو بعد أن يكبت مشاعره طيلة النهار، يشعر الطفل بالثقة في حضور رمز تعلّقه الرئيسيّ. بالتالي، يمكن أن يتصرّف بشكل مبالغ فيه وغير مناسب معك لأنك الشخص الذي يثق فيه والذي يشعر معه بالأمان، أنت المرجع الذي يمكنه أن يفرغ مشاعره وانفعالاته وأعبائه العاطفيّة أمامه.
أنت تحبينه حباً غير مشروط… يمكن أن يسمح لنفسه بأن يُظهر أسوأ ما فيه، فأنت ستبقين هنا دوماً لمساندته.
إذن، إذا أجهش طفلك بالبكاء عند عودته من المدرسة أو أظهر غضباً شديداً لأنّ قطعة الحلوى الخاصة به وقعت أو لأن أخاه أخذ إحدى ألعابه على سبيل المثال… فتخلي عن فكرة النزق…
لعله تعرّض لموقف ضايقه جداً خلال النهار وهو يفرغ ما في داخله من توتر وضغط بعد أن أصبح معك، أيّ في محيطه الآمن وليس في محيط عدائيّ أكثر.
قد يصعب عليك التعامل مع سلوكه بعد أن تراكمت التوترات والضغوطات في داخلك أنت أيضاً طيلة اليوم… تنفّسي بعمق لبضع ثوانٍ، واشربي كوباً من الماء، أعيدي الصلة بمشاعرك الداخليّة وتوجّهي بعدئذ للتعامل مع طفلك…
إذا أفرغ ضغوطاته، فسيحتاج إلى تواصل جسديّ أو إلى نظرة تفهّم وتعاطف في بادئ الأمر.
زوّدتك بالعناصر الأساسيّة التي تسمح لك بأن تنظري إلى طفلك من زاوية مختلفة..
لمَ عليك أن تنظري إلى طفلك بشكل مختلف؟
لماذا؟ لتكون علاقتك به هادئة ومسالمة…
أصبحت تعرفين الآن كافة العناصر التي تسمح لك بأن تنظري إلى طفلك من زاوية مختلفة.
ستنمّين الآن ما نسميه العطف أو التعاطف.
تنميّة التعاطف
والتعاطف هو “القدرة الغريزيّة على أن نضع أنفسنا مكان الآخر، وأن ندرك ما يشعر به.” وهي صفة انسانيّة جميلة جداً.
قد لا توافقين على سلوك طفلك لكنك تظهرين رغم ذلك تعاطفك معه.
ويتطلّب هذا أولاً معرفة العناصر التي أتيت على ذكرها سابقاً. ستبذلين بعض الجهد لتنفتحي على طفلك لتريه من منظار جديد. بعدئذ، ستفهمين أنّ السلوك الإشكاليّ للطفل يخفي خلفه سبباً كامناً. ستتقبّلين سلوكه بشكل أفضل حتى لو لم تعرفي ما هو السبب في حينه.
لكن، ولكي تتمكني من تنميّة الشعور بالتعاطف، من المهم بالتأكيد أن تنظري إلى طفلك بعين مختلفة. لكن لا بد أيضاً من:
- أن تشعري بالتعاطف مع نفسك: ولهذه الغاية، من المهم أن تتقبلي مشاعرك الخاصة بشكل صحيّ.
- أن تملئي خزانك العاطفيّ الخاص: عبر إحاطة نفسك بأشخاص مهمين بالنسبة إليك، وعبر الاعتناء بنفسك…
إنّ اعتماد مقاربة متعاطفة في تربية طفلك لن تجعل منه طاغية صغيراً… فالطاغيّة هو من لا يشعر بأيّ تعاطف اتجاه الآخرين. إذا تربى بتعاطف، فستنمو هذه الصفة الحسنة لديه بشكل طبيعيّ أكثر.