كيف نفكّ رموز مشاعر الأولاد ونفهم سبب تصرفاتهم؟
رموز مشاعر الأولاد:
عندما لا يتمكّن الولد من التعبير عن شعور داخلي قويّ، فسيميل إلى تمويهه، إلى تحويله إلى بدائل أخرى (يمكن أن يكون فستاناً أو كلباً كما يمكن أن يكون أيضاً الواجبات المنزليّة أو الأخ الأصغر سناً…). يجد الولد أيّ حجة ليتمكّن من تفريغ طاقته فيصبح من الصعب على الأهل أن يحددوا الشعور الحقيقي الذي يشير إلى الحاجة الحقيقيّة.
تشير الأخصائية التربوية جاين نيلسن إلى وجود أربعة أهداف سراب يميل نحوها الأطفال عندما يشعرون بالإحباط. وتوصف هذه الأهداف بالسراب لأنها تستند إلى اعتقادات خاطئة صاغها الطفل في ذهنه (على سبيل المثال: أنا مهم بالنسبة إلى أمي إن اهتمت بي أنا وحدي فقط أو لا أشعر بالانتماء إلى المجموعة إلا إذا كنت زعيمها).
يقضي دورنا كأهل بأن نجد الوسائل لكي نفهم ما يحاول الولد أن يقوله لنا بطريقة غير مباشرة وأن نفكّ رموز سلوكه لنعود إلى الحاجات الأساسيّة.
إذا استمر سلوك ما على الرغم من صراخكم المتكرر والقصاص والتفسير والشرح فهذا يعني أنكم لم تجدوا ما يحاول الصغير الحصول عليه والذي غالباً ما يعتبر أنّ المكسب أو الفائدة منه أكبر بكثير من كل التأنيب الذي يتعرّض له.
جواب ايجابيّ ومشجّع من الاهتمام الإيجابي (بحسب الأهداف السراب الأربعة)
في كتابها التربيّة الايجابية، تقدّم جاين نيلسن بعض الخيوط بحسب الأهداف السراب الأربعة التي يلاحقها الطفل:
1- استرعاء الانتباه ليقول “لاحظوا وجودي”، “أشركوني”
أشركوا الولد في مهام مفيدة تجعله يتحمّل المسؤولية
يمكن أن تفعلوا ذلك عبر جمل مثل “أحتاج إليك/إلى مساعدتك ل….”، “لن أتمكّن من أن أفعل كذا من دونك”.
أما بالنسبة إلى الطفل الذي يرفض أن يمسك بيد أمه في الشارع أو المتاجر، فلمَ لا نترك له الخيار؟ إذا أردتما أن تجتازا الشارع، فاسأليه: “هل تفضّل أن تمسك بيدي أو أن تسير أمامي إنما من دون أن تركض؟” أو “هل تفضّل أن تمسك بيدي أو بيد أبيك/لعبتك/جدتك…؟”
يمكنك أيضاً أن تحمّليه مسؤوليات صغيرة في المتاجر (أن يجلب غرضاً معيّناً، أن يجري مسحاً لمعرفة ثمنه، أن يحمل غرضاً ما طيلة فترة التبضّع…)
- ضعي خطة لأوقات الاهتمام الحصريّة وغير المشتركة
- اعتمدي إشارات، رموز غير لفظيّة
- غمزة مثلاً لتقولي له “أنا أفكر فيك”، وضع اليد اليمنى على القلب لتقولي له “أحبك”.
- قولي ما لديك مرة واحدة وافعلي ما عليك أن تفعليه/عودي إلى ما كنت تفعلينه
يمكنك أن تستخدمي جملاً مثل “أنت مهم بالنسبة إليّ/ أحبك وسأقضي بعض الوقت معك لاحقاً.”
والوعد دين: إذا وعدته ببعض الوقت الحصري معه في وقت لاحق، فافعلي ذلك (… وإلا يمكنك أن تشطبي هذه الوسيلة من صندوق الأدوات المتاحة لك!).
2- فرض السلطة ليقول “دعوني أشارك”، “أعطوني خيارات”.
استخدمي بحكمة فترة الاستراحة/الوقت المستقطع
لا نعني هنا أن “تضعي الطفل في الزاوية” أو أن ترسليه بسلطة إلى غرفته حتى يهدأ بل أن تتقبّلي أنّ لا فائدة من البحث عن الحلول في خضم الخلاف أو النزاع. يجب شرح وقت الاستراحة أو الوقت المستقطع على أنه وقت العودة إلى الهدوء، بما أنّ الهدوء هو الشرط المسبق لحلّ أيّ خلاف.
تقترح جاين نيلسون حتى أنّ ينشئ الأولاد مساحتهم الخاصة لهذا الوقت: كيف يكون شكلها وما الذي سيفعله الولد فيها (يرسم؟ ينام؟ يقرأ؟ يمارس الرياضة؟). يمكن للأم/الأب أن تطرح عندئذ السؤال التالي: “ما الذي يمكن أن يساعدك أكثر: أن تذهب لتستعيد هدوئك في فترة استراحة أم تشعر بأنك قادر على أن تغيّر سلوكك على الفور؟”. ويمكن للأم/الأب أن تقترح على الصغار جداً أو الأولاد الأكبر سناً الغاضبين جداً إن كانوا يرغبون في أن يواكبهم أحد.
تُعتبر فترة الاستراحة/الوقت المستقطع مرحلة يليها حلّ للنزاع يقوم على التعاون بعد أن يستعيد الجميع هدوءه (نعم، نعم، بما في ذلك الأهل… الذين يمكنهم أن يستفيدوا من فترة الاستراحة/الوقت المستقطع أيضاً!).
- اعترفي بأنك لا تستطيعين أن تجبريه بل أن تطلبي منه المساعدة
- قدّمي له خيارات محددة ومناسبة.
هذا ما أفعله في أغلب الأحيان مع ابنتي: هل أساعدك على ارتداء ملابسك أم ترتدينها وحدك؟ هل أبدأ من الأعلى أم من الأسفل؟ أتفضّل أن تضع أدوات المائدة أم الكؤوس؟
- قرري ما ستفعلينه أنت وليس ما ستجعلينهم يفعلونه
بالتالي، وبدلاً من أن تطلبي من ولدك أن يضع غسيله المتسخ في سلّة الغسيل (عليه هو أن يفعل شيئاً)، أكّدي له أنك لن تغسلي سوى الغسيل الموجود في السلّة. إنها قاعدة حازمة، حاسمة، غير قابلة للتفاوض ويعرفها الجميع. يبقى الأهم أن تتمسّكي بها.
دعي الروتين والطقوس تسود
لنأخذ على سبيل المثال تنظيف الأسنان، اختاري مع طفلك أغنيّة تدوم ما بين دقيقتين وثلاث دقائق. ستكون هذه الأغنيّة أغنية الأسنان: الإشارة إلى موعد تنظيف الأسنان ووقت التنظيف الذي ينبغي احترامه. ولعل الأفضل هنا هو أن يختار أولادك الأغنية بأنفسهم!
0 الانتقام ليقول “ساعدوني”، “أنا أعاني في داخلي”.
استخدمي الإنصات الإيجابيّ والمشاعر المعكوسة
يسمح الإنصات الإيجابيّ بالاعتناء بمشاعر العذاب والألم التي يحملها ولدك، وبمشاركته مشاعره، وبإظهار أننا نحسّ بأننا معنيون، وبألا نشعر بأننا مستهدفون شخصياً وبأن نقرّ في نهاية الأمر بمسؤولياتنا ونتحمّلها.
أتذكّر أنّ ابنتي كانت ترسم ملصقات قبل أن نتناول الطعام فسألتها ونحن نجلس إلى المائدة ما إذا استمتعت بوقتها وما هو لون ملصقاتها وإن كانت ترغب في تقديمها لأحد ما. فشعرت حكماً بالرغبة في أن تحضرها لتريني إياها. كبتت رغبتي في أن أقول لها بأن تبقى مكانها ولا تنهض عن الطاولة… إنما كان يتوجّب عليّ أنا ألا أحدّثها عن ملصقاتها. لقد أثرت في داخلها رغبة لا تقاوم ومنعها من الذهاب لإحضارها يمكن أن يتحوّل إلى مأساة عائليّة. أخيراً، عادت سريعاً إلى الطاولة، فنظرت إلى الورقة ووصفت الألوان والأشكال التي رأيتها ثم طلبت منها أن تضعها خلف الطاولة كي نتمكّن من تناول الطعام من دون أنّ تصل إليها أيّ بقع. النتيجة: وجبة انتهت بشكل جميل!
- شجّعي نقاط القوة
- مارسي أوقات تبادل الأحاديث بين أفراد الأسرة لإجراء الحوارات والنقاشات
أوقات تبادل الأحاديث ضمن العائلة هي “فرصة منتظمة ومخطط لها تمتد من 15 إلى 30 دقيقة في الأسبوع لتتعلموا أن تتواصلوا معاً بشكل ايجابي، وأن تركّزوا معاً على الحلول التي تسهّل متعة العيش معاً وأن تطوّروا المهارات الاجتماعية الضرورية لكي يتفتح كل فرد من أفراد الأسرة بشكل كامل.”
4- تعزيز قناعته بعجزه ليقول “لا تتخلوا عني”، “مدوا لي يد العون”
- علّموا الولد المهارات من دون أن تقوموا بالعمل بدلاً منه
- حددوا مراحل وسطيّة
إنه مبدأ الخطوة تلو الخطوة أو منهج كايزن (التحسين المستمر). يجري التحسّن أو التقدّم على مراحل أيّ مرحلة تلو الأخرى لأننا ننطلق من مبدأ أنّ ليس هناك مهمة كبرى لا يمكن تقسيمها إلى مهام عدة فرعيّة أصغر. يمكن لمنهج كايزن أن يساعدك في الحياة اليوميّة، سواء في مسألة الواجبات المدرسيّة أو في ترتيب الغرفة.
• وضع الولد في حالة نجاح
لا ينبغي أن ينحصر إدراك الولد بما يفلح فيه في المدرسة فقط بل يجب أن يدرك أيضاً ما ينجح في فعله خارجها (يعرف كيف يرقص الهيب هوب، تتقن لعبة كرة السلة، يجيد العزف على البيانو، تجيد القيام بحركة تباعد الساقين، يجيد إعداد قالب من الحلوى وحده، تعرف كيف تغيّر اللمبة وحدها، سجّل هدف الفوز، ساعدت صديقتها في إنهاء العرض الشفهي…)
يمكن تسجيل هذه النجاحات والانتصارات في كتيّب للنجاحات يعود إليه الطفل لكي يستعيد ثقته بنفسه.
يسمح النجاح والتقدّم في مجال خارج الدراسة بأن يمنح الولد قيمة إضافية. ويتم الإحتفاء بكل نجاح وتسجيله في الكتيّب.
• تشجيع كل مبادرة في المنزل وخارجه
إنّ تثمين النجاحات يزيد من قيمة الطفل: حتى لو حصل على درجة سيئة في المدرسة، ثمّنوا ما أنجزه، والتمارين التي نجح في إنهائها بشكل صحيح، والتقدّم الذي حققه مقارنة مع الامتحان السابق.