قصة الطفل الذي رفضه والده والمدرسة والمجتمع.. والحياة! (قصة واقعية)

0

قصة الطفل الذي رفضه والده والمدرسة والمجتمع.. والحياة! (قصة واقعية)

تبدأ القصة من إعلان الأم عن حملها بالطفل الخامس، واعتراض الزوج بسبب الأوضاع المادية المتردية.. وبدء المشاكل.
بعد الكثير من المشاكل بين الزوجين، حاولت الأم مراراً القفز عن السرير وحمل أشياء ثقيلة للإجهاض والتخلص من طفلها. لكنها لم تنجح. بعد ذلك تعرضت لنوبة صرع خلال فترة الحمل عجزت فيها عن الحركة للحظات ودخلت إلى المستشفى بسبب جدال حاد مع زوجها.

وُلِدَ سامر، وعاش حياةً عادية كباقي أخواته. لاحظت الأم أن الوالد يعامله بطريقة مختلفة عن باقي إخوته، وحاولت مراراً أن تحميه وتُجنبه ملاحظة ذلك. لكن الطفل كان يلاحظ.

تم تسجيل الطفل في مدرسة رسمية للصبيان بعد أن كان مستواه مقبولاً في مدرسة خاصة، فالوالد لم يعد قادراً على تحمل العبء المادي. وهنا بدأت الكارثة. طفلٌ مهذب، تربى في بيئة مهذبة، لا يدرك كيف يدافع عن نفسه، لا يعلم أن في هذا الكون أشخاص أقرب للحيوانات من البشر، تمّ نقله فجأة إلى مدرسة لا نظام فيها ولا انضباط أخلاقي.. وتدمّرت حياته بأسرها هناك.

بداية التراجع في الدراسة والتعنيف من قِبَل الأب


بدأت علاماته تتراجع. ويتهرب من الذهاب إلى المدرسة. بدأ الوالد يغضب، ويظهر كرهه للطفل ورفضه له أكثر بأكثر. إلى أن بدأت معالم العنف تظهر، عنف كلامي ومع الأسف عنف جسدي أيضاً، عدا عن عنف التمييز. هذا الوالد كان طيباً وحنوناً جداً مع بقية الأولاد، وهنا الكارثة الأكبر. لم يكن يظهر أي سلوكٍ عنيف في تصرفاته مسبقاً.
إلى أن أغلق الباب ذات يوم على سامر وهو في الحادية عشر من عمره وبدأ بضربه بالحزام وهو يصرخ “أنتَ طفلٌ فاشل، أنتَ غبي، لِمَ ولدتَ أساساً؟” وكان إخوته يصرخون ويطلبون من الأب فتح الباب والأم تحاول خلعه دون جدوى. ثم فتح الباب، وخرج وهو يبكي، ورحل من المنزل. في نفس اليوم طلبت الأم الطلاق، لكن الوالد اعتذر وطلب فرصةً أخرى.

إلى أن اعترف سامر ذات يومٍ لوالدته “أمي، إنهم يرمون حقيبتي على الأرض ويسخرون مني، ويقولون إنني غبي، وذات يومٍ أغلقوا عليّ باب الحمام وحاولوا لمسي لكنني دفعتهم وهربت.. هم يحاولون مضايقتي كل يوم.. أرجوكِ لا أريد الذهاب إلى المدرسة”.
وافقت الأم فهي لا تريد أن يفوّت طفلها السنة الدراسية، ووعدته أن تغيّر المدرسة في السنة المقبلة. تباً لتلك السنة الدراسية، لقد دفع سامر ثمنها الفشل في كل مراحل حياته اللاحقة.

في اليوم التالي تكلَمت الأم مع مدير المدرسة ووعدها أن يكلم أهل الأطفال الذين يتنمرون على طفلها، وألا يتعرض له هؤلاء الأطفال مجدداً. أتى الوالد لاصطحاب إبنه كالعادة، فتأخر الطفل في الصف، كان ينقل المعلومات عن اللوح، فقد كان أبطأ من زملائه في الكتابة. غضب الأب كثيراً. وبمجرد أن نزل سامر من الصف أمسك به من قميصه وصفعه أمام زملائه وقال له “ألم أقل لكَ لا تتأخر كي لا يتعرّض لكَ زملاؤك؟ لِمَ لا تصغي إلى كلامي؟”. وأخذ زملاءه يتهامسون ويضحكون عليه.

نقطة التحوّل في قصة الطفل الذي رفضه والده

صعد سامر في السيارة دون أن ينبس بكلمة، ملامحه جامدة، لم يبك، لم يصرخ، والوالد يتكلّم ويتكلّم دون لحظة صمت، ودوي الكلمات يقع على قلب سامر كالصاعقة. ففتح الباب لينزل من السيارة وهي تسير، لاحظ الأب ذلك، فأمسك إبنه وأغلق الباب، وصمت. كاد ابنه أن ينتحر. عمّ الصمت لدقائق، ثم نظر سامر إلى والده وقال “اعلم أنني طفلك الصغير، وأنا مَن سيبقى معكَ حين يرحل الجميع من المنزل.. لا تجعلتي أكرهكَ أكثر”.

صُدِمَ الأب، أوّل مرة يرد سامر على والده. كلماتٌ كأن مَن يقولها شخصٌ راشد، فيها معاني عميقة جداً. لو تفكّر المرء بتفاصيلها لانفجر بالبكاء. طفلٌ في الحادية عشر من عمره وصل به الألم أن يطلب من والده ألا يجعله يكرهه أكثر بتصرفاته.

في اليوم نفسه، جلس الوالد يتكلّم عن طفله الفاشل أمام أخيه (عم الطفل)، وكان سامر نائماً على الأريكة ويسمع كلّ شيء، كل كلمة. استيقظ من نومه “المفتعل” تعثّر ووقع. فصاح الأب “ما بكَ؟ ألا تنظر أمامك؟”. مرت ثوانٍ ووقع الطفل أرضاً وتجمّد جسده، إنها نوبة صرع. جلست أخته تبكي وتصرخ في زاوية الغرفة “هل أخي مات؟ ما به أخي؟ لمَ عيناه بيضاوان؟ لِمَ لا يتحرّك؟ لِمَ يرتجف هكذا؟”. أمسكت الأم إبنها وبدأت تصرخ في الأب “اذهب من هنا، أخرج من حياتنا”.
اتصلوا بالدفاع المدني ونُقِلَ سامر إلى المستشفى. وبدأ يتناول دواءً للصرع. كانت ترتجف يده قبل النوبة، ثم يقع ويفقد الوعي. فأصبح يعرف متى سيمر بهذه اللحظات المميتة.

اعتذار الوالد بعد فوات الأوان

منذ ذلك اليوم، تغيّر سلوك الوالد مع ابنه. لقد كانت الصدمةقويةً إلى حدّ أن الوالد ظل يلوم نفسه على وضع إبنه طيلة حياته لكن بعد ماذا؟ بعد أن خسره بكل ما للكلمة من معنى.
لا داعي لذكر ما سببه كل هذا من أثر سلبي على حياة سامر، الذي امتهن الفندقية في نهاية المطاف، وفشل في كل الوظائف وكل العلاقات الاجتماعية نتيجة انعدام ثقته بنفسه، رغم محاولة إخوته الكبيرة لمساعدته على الانخراط في المجتمع، دون جدوى.
والد سامر اعتذر منه قبل أن يموت، وطلب منه السماح. سامر سامح والده. لكن ما الجدوى؟ فهو اليوم يبلغ الثلاثين من عمره، غير متزوج، عاطل عن العمل، يعاني من نوبات كهرباء في الرأس لكن بنسبة أقل بكثير بعد أن أصبح يتناول دواءً بانتظام.. وما زال مقتنعاً أنه شخص فاشل، شخص غبي، شخص لا يستحق الحياة.. كما قال والده.. كيف له ألا يقتنع بذلك، هذا ما قاله والده، والآباء لا يكذبون..

إذا أعجتكم قصة الطفل الذي رفضه والده من موقع التربية الذكية، لا تترددوا في نشرها، علّ هناك مَن يسلك درب والده فيتّعظ قبل أن يندم.

اترك رد