المراهقون والخجل: كيف تساعدونهم في التغلب عليه

0

المراهقون والخجل:
كانت تحدثني وفي صوتها شيء من الخجل ..ممن ؟ من ابنها .. نعم من ابنها .. قبل أن تخبرني ما القصة ظننت أن هناك شيئاً كبيراً .. ولكن بعدما فتحت لي قلبها واسترسلت بالحديث اكتشفت أنها تخجل من ابنها لأن شخصيته ضعيفة وهو خجول جداَ.. سألتها: “أو أليس معظم المراهقين مثل ابنك يشعرون بالخجل.. الخجل شيء طبيعي في هذا العمر.. ففي هذه المرحلة لا يعود أولادنا أطفالاً ولم يصبحوا كباراً راشدين؟

يبدو أن كلماتي طمأنت قلبها وشعرت أن ابنها ليس وحده من يعاني من الخجل فأخذت تحبرني أكثر عن ابنها وعن طريقة معاملة والده له وكيف أنه يهينه ويقول له :”عليك أن تكون رجلاً قوياً واثقاً من نفسه”

هززت رأسي وفكرت في الأذى الذي نتركه نحن الأهل في أطفالنا بدون قصد .. لا شك أن زوجها لا يقصد ن يؤذي طفله بل غايته أن يجعله أقوى وأشجع.. ولكن هذا الأب لم ينتبه أنه يزيد الطين بلة وأنه بإهانته لابنه وكثرة انتقاده سيزيد المشكلة ويفاقمها. فلماذا يكون معظم المراهقين خجولين؟

في هذه المرحلة العمرية هناك كل العوامل الظرفية التي تؤدي الى الخجل. فعلى سبيل المثال تخلق تأثيرات البلوغ قابلية للتأثر بالمظهر الجسدي الذي قد يؤدي إلى الإعراض عن التواصل مع اقرانه من المراهقين. او ربما بكل بساطة يحاول المراهق في هذه المرحلة العمرية مقارنة نفسه بالآخرين.. إن الشباب الذين “يكرهون” مظهرهم يحاولون اخفاء أجسادهم بشكل ما تجنباً لأن ينظر إليهم الآخرون. او تحاول الفتاة التي لا تشعر بالرضا عن التغييرات التي طرأت على جسدها إخفاء جسدها بالملابس الواسعة. غالباً ما ينشأ الخجل من الوعي المؤلم بالذات

كما يشعر العديد من المراهقين بالخجل من البالغين والسبب ان البالغين يصبحون معياراً للإنسان الناضج. فتكون النتيجة ان يتجنب المراهق البالغين لأنه يشعر بالضيق والإحباط عندما يكون معهم.

الاستثناء الوحيد الذي نراه هو لدى المراهق الذي يكون وحيد والديه. فهذا المراهق تم تكوينه اجتماعيًا ليتصرف كشخص بالغ من خلال رفقة اهله. لذا غالبًا ما يعتبر هذا المراهق نفسه مساوياً لأهله كما يكون قد كوّن صداقات مع أصدقاء أهله طوال طفولته. الثقة الاجتماعية في التعامل مع البالغين هي إحدى الفوائد الشائعة للطفل الوحيد. ومع ذلك ، فإن هذه الراحة مع البالغين يمكن أن تخلق أحيانًا مصدرًا آخر للخجل : الشعور بعدم الانسجام مع رفاقه الذين هم في مثل سنه. “أنا أتفق مع البالغين أفضل مما اتفق مع من هم في مثل سني” “الأطفال الآخرون لا تعجبهم نكاتي ومزحاتي كما يفعل كبار السن”

حتى المراهقون في المرحلة الأخيرة ليسوا محصنين ضد الخجل.

على سبيل المثال ، فلنأخذ طلاب الجامعات الجدد ، الذين لا يعرفون أي شخص في الحرم الجامعي ، والذين يجب عليهم الذهاب إلى الحفلات إذا كانوا يريدون مقابلة أشخاص. في سبيل التخلص من هذا الشعور بالضيق قد يلجأ المراهق الى الكحول ليشعر بالانفتاح في التعامل مع الآخرين .. الخجل موجود في كل مراحل المراهقة.

premium freepik license

ثم هناك الخجل المرتبط بالمزاج الذي يتولد من افتقار الشخص الى الثقة بالنفس ومن محدودية قدرة هذا الشخص على المحادثة اضافة الى القلق من المجتمع .. هذه العناصر الثلاث تؤدي الى تجنب المراهق للتفاعل الاجتماعي الذي يرغب فيه الشاب بالفعل. يمكن أن يصبح الخجل أسوأ عدو للمراهق.. فالشعور بالخجل يجعل المراهق يتصرف بخجل الامر الذي يزيد الطين بلة.

إن مثل هذه الأفعال مثل إبقاء الآخرين على مسافة ، والبقاء صامتاً ، وعدم إلقاء التحية على الناس ، والغمغمة عند التحدث إليهم ، وتجنب التواصل بالعين ، واختيار الجلوس بمفرده ، أمور تمنع المراهق من المشاركة في التفاعلات الاجتماعية التي يخشاها ويفوتها.

ثم هناك تفسير الاخرين لسلوك المراهق الخجول واصفين إياه بأنه شخص غير اجتماعي.

من الامثلة على ذلك تلك الطالبة التي قررت الخروج من عزلتها وخجلها عبر اتخاذها قراراً بالانفتاح على رفاقها في المدرسة الجديدة .. وقد نجحت في القيام بذلك ، ولكنها كانت متفاجئة مما كان يصفها به رفاقها السابقون.

“في المدرسة الإعدادية ، ظنوا أنني متعجرفة. هل يمكنك تصديق ذلك؟ ظنوا أنني كنت ابتعد عنهم لانني اشعر بأنني أفضل منهم. ظنوا أنني ارفض أن أفعل أي شيء معهم .. قد يظهر للآخرين تصرف الطفل الخجول على انه لامبالاة منه تجاه الاخرين او شعوره بأنه متفوق عليهم او معاد للمجتمع”.

يمكن أن يكون الخجل المرتبط بالمزاج مكلفًا خلال فترة المراهقة لا سيما حين يصبح عدوًا للنمو الاجتماعي. يمكن أن يؤدي التصرف الخجول باستمرار في مرحلة المراهقة إلى تقييد الأداء الاجتماعي في مرحلة البلوغ. لذا ، إذا رأى الآباء أن ابنهم المراهق منبوذ للغاية أو منعزل أو وحيد أو حتى منسحب عن الآخرين، ماذا يمكنهم أن يفعلوا؟

من مهمات الاهل التفكير في كيفية إشغال المراهق اكثر بما يحدث الآن.. لذلك يمكنهم أن يقولوا ، “نحن نعلم أن الانفتاح على الآخرين ليس بالأمر السهل لك ولكن بذل الجهد امر يستحق منك العمل عليه”

عليك محاولة التعامل مع الناس والتفاعل معهم والتحدث اليهم. فالتواصل الاجتماعي من المهارات التي ستحتاجها في السنوات القادمة “.

premium freepik license
لتشجيع هذا النمو ، يجب على الآباء أن يحترموا أربعة مخاوف شائعة تساهم غالبًا في خجل المراهقين
  • الخوف من أن تكون معروفًا. “أنا لا أحب لفت الانتباه إلى نفسي. أفضل مراقبة ما يجري فقط.
  • “الخوف من الإحراج. “لا أريد أن أفعل أو أقول أي شيء قد يعتبره الآخرون غبيًا. أفضل عدم المشاركة.”
  • الخوف من الرفض. “لا أريد أن أتواصل مع الآخرين فيتجاهلونني أو يشيحون بوجوههم عني. أفضل الابتعاد عن الجميع.”
  • الخوف من أن تكون عاجزًا عن التعبير . “لا أريد أن أبدأ الحديث وأن اتلعثم . أفضل الا أقول اي شيء.”

عادة ما يتطلب التعافي من الخجل التغلب على الخوف. يحتاج الآباء إلى التوضيح لأولادهم أن معظم الناس يعانون في بعض مراحل حياتهم من الخجل. في الواقع، يمكنهم التحدث معهم عن المرحلة التي عانوا هم فيها من الخجل، وكيف شعروا، وكيف وجدوا الشجاعة للتغلب على مخاوفهم

يتطلب التعافي من الخجل شجاعة اتخاذ القرار غير المنطقي. على الرغم من الشعور بالخوف، يجب أن نختار التصرف بثقة وانفتاح وعدم الخوف.

اترك رد