لماذا يجد الأهل صعوبة في تربية أولادهم؟
تختلف الحياة اليوم عن الحياة بالأمس .. فاليوم تغيرت الكثير من المفاهيم وحتى المبادئ ومسؤوليات كل من الرجل والمرأة..
متطلبات مفرطة تسبب للأهل صعوبة في تربية أولادهم
يحمل آباء وأمهات اليوم متطلبات عالية جداً على عاتقهم. المرأة العصرية ليست مجرد ربة منزل: فهي تريد بناء مستقبل مهني، وتكريس بعض الوقت لهواياتها أيضاً. كما أنها تريد في الوقت نفسه أن تكون أماً صالحة دون التضحية بأي من هذه المجالات.
أما بالنسبة للرجل العصري، فليس من المهم فقط بالنسبة إليه إعالة أسرته، ولكن من المهم أيضاً أن يشارك بشكل فعال في تربية الأطفال وفي الحياة الأسرية متماشياً مع مبدأ المساواة مع الأم.
ونتيجة لذلك، بدأ عدد مهام الأمهات والآباء الصغار يزداد وبدأت وتيرة الحياة تتسارع. حتى أنا، بصفتي أم عصرية، مررتُ بفترة كنت خلالها أرضع طفلي رضاعة طبيعية وأرد على رسائل البريد الإلكتروني الخاص بالعمل في الوقت نفسه.
لا يزال هناك نموذج من سلوك “الأبوة كواجب”، حيث يُنظر إلى التزامات الأبوة على أنها مرتبطة بالحياة المهنية فقط. وحيث يصر الجيل القديم على أنه: يجب على المرأة أن تكون مسؤولة عن التربية وعلى الرجل أن يهتم بالشؤون المالية.
تملي صور الأمهات على وسائل التواصل الاجتماعي أن تعطوا أنفسكم الأولوية.
هذا التناقض في الرأي يؤثر سلباً على النساء. تتزايد المخاوف تحت الضغط وتهدد الصحة العقلية أكثر فأكثر.
يحاول الأمهات والآباء الوصول وتلبية مطالبهم الخاصة بالإضافة إلى المطالب التي يفرضها المجتمع، وفي طريقهم إلى ذلك لا يتعلمون تفويض الأمور أو إيكال بعض المسؤوليات لأشخاص آحرين. إن تسليم بعض المسؤوليات التربوية، بالطبع ليس كلها، لأشخاص آخرين هو قرار منطقي يخفف من حدة الضغط على الوالدين.
من الناحية النفسية، إنه خيار مريح للغاية، كما يصبح لدى الطفل خيارات مختلفة. عملية كهذه ستجنبكم التأخر على العمل أو في تعليم الأطفال. حتى أنها ستساعدكم في إيجاد وقت لممارسة هواياتكم والاعتناء بأنفسكم.
تبدل وتغير في القيم
يسعى الأهل المعاصرون إلى تحقيق التوازن في كل شيء: واضعين في الاعتبار أخطاء والديهم ورأيهم واحتياجات الطفل ورأي الأقارب والخبراء. لكن لا يمكن لأحد إرضاء الجميع كما أن هناك صراع داخلي.
ونتيجةً لذلك، تزداد مشاعر القلق واحتمال الإصابة بالاكتئاب لدى الوالدين والأطفال. يسبب الأجداد أيضاً المزيد من الضغط: “كيف فعلنا ذلك؟ لقد كنا نتدبر أمرنا مع خمسة أطفال بدون مربيات وكنا نعمل في مصانع، وقد كان المنزل نظيفاً دائماً، وكنا نهتم أيضاً بأعمال الزراعة؟ »
لا تهتم أم الأطفال من الجيل الجديد بتلبية احتياجات الطفل فقط، ولكنها تهتم بنفسها أيضاً. لقد سمحت لنفسها بالتفكير أنه من الطبيعي عدم تحقيق كل شيء وأنه ليس من الضروري القيام بكل شيء بطريقة مثالية.
يعتبر تجنب المثالية أمراً مفيداً للصحة العقلية لكلا الوالدين. والطفل الذي لا يتعرض للحماية المفرطة والذي لا يُسمح له بكل شيء، يتعلم التعرف على العالم من حوله بحرية أكبر.
إن الخوف من عدم قضاء ما يكفي من الوقت مع الأطفال يخلق شعوراً بالذنب. مما يجعل الأهل بتخلون عن جزء مما يسمى الواجبات. يجعل تفويض بعض المسؤوليات التربوية العديد من الآباء والأمهات الصغار يشعرون بالذنب، لأن هذا يعني أنهم “لا يفعلون كل ما يلزم القيام به من أجل أطفالهم”.
ولكن شيئاً فشيئاً، يبدأ الآباء والامهات المعاصرون مع مرور الوقت بإدراك أن تفويض المسؤوليات يؤمن احتمالات. القدرة على الحصول على بعض الراحة وتقليل التوتر والاعتناء بالذات. لأنه إذا كان الوالدان يشعران بالسعادة، فإن الأطفال سيكونون سعداء أيضاً.
من الجيد تفادي المثالية لحماية الصحة العقلية والنفسية للوالدلين.
لكن لماذا لا يستطيع الأهالي الصغار تحمل مسؤولياتهم كآباء وأمهات ولماذا يجدون صعوبة في تربية أولادهم؟
مع تغير الأجيال، تتغير منظومة الأبوة والأمومة أيضاً. الأهل الصغار – أعضاء من الجيل أ و ب – يصبحون أكثر وعياً، أكثر تعاطفاً وأكثر حساسيةً وتفهماً.
على الرغم من ذلك، لا يجد الأمهات والآباء الجدد سبيلاً لمواجهة المسؤوليات التربوية. لِمَ يحدث هذا الأمر بكثرة، ولماذا يُعد أمراً طبيعياً؟
الكثير من المعلومات
لدى الأهل اليوم مصادر بديلة للمعلومات. ليسوا بالتالي مجبرين على الاعتماد فقط على تجارب الأجيال السابقة. في السابق، كان كل أفراد الأسرة والأقارب يشاركون في تعليم الأطفال.
أما اليوم، فعدد قليل من الأهل لديهم هذه الفرصة. بينما يربي الآخرون أطفالهم بمفردهم متفهمين أن: العالم من حولنا يتغير وتجارب أجدادنا لا تساعد دائماُ.
مع إمكانية الوصول المجاني والسهل إلى المعرفة وبعد أن أصبح الإنترنت متاحاً للجميع، لا يعد هذا الأخير دائماُ مصدراُ موثوقاُ للمعلومات. بالتالي يجب على الأهل أن يتمتعوا بحس نقدي وأن يستمعوا لبعضهم البعض. ولهذا السبب، أصبح هناك حاجة إلى مزيد من الدراسة لمختلف المناهج التربوية وتقنيات التعليم للتمكن من الحفاظ على التوازن بين العمل والأسرة.
وعلى الرغم من ذلك، من المهم أن يفهم الأهل أنهم ليسوا قادرين على كل شيء وأن ليس عليهم بالضرورة معرفة كل شيء – إذ هناك أشخاص مخصصين وأفضل لبعض المهام. إن لم يكن لديكم الوقت للبحث بأنفسكم عن معلومات، وكلوا المهمة لأشخاص آخرين.
يمكن للأطفال أن يحصلوا على المساعدة والمعرفة وتطوير مهاراتهم بتوجيه خبراء في هذه المجالات. على سبيل المثال، تبدو فكرة خلع أسنان الطفل اليوم في المنزل فكرة غريبة – يذهب الأطفال لزيارة أطباء الأسنان للقيام بذلك.
بالنسبة للتحضيرات والاستعدادات المدرسية، الدراسات الإبداعية والبدنية والنفسية، فالأمر مماثل أيضاً – بإمكانكم اللجوء إلى المختصين.
تفرض الحياة المهنية والروتين اليومي الكثير من الأمور والالتزامات على الأهل الصغار. على الرغم من وعيهم واستقلاليتهم، على هؤلاء الأهل أن يتغيروا ويتكيفوا مع الواقع العصري الحديث.
لم يعد نموذج الأبوة والأمومة السابق منسجماً مع متطلبات الحاضر، والآباء والأمهات الصغار ليسوا أقل قدرة على توقع المساعدة من أحبائهم. لهذا السبب هم يتعلمون أن يثقوا ببعضهم البعض، ولكن يتعلمون أيضاً توكيل بعض المسؤولية للمربيات ومعالجي النطق والمعلمين.
يفهم الأهل أنه ليس هناك طريقة مثالية في تربية الأطفال، لكنهم يحاولون التعامل مع هذه المشكلة بوعي وبطريقة عاطفية. وهذا جيد. أوكلوا بعض الأمور للآخرين، ثقوا بأنفسكم، ولا تكونوا قاسين مع أنفسكم.